اخر الاخبار عائلة آل حرفوش تنفي اتهامًا لها بالأخذ بالثأر / عبد اللهيان يجدد موقف بلاده من قضية النازحين السوريين / شكري: أثيوبيا تتمادى! / وزير الخارجية السعودية: نقف إلى جانب الشعب اللبناني وندعو لإصلاحات شاملة / علييف: عمليّاتنا العسكرية خلقت ظروفًا أفضل للسلام / الجيش اللبناني: زورقان إسرائيليّان خرقا المياه الإقليمية / الجيش الإسرائيلي يستهدف موقعًا لحماس في غزة / تجدّد التظاهرات للأسبوع الـ38 على التوالي في "تل أبيب" ضد التعديلات القضائية / بعد ظهورها "عارية" في شتورة.. هذا هو مصير العاملة الأثيوبية / "رغم مضايقات مولوي".. "القومي السوري" يحيي احتفال خالد علوان غدًا / جيش الاحتلال يشنّ غارة على مواقع لحماس في قطاع غزة / شبان يشعلون النيران في أحراش معسكر لجيش الاحتلال الإسرائيلي قرب قرية بدرس غرب رام الله / بخاري: واثقون من إرادة وتطلعات الشعب اللبناني ونريد لـ "لبنان" أن يكون كما كان وأن يستيعد تألقه ودوره الفاعل بين دول المنطقة / بخاري من وسط بيروت: لطالما أكدنا أن الاستحقاق الرئاسي في لبنان شأن داخلي ومن الضروري الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية / بخاري في اليوم الوطني السعودي الـ93: نزداد فخرًا لما وصل له بلدنا من نجاحات والمملكة حريصة كل الحرص على أمن واستقرار المنطقة / سماع دويّ انفجار شرق مدينة غزة / طوني فرنجية: نتمنى للمملكة في هذا العيد المزيد من النجاح وعلينا في لبنان التفكير بكيفية نقل البلد إلى مكان أفضل كما فعلت السعودية / هنري خوري: نأمل من المحيط مساعدة لبنان لإعادة البلد إلى ما كان عليه سابقًا / قصف مدفعي يستهدف نقطة رصد للمقاومة شرق خان يونس / إصابتان بالرصاص المطاطي وأخرى بالاختناق خلال مـواجهات مع الاحتلال في كفر قدوم شرق قلقيلية / بسام مولوي: مبارك للسعودية وللبنان ولكل العالم العيد الوطني السعودي الـ93 / فؤاد مخزمي لـ "الجديد": هذا المشهد في وسط بيروت يوضّح أن المملكة العربية السعودية لم ولن تنسى لبنان / مواجهات عنيفة بين شبان فلسطينيين ومستوطنين على أطراف بلدة بيتا جنوب نابلس في الضفة الغربية / وصول سفير المملكة العربية السعودية وليد بخاري الى وسط بيروت للاحتفال بالعيد الوطني السعودي / أذربيجان تقول إنها تعمل مع روسيا لنزع سلاح الجماعات الأرمينية في إقليم ناغورني كاراباخ /
من المواقع و الصحف |
جاء في صحيفة "الأخبار":
في الشكل، كان إحجام وزراء خارجية دول «اللجنة الخماسية» عن المشاركة في الاجتماع الذي عُقد في مقر بعثة فرنسا الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك، أمس، مؤشراً إلى فشل اللقاء قبل عقده، بسبب الانقسامات بين أعضائه، على عكس ما أوحت به «حركات» السفير السعودي في بيروت وليد البخاري والموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، أخيراً. وأكّد هذه الانقسامات عدم صدور بيان عن الاجتماع الذي تخلّله اعتراض أميركي على الإدارة الفرنسية للملف اللبناني، وصولاً إلى المطالبة بوضع إطار زمني لمهمة لودريان، وعدم ترك المهل مفتوحة. وبحسب التسريبات الأولية التي وصلت إلى بيروت «كانَت مداولات الاجتماع مناقضة للجو السعودي الفرنسي الذي ظهر في بيروت أثناء وجود لودريان. فالتقارب الفرنسي السعودي الذي حرص لودريان والبخاري على تظهيره لم يلقَ دعماً من الأميركيين الذين من الواضح أنهم يدفعون في اتجاه تسليم المهمة لقطر». علماً أن وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية، محمد بن عبد العزيز الخليفي، مثّل الدوحة في اللقاء. وبالتالي، فإن الموقف الأميركي يهدّد بإطاحة مهمة لودريان الذي يُتوقع أن يعود إلى بيروت الشهرَ المقبل، ولكن غير «مسلح» ببيان «خماسي» موحّد على غرار ذلك الذي حمله بعد لقاء الدوحة في تموز الماضي باتخاذ «إجراءات ضد أولئك الذين يعرقلون إحراز تقدم» في الملف الرئاسي.
وفي كلمته في الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة الـ78 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، أمس، قال أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني إنه «من المؤسف أن يطول أمد معاناة الشعب اللبناني بسبب الحسابات السياسية»، وشدّد على أن «الخطر أصبح محدقاً بمؤسسات الدولة في لبنان، ونؤكد ضرورة إيجاد حل للفراغ الرئاسي». وأكّد «ضرورة إيجاد حل مستدام للفراغ السياسي (في لبنان) وإيجاد الآليات لعدم تكراره، وتشكيل حكومة قادرة على تلبية تطلعات الشعب اللبناني والنهوض به من أزماته الاقتصادية والتنموية».
وبحسب مصادر مطّلعة فإن الخلاصة الأهم من اللقاء، أمس، أن «لبنان سيبقى على الـ waiting list في انتظار نضوج معطيات إقليمية، خصوصاً على الخط الأميركي - الإيراني، وأي حراك في انتظار ذلك، سواء كان فرنسياً أو قطرياً أو مصرياً، لا يعدو كونه مضيعة للوقت».
