أكرم حمدان – خاصّ الأفضل نيوز

على مسافة ساعات من انعقاد القمة العربية الطارئة في المملكة العربية السعودية، ربما من المفيد والضروري التذكير ببعض المواقف والمحطات المهمة التي يُفترض أن تسود في كواليس هذه القمة التي تأخرت كثيراً على نداءات أطفال ونساء وشيوخ وأبناء غزة التي يرتكب فيها مجرمو العصر أكبر وأبشع مذبحة في التاريخ، بينما من يدعي الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان في العالم الغربي، و يدعي الرقي والحضارة، يدعم بشكل فاضح وعلني ما يقوم به إرهابيو العصر في الكيان الصهيوني الغاصب.

لا شك بأن المواقف الشجاعة لتونس والجزائر والمظاهرات الشعبية العارمة والمتواصلة فيهما ضد العدوان الصهيوني على غزة، وكذلك مواقف دول كولومبيا وبوليفيا والهندوراس وفنزويلا والتي طردت سفراء الكيان الصهيوني وقطعت علاقاتها به، وغيرها من الدول التي ساندت الحق الفلسطيني، والشعوب التي عبرت ولا تزال على مستوى العالم عن دعمها وتضامنها مع الشعب الفلسطيني، تستحق وقفة تأمل ومراجعة وتمحيص من قبل بعض الدول العربية والإسلامية التي ما زالت تتعامل مع الكيان الصهيوني أو تسعى إلى تطبيع العلاقات معه. والذين يخافون على دورهم وموقعهم وعلى كراسي الحكم، نُحيلهم إلى الموقف المشرف لدولة الكويت ولا سيما التوصيات التي أقرها مجلس الأمة وتبنتها الحكومة والتي طالبت الدول العربية والإسلامية المطبّعة مع العدو الصهيوني بقطع علاقاتها مع الكيان الغاصب.

لقد طالبت تلك التوصيات بمنع استخدام أراضي الكويت أو أجوائها لشن أي هجوم على الشعب الفلسطيني، وملاحقة أي محاولات نشاز للتواصل مع الكيان المحتل، تطبيقاً لمرسوم إعلان الحرب مع العصابات الصهيونية وقانون مقاطعة "إسرائيل" القائمين ،وملاحقة رئيس وقادة الكيان الصهيوني في المحافل الدولية كمجرمي حرب، ودعم الشعب الفلسطيني بكل وسائل الدعم وتأييد كفاحه ضد الإحتلال لنيل حقوقه كاملة.

ودعت التوصيات الـ13 التي صدرت بعد جلسة عُقدت في الأول من شهر تشرين الثاني الحالي، إلى إنشاء صندوق إعادة إعمار غزة ودعم صمودها، ودعوة الحكومات وغرف التجارة ورجال الأعمال لدعم هذا الصندوق وتفعيل المقاطعة مع الكيان الصهيوني. 

وطالبت بتأسيس "مدينة الكويت الإنسانية " في قطاع غزة بمرافقها السكنية والتعليمية والصحية اللازمة لدعم صمود الأهالي ومنع تهجيرهم .

كما طالبت الحكومة الكويتية باتخاذ كافة الإجراءات الدبلوماسية للعمل على الوقف الفوري للعدوان الصهيوني، وحماية المدنيين، ورفض التهجير وتكرار النكبة.

ودعت هذه التوصيات كل الحكومات والبرلمانات العربية والمسلمة، للانسجام مع مواقف الشعوب الحرة في الكويت وحول العالم عبر اتخاذ قرارات فعلية وخطوات عملية في كسر الحصار ودعم النضال ورفض التطبيع مع الكيان الصهيوني الإجرامي المحتل، وفتح المعابر جميعها وإيصال المساعدات.

وطالبت الحكومة القيام بالإجراءات الرسمية للمِّ شمل المعلمات والمعلمين الفلسطينيين في الكويت مع أهاليهم العالقين خارج غزة والمحاصرين داخلها بأسرع وقت، ودعت وزارة الصحة للتنسيق مع وزارة الخارجية لترتيب عاجل ونافذ لاستقبال المصابين خاصة من الأطفال والنساء في مستشفيات الكويت.

إن المطلوب من القمة العربية الطارئة التي ستعقد في السعودية هو أن تخرج بقرارات شبيهة بالمواقف الكويتية بالحد الأدنى، قرارات تستجيب لنبض الجماهير العربية، وتستعيد شيئا من الكرامة للنظام الرسمي العربي، هذه الكرامة التي هدرها العجز والتخاذل أمام مشهد الإبادة الجماعية التي يرتكبها المجرمون الصهاينة في غزة بدعم مباشر وسافر من الولايات المتحدة الأميركية وعدد من الدول الأوروبية التي تدعي حماية حقوق الإنسان وهي جميعها تدعم الإبادة التي تحصل بحقِّ الإنسانية في غزة.

إن هذه المواقف المشّرفة ليست غريبة عن دولة الكويت، أميرًا وحكومة وبرلمانًا وشعباً، في كل مراحل الصراع العربي الإسرائيلي، فالكويت كانت على الدوام نصيرة للشعب الفلسطيني ونضاله من أجل إحقاق حقوقه، مثلما كانت نصيرة للشعب اللبناني، وكل قضية حقّ عربية، وقلعة عربية خليجية منيعة على كل رياح التطبيع.

إن ما صدر عن مجلس الأمة الكويتي وما سبق وأطلقه رئيسه السابق مرزوق الغانم دفاعا عن الحق الفلسطيني في المحافل البرلمانية الدولية، يجعله بحقٍّ مجلساً للأمة العربية قولاً وفعلاً لأنه يُعبر في هذه المواقف عن نبض الشارع العربي من المحيط إلى الخليج.