أكرم حمدان - خاصّ الأفضل نيوز

منذ أيام كتبتُ مقالاً عن مجلس الأمة الكويتي بوصفه مجلساً للأمة فعلًا وقولاً نظراً للمواقف والتوصيات التي أقرَّها وأصدرها بشأن العدوان الهمجي الصهيوني على غزة والمذابح التي تُرتكب هناك بحق الشعب الفلسطيني.

وتمنيتُ، لا بل طلبتُ ألا تقِلَّ نتائج القمّتين العربية والإسلامية في الرياض عن مستوى مواقف مجلس الأمة الكويتي بالحد الأدنى، ولكن هل فعلا كانت نتائج هاتين القمّتين اللتين جمعتا 57 دولة وزعيم عربي وإسلامي ربما للمرة الأولى، على مستوى التّحدي وما يجري في غزة؟؟

لقد اختلفت القراءات لحجم وطبيعة البيان، فهناك من رأى فيه أنه أفضل من بعض الكلمات التي ألقيت في المؤتمر وأن النتائج لن تتعدى كونها حركة إعلامية إبراءاً لذمة غير موجودة، سيما وأنها لا تستطيع تحويل مواقفها إلى فعل وتتحوّل إلى حركة مطلبيّة كما أن الحديث عن حلّ الدولتين وعن المبادرة العربية وعن المسار السلمي يوحي مدى تأثير التطبيع والذل والانصياع للمعلم الأمريكي.

وهناك من رأى أن غزّة لا تعني العرب، وأن العرب بالسرّ غيرها بالعلن، والقمة العربية الإسلامية انتهت لخلاصة مفادها ترك غزّة لله، والفصل منذ اليوم الأول للأرض والأرض مقاومة، والإسرائيلي مهزوم ومُنهك، والأمريكي تحت الأرض بسبب النار التي تتساقط على قواعده، والزعامة الأمريكية بالشرق الأوسط انتهت، والعدّ العكسي للحرب بدأ و"إسرائيل" خسرت الحرب.

كما أن صيغ "الإدانة" و"المطالبة" و"الدعوة" التي ضجّ بها البيان الختامي توحي وكأن البيان صادر عن هيئة غير ذي صلة بما يجري من مجازر بحق الشعب الفلسطيني في غزة والضفة، لا عن اجتماع 57 دولة، بدت من خلال بيانها وكأنها لا تملك شيئاً، ولا تقوى على شيء، سوى المناشدة والمطالبة.

وربما كان الأكثر جرأة ووضوحاً في التعليق على نتائج القمة، النائب السابق وليد جنبلاط الذي كتب على منصة "X" قائلا: "بعد انعقاد مؤتمر الدول العربية والإسلامية والذي لم ينجح حتى في فتح معبر رفح وفي انتظار تدمير ما تبقى من مستشفيات في غزة وقتل من فيها وبعد رفض استخدام سلاح النفط كما جرى في ١٩٧٣ وبعد عجز سحب السفراء من "إسرائيل" أقترح وقف الدعوة لمؤتمرات القمة وحل الجامعة العربية".

في المقابل، هناك من رأى أن القمة نجحت بمجرد جمعها ٥٧ دولة حول طاولة واحدة لهدف أوحد ولكلمة سواء، وهذا النجاح يجب أن يتم استثماره والبناء عليه لتوحيد الكلمة وإعلاء شأنها وتمكينها من الانتصار على منطق الحديد والنار في الحرب الدائرة في غزة، والتي يدفع ثمنها الشعب الفلسطيني المقهور والمسلوب الإرادة.

وبين الحديث عن إبراء الذمة غير الموجودة في الأصل والحديث الكاذب في العروبة وفي الدين، يبقى أهالي غزة وفلسطين يدفعون ضريبة الدم والدفاع عن الحق والأرض والعرض.

وتبقى مطالبة القمة لمجلس الأمن الدولي بفرض وقف العدوان ووقف تصدير الأسلحة والذخائر إلى سلطات الاحتلال وكل ما ورد في بنود البيان الختامي، وخصوصاً الطلب من المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بدء تحقيق فوري في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها "إسرائيل" ضد الشعب الفلسطيني، وإنشاء وحدة رصد قانونية متخصّصة مشتركة توثّق الجرائم الإسرائيلية المرتكبة في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023، وتعد مرافعات قانونية حول جميع انتهاكات القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني التي ترتكبها "إسرائيل"، السلطة القائمة بالاحتلال، ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وباقي الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، على أن تقدم الوحدة تقريرها بعد 15 يومًا من إنشائها لعرضها على مجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية وعلى مجلس وزراء خارجية المنظمة، وبعد ذلك بشكل شهري.

كذلك، إنشاء وحدة رصد إعلامية مشتركة توثِّق كل جرائم سلطات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني ومنصّات إعلامية رقمية تنشرها وتعرِّي ممارساتها اللاشرعية واللاإنسانية.

يبقى كل ذلك رهن بالإرادة والعزيمة وصلابة المقاومين في الميدان، وتحركات أحرار العالم في كل الساحات والميادين والتي ستفرض معادلة التغيير في التعامل مع الحقوق، وتفرض على القادة اتخاذ قرارات حاسمة تُفرض على العدو وداعميه وليست تمنيات ومطالبات.