وقد تمحورت الأخبار في اليومين الماضيين حول وصول وفد قطري إلى بيروت في محاولة جديدة لإنضاج تفاهم داخلي بمؤازرة من أعضاء «الخماسي»، مع تسريبات حول لائحة أسماء يحملها الموفد يتقدّمها قائد الجيش العماد جوزيف عون وأضيف إليها أخيراً السفير السابق في الفاتيكان العميد المتقاعد جورج خوري، غير أن مصادر بارزة نفت هذه المعلومات، كاشفة أن «القطريين أخّروا زيارتهم لبيروت حتى الأسبوع الأول من الشهر المقبل، وتحديداً إلى ما بعد الزيارة التي سيقوم بها لودريان». وأضافت المصادر أن «الحركة القطرية في بيروت يقوم بها مسؤولون متواجدون بشكل شبه دائم، وحركتهم متواصلة لكنها لا تحمل أي مبادرة. أما الوفد الأساسي الذي ينتظره اللبنانيون فمجيئه مؤجّل». وبالتالي، لن يكون هناك أي حراك دبلوماسي عربي أو غربي إلى حين العودة المفترضة للودريان الذي، بحسب المصادر، سيدعو إلى حوار في قصر الصنوبر، تليه دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري التي ألزم نفسه بها علناً إلى حوار في المجلس يديره رئيس المجلس إلى جانب نائبه الياس بو صعب.
وفي هذا السياق، برزَ أمس موقف جديد للبطريرك الماروني بشارة الراعي بدا فيه أنه بدّل رأيه من موضوع الحوار، إذ قال في مؤتمر صحافي في سيدني: «لم أقل إنني مع الحوار، بل قلت إذا تم الحوار بعد موافقة الجميع عليه، والمجلس النيابي اليوم في حالة انتخابية، وفي الانتخاب يتحاورون». هذا الكلام لم يلقَ صدى إيجابياً في عين التينة، لكنّ رئيس المجلس يبدو حريصاً على «عدم الدخول في مناوشات سياسية مع أحد تفادياً لاستفزاز أي طرف»، وفقَ ما قالت مصادره، مؤكّدة أنه «باقٍ على دعوته وأن إدارته للحوار قابلة للتغيّر حسب تبدّل الظروف في المرحلة المقبلة، لكنّ الأمور حتى الآن تسير في هذا الاتجاه».
كتبت لوسي بارسخيان في "نداء الوطن":
تُرصد معظم موجة الدخول غير الشرعي للأفراد من الأراضي السورية حالياً عبر المعابر التي يسلكها المهرّبون في شمال لبنان تحديداً. إلا أنّ ما يحكى عن موجة نزوح ثانية تقلق عموم اللبنانيين، وأهالي القرى البقاعية الذين كانوا أوّل من اندفع لاستقبال النازحين السوريين قبل 13 سنة تقريباً، ليسوا بمعزل عن هذا القلق، خصوصاً بعدما كبر العبء الإجتماعي والإقتصادي الذي رتّبه طول إقامة ضيوفهم، لتتوسّع تجمّعاتهم المنتشرة على طول السهل من شمال البقاع إلى جنوبه، وتتحوّل شريكاً مع أبناء البلد بلقمة العيش الشحيحة بالأساس.
هذه البيئة الشعبية غير المؤاتية لاستقبال مزيد من «الهجرة الإقتصادية» التي يشهدها لبنان نتيجة للتدهور المتفاقم في الأحوال المعيشية في سوريا، يبدو أنّها تشكّل حالياً في البقاع أحد أبرز الروادع التي تحول دون فلتان المعابر غير الشرعية البقاعية مجدّداً، بعدما نجحت إجراءات الجيش اللبناني في ضبط هذه المعابر نسبياً خلال الأشهر الماضية، ولا سيما على المعابر الجبلية الممتدّة من منطقة وادي عنجر وصولاً حتى راشيا. وتأتي الحملة التي تشنّ على المستوى السياسي والأمني، كعامل مشجّع لتعزيز هذه البيئة غير المضيفة بقاعاً، علماً أنّها تترافق منذ أشهر مع إجراءات أمنية متشددة تطبّق من خلالها قرارات إدارية وحكومية، تتصدّى لمحاولات إضافة خيم جديدة في أي تجمّع للنازحين، وتبادر إلى هدم كل خيمة تخلو من أصحابها مباشرة، بالإضافة إلى منعها إنتقال الوحدات من مكان إلى آخر.
هذه الإجراءات، كما تشرح مصادر مواكبة لإجتماعات مجلس الأمن الفرعي بقاعاً، شكّلت عائقاً نفسياً موازياً للإجراءات العملية في الحدّ من تسلّل مزيد من محاولي دخول الاراضي اللبنانية خلسة. ولوحظ تجنّب هؤلاءسلوك معابر البقاع غير الشرعية، وإذا نجحوا بسلوكها تعذّر استقرارهم في مخيماتها. وكان ملفّ النازحين السوريين قد نوقش في كل إجتماع لمجلس الأمن الفرعي خلال الأشهر الماضية في البقاع برئاسة المحافظ كمال أبو جوده. ومنذ فتح باب النقاش «المركزي» مع المنظمات الداعمة لمطالبتها بالـ»داتا» المتعلقة بأعداد النازحين، وبالتالي السعي لتأمين عودة طوعية وآمنة لهم، كانت هناك محاولات بلدية تفاوتت نسبة نجاحها، لتأمين إحصاءات دقيقة حول أعداد النازحين في كل قرية من القرى. إلا أنهّا إصطدمت في معظم البلدات البقاعية بإمكانيات البلديات ومواردها المالية والبشرية الشحيحة بظل الأزمة، بعدما تبيّن لها أيضاً عدم تعاون المجتمعات السورية مع طلبات الإفصاح عن أعداد النازحين في التجمّعات المنتشرة بالقرى.
وكانت آخر هذه النقاشات قد طرحت في جلسة لمجلس الأمن الفرعي يوم الخميس الماضي، حيث لفتت أوساط المشاركين إلى ما سادها من أجواء إيجابية، أعربت عن نوع من الاطمئنان كون ما لوحظ أخيراً من موجة نزوح جديدة لم تتمدّد بقاعاً بالشكل الذي يحصل في شمال لبنان.
أحد الاسباب الذي جعل البقاع لا يتصدّر مشهد هذه الموجة وفقاً للمصادر، يعود لكون البيئة الجغرافية، الأمنية، والاجتماعية لم تعد مؤاتية لإستقبال النزوح، وخصوصاً بعد الإجراءات التي اتخذت عسكرياً على المعابر. الّا ان الأوساط المواكبة لاجتماعات مجلس الأمن تحدّثت أيضاً عن التعاون الذي أرسي بين كافة الاجهزة الأمنية والقضائية المعنية بناء لتوجيهات مجلس الأمن الفرعي.
إستنابات قضائية
وكان لافتاً أيضاً عقب إجتماع مجلس الأمن الفرعي الأخير، صدور استنابات قضائية عن النيابة العامة الإستئنافية في البقاع، وجّهت إلى رؤساء الاجهزة الأمنية في البقاع وبعلبك الهرمل، كلّف بموجبها المدعي العام الإستئنافي في البقاع القاضي منيف بركات كلّاً من أجهزة قوى الأمن، أمن الدولة والأمن العام، بالإيعاز لمن يلزم، كي يباشروا بإجراء كشف على المؤسسات والمحلات التجارية للتأكد من تطبيقها القوانين اللبنانية في ما يتعلق بالمالكين والمشغّلين والعمّال، على أن يشمل هذا الكشف النشاطات الزراعية أيضاً، للتأكّد من استيفاء العاملين فيها شروط العمالة على الأراضي اللبنانية. كما أوصى بالتشدّد في ملاحقة المهرّبين وعصاباتهم وتسليمهم إلى القضاء، وقد أكّدت مصادر قضائية أنّ أحكامها بحقّهم ستكون موجعة.
هذه الإجراءات وفقاً للمعلومات أعقبت عملية إحصاء أجرتها أجهزة الضابطة العدلية في محافظتي البقاع وبعلبك إلى حيث تمتدّ مسؤوليات النيابة العامة الإستئنافية في البقاع، وقد أظهرت أن أعداداً كبيرة من المؤسسات باتت تستثمر من قبل جهات «أجنبية» بما يشكّل مخالفة للقوانين المرعية، بالإضافة إلى قيام مؤسسات كثيرة بتشغيل اليد العاملة الأجنبية من دون تسوية أوضاعها القانونية.
ولفتت المصادر إلى أنّ الهدف من هذه الحملة هو قوننة أوضاع من يحقّ لهم بالعمالة، وعدم السماح بمنافسة هؤلاء لأهل البلد في الوظائف والأشغال التي لا يسمح لهم القانون بممارستها، بالإضافة إلى مساعدة السلطة المركزية بتطبيق قراراتها المتعلّقة باتخاذ الإجراءات بحقّ من يستمرّون بدخول لبنان خلسة.
وأشارت المصادر في المقابل إلى أنّ هناك لبنانيين إستفادوا من حال الفوضى التي سادت في هذا الملفّ، وهم يفاقمون الوضع سوءاً من خلال عدم قوننة أوضاع العاملين في مؤسساتهم، ولذلك سيتمّ إنذار هؤلاء أولاً، وفي حال لم يسارعوا إلى تسوية الأوضاع ستقفل مؤسساتهم إلى أن يفعلوا ذلك. وهذا ما اعتبرته الأوساط القضائية بمثابة تحذير موجّه لكل من يسيء «للمصلحة الوطنية» من خلال مخالفة قوانين العمل والإستثمار، سواء أكان أجنبياً أم لبنانياً.
فاطمة خشاب درويش- الأخبار
تضجّ وسائل الإعلام بخبر إعلان أكثر من 100 قاض في القضاء العدلي والإداري والمالي (من أصل 600) توقفهم القسري عن العمل بداية الأسبوع المقبل. خبر يعيد مشهد الاعتكاف القضائي الشامل في لبنان الذي امتد لنحو ستة أشهر العام الماضي. فما هي مشكلات القضاة اليوم؟ وماذا سيخرج عن الجمعية العمومية التي دعا إليها مجلس القضاء الأعلى في محكمة التمييز مع بداية السنة القضائية؟
أقرّ مجلس الوزراء موازنة عام 2024، بعد أيام قليلة من إعلان التوقف القسري للقضاة، وخصّص لوزارة العدل فقط 0.32%. ورأى أحد القضاة الذين وقّعوا على قرار التوقف القسري عن العمل أن «إقرار الميزانية الزهيدة لوزارة العدل المسؤولة عن تأمين رواتب القضاة والمساعدين القضائيين ومتابعة أوضاع العدليات وتحسينها، يدل على الاهتمام السلبي بالقضاة وبالعدلية وبقصور العدل»، مشيراً إلى أن «هذا التعاطي من قبل السلطة التنفيذية يجعل القضاة اليوم يخوضون معركة وجود مع انعدام أدنى مقوّمات الصمود للسلطة القضائية التي تعاني نزفاً منذ ما يقارب خمس سنوات نتيجة الأزمات الاقتصادية والمالية التي تفتك بلبنان منذ عام 2019». وأوضح أن «الهدف من التحرك هو الضغط على السلطة السياسية والتنفيذية وإجبارها على إعطاء القضاة حقوقهم التي لا تعدو كونها حقوقاً طبيعية، تؤمّن حياة كريمة بالحد الأدنى للقاضي، وتسهّل عمله وتمكّنه من البت بالملفات القضائية العالقة أمامه».
راتب القاضي
يتقاضى القاضي في لبنان راتباً يراوح بين 3 ملايين ونصف مليون ليرة كحد أدنى و8 ملايين كحد أقصى (أساس الراتب)، وهو يستفيد مثل موظفي القطاع العام من الزيادة على الرواتب (سبعة أضعاف الراتب)، أي إنه إذا بلغ المعدل الوسطي لراتب القاضي 5 ملايين ليرة فإنه يتقاضى 5 × 7 = 35 مليون ليرة (حوالي 350 دولاراً)، ويتقاضى بعد التقاعد تعويضات نهاية الخدمة وفق أساس الراتب دون الزيادات. ويُمنح القاضي إلى جانب الراتب والزيادات «منحة اجتماعية» تراوح قيمتها بين 500 و1200 دولار وفق درجته، فيصبح الراتب الذي يتقاضاه بمعدل وسطي 35 مليون ليرة + 800 دولار (معدل وسطي للمنحة الاجتماعية)، وبذلك يتجاوز راتب القاضي الـ1000 دولار. المستجد في الموضوع أن هذه المنحة التي اكتسبها القضاة بعد مفاوضات وتسويات بعد الاعتكاف الأخير، توقفت مع انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ولم تُصرف منذ مطلع آب الماضي، ومن غير المعروف إذا ما كان سيستفيد منها القضاة مجدداً، وهو ما دفع إلى قرار التوقف عن العمل.
يتزامن إعلان التوقف القسري للقضاة عن العمل مع بداية العام الدراسي (2023 - 2024)، فصندوق تعاضد القضاة الذي كان يغطّي مبلغ 5 ملايين ليرة أي ما يوازي 3333 دولاراً عن كل ولد (سعر صرف الدولار 1500)، يغطّي اليوم مبلغ 15 مليون ليرة أي ما يعادل 166 دولاراً. وبات القاضي يتحمّل تكاليف الاستشفاء والطبابة التي تُدفع بالدولار في المستشفيات والعيادات الطبية، بعد أن كان يتلقّى الرعاية الصحية الشاملة، ويقدّم الفواتير بعد دفعها ليحصل من صندوق التعاضد على نسبة محددة منها (من 30 إلى 40 ألف ليرة للدولار الواحد)، ويتكفل في حال مرضه أو عائلته بدفع تكاليف الرعاية الصحية الشاملة من جيبه الخاص.
اعتكاف يطيح بمصالح الناس
يتحدث أحد قضاة المحكمة العسكرية عن قرار التوقف القسري للقضاة، مؤكداً أحقية المطالب التي ينادي بها القضاة، لكنه ينتقد مبدأ التوقف عن العمل الذي «يؤثر سلباً على من يعانون في المحاكم وقصور العدل بسبب كثرة الملفات وعدم قدرة القضاة على إنجازها. هؤلاء الناس ضعفاء لجأوا إلى القضاء ليحميهم، فماذا نقول لهم عندما نتوقف عن العمل؟»، موجهاً رسالة إلى زملائه: «الأساس أن تتوجهوا إلى رئيس مجلس القضاء الأعلى، ورئيس ديوان المحاسبة، ورئيس مجلس شورى الدولة، وإلى مدعي عام التمييز والمدعي المالي بصفته رئيساً لصندوق التعاضد، والضغط عليهم ليتحركوا ويضغطوا لإجبار السلطتين التنفيذية والتشريعية على تحقيق مطالب القضاة، أما الاعتكاف فلا ينفع، بل هو مضر ويطيح بمصالح الناس بالدرجة الأولى». وسأل القاضي: «ماذا يفعل رئيس مجلس القضاء الأعلى الرئيس سهيل عبود للقضاة؟ وماذا عن واقع صندوق التعاضد الذي لا نعرف ما له وما عليه؟ ولماذا يستطيع الجيش أن يقدم الاستشفاء لعناصره الذين يبلغ عددهم نحو 90 ألف عنصر، فيما يعاني القضاة أزمة في الاستشفاء والطبابة؟ المشكلة ببساطة أن هناك قائد جيش يتابع أوضاع آلاف العناصر فيما لا يسأل أحد عن أوضاع القضاة».
و لا يعوّل عدد من القضاة على أي نتائج للجمعية العمومية المرتقبة للقضاة بدعوة من المجلس الأعلى للقضاة، إذ «اعتاد القضاة سماع الكلام نفسه في كل مرة»، وأهم من تشخيص الواقع هو اجتراح الحلول السريعة التي تعالج مشكلات القضاة.
إهمال مادي ومعنوي
يُجمع عدد من القضاة الذين التقتهم «القوس» على أن التوقف القسري للقضاة هو «صرخة محقّة في ظل ما يعانونه اليوم من تهميش وإهمال لأبسط حقوقهم، ليس فقط على الصعيد المادي وإنما على الصعيد المعنوي أيضاً. فكيف يمكن للقاضي أن يقوم بعمله ويحكم بين الناس، وهو يفتقر لأدنى مقومات الصمود؟». ويسأل قاض مضى على تعيينه أكثر من عشرين عاماً في السلك القضائي: «ماذا يفعل القاضي الذي لا يكفيه أساس راتبه لسداد فاتورة اشتراك الكهرباء، ولا يمكنه أن يعمل في وظيفة ثانية كما يفعل موظفو القطاع العام الذين سُمح لهم بذلك؟».
تتجاوز المشكلة، وفق آراء القضاة، المطالبة بالمنح الاجتماعية والمدرسية والاستشفاء والطبابة التي تُعدّ جميعها حقوقاً أساسية للقضاة لا يفترض المساومة عليها، وتكمن في «الإهمال الذي تعيشه السلطة القضائية في هذا البلد»، مشددين على أن استقلالية القضاء عن السلطة السياسية هي المدخل الأساس لإحداث أي إصلاح في القضاء اللبناني.
قصور العدل
يشبّه أحد القضاة واقع هذه القصور بالأمراض المزمنة التي لا يوجد لها حل سوى المسكّنات، مشيراً إلى أنه حصلت بعد الاعتكاف الأخير محاولات بسيطة لتحسين الوضع في ما يتعلق بالصيانة والمستلزمات الأساسية للعمل، ولكنها كانت خجولة ولم تستمر سوى لفترة قصيرة، ولم تحظَ كل قصور العدل بهذه الخدمات، «تحديداً قصر بعبدا لا يصلح للحياة البشرية بسبب وضعه السيئ». تبقى مشكلة قصور العدل الأكثر حضوراً في أي ملف يفتح (راجع «القوس»، 22 تشرين الأول 2022، «قصور العدل خاوية»).
«أصعب شي لمّا بدك تبرم على ملف وما تلاقيه، أكثر من سنة والملف مش معروف وين موجود، وخيي موقوف، وأخيراً طلع الملف عند القاضي بالبيت ومش عارف فيه، كتير ظلم لما مصير بيتعلق بإمضاء والقاضي مش حاسس بالوجع... يمكن هوي عم بيعاني بس يلي موقوف مش متل يلي برّا» يقول أحد أهالي الموقوفين عن تجربته المريرة مع أحد القضاة.
يحضر أغلب القضاة إلى مكاتبهم في قصور العدل بمعدل يومين في الأسبوع، قد يكون ذلك غير كاف لإنجاز الملفات القضائية العالقة أمامهم والمتراكمة منذ الاعتكاف السابق، فيما المواطنون عالقون في دهاليز العدليات، لا يعرفون لطريق الخلاص سبيلاً، فالقاضي ربما يحضر اليوم ويغيب في اليوم التالي، بلا حسيب أو رقيب. ما جعل «اللجوء إلى المحاكم الخيار الأخير أمام المتقاضين لأنه لا قضاء لمن تنادي!»، ليتشكل وجه جديد من انهيار القضاء في لبنان (راجع «القوس»، 22 آب 2022، «انهيار القضاء»).
العنيسي: مع القضاة في قرارهم
يتحدث الرئيس السابق للغرفة السادسة لمحكمة الاستئناف في لبنان الشمالي القاضي السابق فادي العنيسي لـ«القوس» عن أوضاع القضاة الصعبة، وهو الذي غادر السلك القضائي بناءً على طلبه بعد صدور مرسوم إنهاء خدماته في 18 نيسان 2023، ويقول إن القضاة يعملون في لبنان في ظروف تفتقد لأدنى مقوّمات العمل، «فكيف يمكن للقاضي أن يعمل دون كهرباء أو مستلزمات أساسية، بلا أقلام وأوراق»، مضيفاً أن العدليات تعاني من الإهمال المزمن، وكذلك القاضي يعاني في هذا الوضع الصعب.
وحول قرار التوقف القسري لعدد من القضاة، أعرب العنيسي عن تأييده لهذه الخطوة، إذ لم يعد أمام القضاة سوى هذا الخيار، فهم «لم يعتكفوا بل اضطروا تحت وطاة المعاناة والحاجة للتحرك من أجل الضغط لتحصيل أدنى الحقوق، ولو أنني ما زلت قاضياً، لكان اسمي بالتأكيد بين أسماء الذين وقّعوا على هذا القرار».
كتبت فاتن الحاج في "الاخبار":
اتخذ قرار رفع رسوم التسجيل في الجامعة اللبنانية بموافقة مجالس طالبية غير شرعية وغير ممثلة لحقوق الطلاب ومصالحهم، بفعل تعطيل انتخاباتهم الطالبية منذ عام 2008. وبحجة الأزمة وفي ظل الفراغ، «أفتى» كل من وزيرَي التربية والمالية بمضاعفة الرسوم أكثر من 10 أضعاف، فيما قوانين موازنة سابقة وقانون تنظيم الجامعة تنصّ على أن الزيادة تصدر بمرسوم في مجلس الوزراء، بناءً على توصية من مجلس الجامعة، وليس بقرار من وزيرين. فهل ضُرب مبدأ مجانية التعليم كخدمة عامة؟ وهل الطلاب مسؤولون عن تأمين إيرادات للجامعة وتسيير أمورها التشغيلية؟ ولماذا لا تبحث الدولة عن مصادر التمويل؟ وماذا عن أموال الجامعة من عائدات فحوص الـ PCR؟ وما علاقة الطلاب بدفع تكاليف ملف تفرغ الأساتذة في الجامعة الرسمية، أو بنفقات الكهرباء والمازوت والإنترنت والقرطاسية وغيرها؟ هل تدخل زيادة الرسوم ضمن رؤية لإدارة الجامعة بشأن كيفية إنفاقها؟ وهل ستذهب هذه الأموال لتحسين الخدمات التعليمية والاجتماعية للطلاب وتعزيز المختبرات ومراكز الأبحاث.
كل هذه الأسئلة تدور في أروقة الجامعة، فيما هناك من الأساتذة من يدعو إلى اعتماد مقاربة علمية، إذ لا يمكن أن تبقى الرسوم كما هي من دون أي تغيير بعد «دولرة» كل شيء، وليس منطقياً أن يتخرج طبيب في الجامعة برسم تسجيل يراوح بين 3 و7 دولارات، ولتدرس قيمة ما كانت تشكّله هذه الرسوم من ميزانية الجامعة قبل الأزمة وما بعدها، وليؤخذ في الاعتبار كيف انخفضت ميزانية الجامعة من 250 مليون دولار إلى 56 مليوناً، لافتين إلى أن الزيادة المطروحة لم تصل بعد إلى حدود الأقساط، وهي تعود بالنفع على الطلاب بشكل مباشر أو غير مباشر، مع أهمية مراعاة الفروقات بين كلفة الطالب في الكليات العلمية والكليات الاجتماعية والإنسانية كي تكون الزيادة عادلة وبعيدة عن الشعبوية.
وعن مدى قانونية القرار، يعلق البعض أن الأمر نفسه حصل العام الماضي عندما رفعت الرسوم ولم يعلّق أحد على الأمر. وفيما يبدو بعض الأساتذة مقتنعين بأن رفع رسوم التسجيل يهدف إلى الحفاظ على الجامعة ومستواها المتميز محلياً وعربياً وعالمياً، يرفضون ربط الرسوم بالتفرغ ولا سيما أن الأساتذة أصحاب الكفاءة لن يتحمسوا للتفرغ برواتب أدنى بكثير من الجامعات الخاصة وحتى من الدكاكين الجامعية، وهم بالتالي يطالبون بـ«تجيير» الزيادة على الرسوم لدعم صمود الأساتذة عبر تعزيز رواتبهم وحوافزهم مع يقينهم بأنها لا تغطي كل التكاليف.
إلى ذلك، تتجه الأنظار إلى مجلس شورى الدولة لمعرفة مصير الطعن الذي تقدم به ثلاثة طلاب في الجامعة بمبادرة من الاتحاد الطلابي العام، استناداً إلى عدم قانونية القرار، «الصادر عن سلطة غير مختصّة وبما يتعارض مع قوانين موازنة سابقة وقانون تنظيم الجامعة اللبنانية الذي نص على أن زيادة الرسوم تصدر بمرسوم في مجلس الوزراء، بناءً على توصية من مجلس الجامعة، وليس بقرار عن وزيرين وبغياب أي توصية من أي مرجع جامعي».
الدعوى ترافقت مع طلب وقف تنفيذ القرار ضمن أقصر المهل، لما يتضمّنه من مخالفات، ولما لتنفيذه من ضرر مباشر على الطلاب الذين قد يفقد بعضهم إمكانية إكمال دراسته في الجامعة. وينتظر أن يصدر القرار التمهيدي في غضون 15 يوماً من تاريخ تقديم الدعوى. ومن شأن القرار المطعون فيه أيضاً أن يضرب، بحسب المراجعة، الحق بالتعليم المكرّس في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، اللذين بات لهما قوة الدستور بموجب الفقرة «ب» منه، وليس أدلّ على ذلك، من أن رسم التسجيل يزيد على الحدّ الأدنى للأجور في القطاع الخاص، فضلاً عن أنه يبلغ أضعاف رواتب الموظفين العامين في القطاع العام.
وأشار الناشط في الاتحاد الطلابي العام، خضر أنور، إلى أن متابعة القرار قضائياً تدخل ضمن حملة «مصالحنا ضد مصالحكم» التي ستستكمل بخطة تحرك ميدانية، في ضوء الحكم الذي سيصدر عن مجلس شورى الدولة، وبعد نفاد المهلة القانونية، وخصوصاً أن المشكلة ليست في الرسوم وحسب إنما هي مشكلة بنيوية تتعلق بنهج السلطة تجاه الجامعة الرسمية، والإدارة المالية والحوكمة ورفع ميزانية الجامعة، مشيراً إلى «أننا لن نسمح بوضع الطلاب في مواجهة الأساتذة».
وكان القرار الجديد قد تضمن رفع الرسوم في مرحلة الإجازة للطالب اللبناني إلى 13 مليوناً و500 ألف ليرة في السنة، بما يوازي 150 دولاراً، فيما بلغ رسم التسجيل للطالب الأجنبي 60 مليون ليرة، بما يعادل 650 دولاراً. أما في مرحلة الماستر، فتقرر رفع رسم التسجيل للطلاب اللبنانيين إلى 18 مليون ليرة، بما يوازي 200 دولار. وفي مرحلة الدكتوراه، بلغ الرقم 22 مليون ليرة، يما يعادل 250 دولاراً. فيما تصل الرسوم المفروضة على الأجانب إلى 600 مليون ليرة في مرحلة الدكتوراه.
ترجمة الأفضل نيوز
خلال الأسبوع الماضي وحده، أصدرت إيران إعلانين رئيسيّين، معدِّدةً ما تعتبره مكاسب كبيرة ضدّ إسرائيل، بينما يتقاتل الجانبان على الجبهة الاستخباراتيّة.
وقال تقرير للتلفزيون الرّسمي: "لقد تعرّضوا للإهانة مرّة أخرى"، حيث روى بالتّفصيل كيف أحبط قسم المخابرات في وزارة الدفاع الإيرانية مؤامرة تخريبيّة ضدّ صناعة الصواريخ المُثيرة للجدل في البلاد.
وقالت السلطات الإيرانية إنّ الخطّة المزعومة تتضمّن إدخال أجزاء مضروبة في أنظمة تصنيع الصواريخ، وهو ما كان من الممكن أن يؤدّي إلى توقّف خطّ الإنتاج. وربطوا محاولة التّخريب بالموساد، وكالة المخابرات الخارجيّة الإسرائيلية، وعملائها المحليّين.
أعرب الإعلام المحلّي عن إعجابه بما حصل، وجاء في عنوان إحدى وسائل الإعلام المحافظة: "تمّ التّصدّي لأكبر عمليّة تخريب عسكريّة منذ 100 عام".
ولم يحدث كلّ ذلك إلّا في غضون أيّام قليلة من صدور بيان آخر لجهاز الاستخبارات يفيد بأنّه عُثر على شبكات "إرهابية" تقودها إسرائيل في مختلف أنحاء البلاد.
وفي حين أنّ الإعلانين لم يكونا جديدين تمامًا، إلّا أنّهما سلّطا الضّوء على محاولة إيران تقديم نفسها على أنها الجانب الفائز في الحرب الاستخباراتية، في حين كان يُنظر إليها في وقت سابق على أنّها الطّرف الأضعف.
أثار تواتر ومستوى اختراق العمليّات الاستخباراتيّة الّتي تحمّل إسرائيل مسؤوليّتها داخل إيران في السّنوات الخمس عشرة الماضية أكثر من دهشة، من اغتيال كبار الخبراء النوويّين والصاروخيين إلى عمليات تخريب متعدّدة تهدف إلى شلّ المنشآت النّووية.
ومع ذلك، من خلال الترويج بثقة المحاولتين الأخيرتين الفاشلتين، تريد طهران إرسال إشارة إلى العالم الخارجي بأنّها ترتدّ وتحوّل اللّعبة لصالحها.
كما تجد الجمهورية الإسلامية نفسها في وضع أفضل وسط الأزمة السياسية الأخيرة في إسرائيل، حيث واجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أحد أخطر التّحدّيات الداخليّة في حياته المهنيّة، وسط انخفاض سريع في معدل شعبيّته بسبب إصلاحاته القضائيّة المثيرة للجدل وطريقة تعامله، فضلًا عن الاحتجاجات التي تلت ذلك.
وبالتالي، فإنّ صورة الحكومة الضعيفة التي يقودها سياسي - الذي تكثف نهجه المتشدّد تجاه طهران على مرّ السنين - هي أفضل أداة دعائيّة يمكن للسّلطات الإيرانية استغلالها.
وممّا يزيد من مصلحة الجانب الإيراني، العلاقات الفاترة على ما يبدو بين نتنياهو وإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، لا سيما في ضوء الاتفاق النووي الإيراني،.
وتستمر إيران بالتّذكير بأنّ نتنياهو أطلق تحذيرات لا هوادة فيها بشأن برنامج إيران النووي. وبالنسبة لهم، فإنّ فشل رئيس الوزراء الإسرائيلي بإقناع الولايات المتحدة بتوجيه ضربة عسكرية إلى المواقع النووية الإيرانية يشكّل مؤشّرًا على عزلته المستمرّة.
ولدعم هذا التأكيد، تشير طهران إلى استعداد واشنطن لإبقاء نافذة الدبلوماسية النووية مفتوحة، متجاهلة طلب إسرائيل بعدم التوصل إلى اتفاق مع طهران لإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة.
على الرغم من الجمود في محادثات خطة العمل الشاملة المشتركة، يبدو أن إيران تتمتّع بتسوية غير مكتوبة مع الولايات المتحدة، حيث لا تشكّل الضّربة العسكريّة على الأقل تهديدًا وشيكًا مثيرًا للقلق.
وفي تعبير عن فخرها بذلك، أكّدت السلطات الإيرانية أيضًا كيف تمكّنت، على الرغم من الضغوط الإسرائيلية، من زيادة التخصيب النووي، ولم تواجه سوى القليل من العقوبات أو لم تواجه أي عقوبة من الغرب، في حين اكتسبت نفوذًا للحصول على المزيد من التنازلات في محادثات خطة العمل الشاملة المشتركة.
ويقترن ذلك بالانفراج الأخير مع المملكة العربية السعودية، والذي لم يكن من الممكن أن يأتي في وقت أفضل. كانت إيران في حاجة ماسّة إلى فرصة وسط الاضطرابات غير المسبوقة التي أثارتها وفاة مهسا أميني في 16 أيلول/ سبتمبر 2022، أثناء احتجازها لدى الشرطة. وبالنسبة لطهران، أدّى التقارب السعودي إلى رفع هذا العبء، على الأقل مؤقتًا، وأثبت أيضًا أنه يرمز إلى عدم قدرة إسرائيل على حشد القوى العربية الإقليمية وراء فكرة مهاجمة إيران عسكريًّا.
ومن خلال الاستفادة من كلّ هذه الحسابات، قامت الجمهورية الإسلامية في الأشهر الأخيرة أيضًا بتسريع برنامجها للصواريخ الباليستية وصواريخ كروز، حيث عرضت نسخًا بحرية وأخرى تفوق سرعتها سرعة الصوت.
وفي جميع مراسم الكشف عن تلك المقذوفات تقريبًا، صعّد القادة الإيرانيون لهجتهم، خاصة إسرائيل.
كتب محمد وهبة في "الاخبار":
يتّجه مشروع موازنة 2024 نحو دولرة الإيرادات وتحصيلها بالدولار الفريش، ويتضمّن استحداثاً لضرائب جديدة، بعجز يصل إلى 13.8%. قد يؤمّن هذا الأمر للخزينة إيرادات بالعملة الأجنبية، إنما تكمن خطورته في أنه يلغي العملة اللبنانية لتصبح البلاد كلّها مرتبطة أكثر بالدولار. اقتصاد كهذا يتطلب دفقاً متواصلاً بالنقد الأجنبي في ظل اقتصاد يعتمد بشكل مفرط على الاستيراد. ولم يعد لبنان رهينة التدفّقات، إنما سيكون رهينة الدولار. بلغت قيمة الإيرادات في مشروع موازنة 2024 نحو 300.5 تريليون ليرة (3.3 مليارات دولار)، مقابل نفقات بقيمة 258.7 تريليون ليرة (2.9 مليار دولار)، أي إن العجز يبلغ 41.6 تريليون ليرة. وبحسب تقديرات صندوق النقد الدولي، فإن الناتج المحلي الإجمالي سيبلغ في عام 2024 نحو 18.2 مليار دولار، وبالتالي فإن النفقات العامة ستمثّل 18.1% من الناتج، مقارنة مع 16.6% في السنة الماضية. أول الإجرام في هذا المشروع أنه يرفع ضريبة القيمة المضافة إلى 12% ابتداءً من أول كانون الثاني 2024. وثانيها، أنه يكرّس استيفاء الرشى في الإدارة العامة ويستحدث ما أسماه «بدل خدمات سريعة وطارئة» لإنجاز المعاملات في اليوم ذاته أو خلال ثلاثة أيام ليتم توزيع قيمة المبالغ المحصّلة من هذا الرسم على موظفي الإدارة المختصّين، ولإدارة أخرى، و20% للخزينة. هذا الرسم يعني أن القوى السياسية ترفض تصحيح الأجور، وستقوم بتشريع الرشوى بدلاً من ذلك. وبموجب هذه الموازنة، سيتم تشريع استيفاء الرسوم والبدلات بالعملة الأجنبية بعدما كانت الليرة هي العملة الرسمية الوحيدة في غالبية تعاملات الدولة مع المكلّفين بالضريبة، بشرط أن يحدّد مصرف لبنان «التسعيرة»، أي سعر الصرف. هذا الأمر سيكون إلزامياً بالدولار النقدي للرسوم والضرائب الآتية:
- الحصص والأرباح التي تعود للدولة اللبنانية من استخراج النفط ومشتقاته وبيعه، وإيرادات ألعاب الكازينو بالعملة الأجنبية، وحصة الدولة من الشراكات مع القطاع الخاصة.
- الضريبة المتوجّبة بموجب أحكام المادة 51 من القانون 497. أي القانون المتعلق بتسديد ضريبة الفوائد.
- الضريبة المتوجّبة على إيرادات رؤوس الأموال المنقولة الأجنبية.
- الضرائب والرسوم المتوجّبة على الشركات صاحبة الحقوق البترولية والشركات صاحبة الحقوق البترولية المشغّلة.
- رسوم المغادرة عن المسافرين بحرا وجواً بالدولار الأميركي.
- الرسوم القنصلية.
- الرسوم الجمركية.
- رسم الاستهلاك الداخلي عند الاستيراد.
- الرسوم التي تستوفيها مؤسسة كهرباء لبنان.
- رسوم المطارات.
- الضريبة على القيمة المضافة المتوجّبة على رسوم المطارات.
- كلّ الرسوم المرفئية....
- الضريبة على القيمة المضافة التي سدّدها السائح لأصحاب المحالّ المتعاقدة مع وزارة المالية عن مشترياته داخل الأراضي اللبنانية ويطلب استردادها وفقاً للأحكام الخاصة باسترداد الضريبة.
- رسوم الإقامة لحاملي إجازات العمل من كلّ الفئات، بمن فيهم الفنانون والموسيقيون وبطاقات الإقامة، وغيرها من الرسوم والسمات والغرامات التي تستوفيها المديرية العامة للأمن العام التي يُحدّد استيفاؤها بالدولار الأميركي بموجب مرسوم يُتخذ في مجلس الوزراء.
أما الأجور المدفوعة بالدولار، فبات يترتّب على صاحب العمل أن يدفع الضريبة المترتّبة عليها بالعملة نفسها المدفوعة للأجير. وفيما وردت في الموازنة تعديلات على ضرائب قائمة تتعلق ببراءات الاختراع والأثر الأدبي وعلى رسوم ومكوس المداخيل المفروضة على الماركات التجارية والملكيات الفكرية والصناعية والأدبية والفنية والتجارية، أي زيادة قيمة الضريبة تماشياً مع ما حصل في مشروع موازنة 2023 الذي زاد الضرائب وضاعفها مرات عدّة... تمّ استحداث ضرائب جديدة لم تكن موجودة سابقاً، مثل رسم لكل طلب إذن مزاولة مهنة الهندسة، ورسوم للمراجعات والطلبات الخاصة، ورسم لكل طلب اعتراف بدراسة أو شهادة جامعية ومعادلتها. كذلك استُحدث رسم طابع مالي لكل طلب تقدّمه مؤسسة خاصة للتعليم العالي للنظر في مسار دراسي أو تحويل موادّ... وطابع مالي مقابل صور الشهادات والإفادات أو أي مستند يحتاج إليه طلب الكولوكيوم أو طلب الاعتراف بالشهادات والدراسات الجامعية... وفيما يتواصل استحداث الرسوم والضرائب على التعليم، مُنح القضاة رسماً مقطوعاً عن كل دعاوى تفريق وطلاق وخلع وإثبات زواج وسواها.
أغرب وأبرز ما ورد من ضرائب في مشروع الموازنة هذا، هو رسوم الاستهلاك للحفاظ على البيئة. فقد أضيفت جداول تتضمّن غالبية السلع التي يستوردها لبنان من الخارج، وفُرضت عليها ضريبة جماعية تبدأ بنسبة 0.10% من قيمة الاستيراد وتصل إلى 0.40%. بموجب هذه الزيادات، ستتضاعف قيمة الرسوم الداخلية على السلع والخدمات، وقيمة حاصلات ضريبة الأملاك، وحاصلات الإدارات والمؤسسات العامة، وضرائب الدخل والأرباح. ستزداد قيمة حاصلات ضريبة القيمة المضافة من 36 تريليون إلى 90 تريليون ليرة. طبعاً هذه الموازنة لم تعترف بعد بأن عليها ديوناً لحاملي سندات اليوروبوندز لتدرّجها ضمن الموازنة، وترفض الإقرار بأن عليها خسائر ستتحمّلها بنتيجة إعادة هيكلة مصرف لبنان، وأن الوعاء الاقتصادي الذي تُفرض فيه هذه الضرائب والرسوم صار ضيّقاً على الآخر ويعتمد بشكل أساسي على مداخيل تأتي من الخارج، سواء على شكل تحويلات مغتربين أو مساعدات من منظّمات وأحزاب ودول.
كتب فؤاد بزّي في "الأخبار":
أكثر من نصف أساتذة التعليم الثانوي لا يرغبون بالتعليم هذه السنة، مع ورود 3000 طلب إجازة من دون راتب واستيداع واستقالة إلى وزارة التربية قبيل بدء العام الدراسي الجديد. المشهد نفسه ينسحب أيضاً على التعليم الأساسي، إنّما من دون إمكانية لتحديد العدد بسبب العدد الأكبر للأساتذة الأكبر هناك. يأتي ذلك بعد انسداد أفق الحلول، إذ لا أموال إضافية للأساتذة، وحتى الرواتب الأربعة الإضافية لم تُدفع نهاية هذا الشهر، وجلّ ما قُبض كان ثلاثة رواتب لم تصل قيمتها إلى تسعين دولاراً على أبواب شهر أيلول وما يحمل من مصاعب معيشيّة.
عدد طالبي الإجازة شكّل أرقاً كبيراً للمعنيين في الوزارة، والتفتيش عن الحلول جارٍ على قدم وساق. ولعلّ أبرزها فكرة العودة إلى «التعليم أونلاين» بشكل جزئي لتمرير عام دراسي آخر من دون الوصول إلى حل نهائي يعيد التعليم إلى سكته الصحيحة. في المقابل، اختار وزير التربية عباس الحلبي، من جديد، المواجهة مع الأساتذة، وبحسب مصادر «الأخبار»، اتّخذ قراراً بـ«رفض كلّ الطلبات، إلّا التي تحمل أسباباً مقنعةً مثل السفر لاستكمال الدراسة، أو العناية بمريض من الأقرباء»، بالإضافة إلى «دراسة كيفيّة معاقبة الأساتذة المنقطعين عن التعليم الذين يوقّعون فقط كل 15 يوماً مرّة كي لا يُعتبروا بحكم المستقيلين، إذ لن تقبل الوزارة هذه السنة إعادةً لسيناريو الامتناع عن التعليم».
الوضع في الثانويات ضبابي، بحسب المديرين، فالمواد الأساسية تفقد أساتذتها، ومن بقي في التعليم منهم يفضّل التعاقد مع المدارس الخاصة بأجر يصل إلى 600 دولار شهرياً، على قضاء عام آخر في المدرسة الرسمية براتب تدنّى تحت عتبة الـ 100 دولار. أساتذة المواد العلميّة هم الأكثر استقطاباً نحو التعليم الخاص، ولا سيّما أساتذة مادة اللغة الأجنبية (فرنسي أو إنكليزي)، والرياضيات. فالمدرسة الرسمية تنزف هذه الاختصاصات، فأصحابها قادرون إما على الهجرة بسرعة، أو إيجاد فرص عمل أفضل في المؤسّسات التعليمية الخاصة الكبيرة التي تقوم بفتح فروع جديدة لمدارسها، وتشعيب الصفوف لاستيعاب الهجرة المتزايدة من التعليم الرسمي، ما يعني حاجة أكبر إلى الأساتذة. ففي إحدى ثانويات منطقة الضاحية مثلاً، لا أساتذة لمادة علوم الحياة.
في المقابل، تأخّرت وزارة التربية في إصدار مذكّرة بداية العام الدراسي، كما في تحديد موعد لروابط التعليم الرسمي للقاء الوزير، ما جعل الأساتذة أمام مشكلة إضافية، إذ لا يعلمون حتى اللحظة لا عدد الأيام التعليمية، أو الحصص الأسبوعية المطلوبة، ولا سيّما مع الشائعات التي تصدر من أروقة وزارة التربية عن «احتمال اعتماد التدريس 5 أيام أسبوعياً». ومن جهة أخرى، يؤكّد عضو في رابطة التعليم الثانوي «إصرار الرابطة على 4 أيام تعليم أسبوعياً كحد أقصى هذه السنة، مع تخفيض نصاب الأستاذ إلى 16 حصة أسبوعياً لإتاحة المجال أمام التعليم في مكان آخر». وعند الاتفاق مع وزير التربية، «هناك إجماع على ضرورة إصدار مذكّرات أو قرارات موقّعة من قبله، كي لا يبقى أيّ شيء في خانة الوعود كما حصل العام الدراسي الماضي»، فالحلبي وعد هذه السنة بـ300 دولار إضافية على الرواتب السبعة. وحول تأخر وزير التربية في تحديد موعد لهم، يشير إلى «أنّ الحلبي أبلغهم بعدم عقد أي اجتماعات قبل وضع خطة كاملة للعام الدراسي المقبل». أما في ما يتعلّق بمذكّرة العام الدراسي، فـ«لن تصدر قبل العاشر من أيلول».
لا أموال إذاً لتسيير العام الدراسي، وإن وصلت المبالغ التي أقرّتها الحكومة إلى وزارة التربية، فهي ستبقى بالليرة، ولن تُحوّل إلى دولار. أمّا الجهات المانحة، واليونيسف، فـ«نفضت أيديها تماماً من تعليم اللبنانيين هذه السنة»، بحسب عضو في رابطة التعليم الأساسي حضر الاجتماع الأخير مع مندوبي هذه الجهات، التي قالت «إنّها معنيّة بتعليم السوريين فقط، ودعم موازنة المدارس التي تعلّم فترة بعد الظهر». وتعليقاً على الهمروجة المرافقة لموافقة الحكومة على دعم وزارة التربية قال: «يبيعون سمكاً في الماء، إذ لا يوجد مال حتى لطباعة الكتاب المدرسي، والأموال هي حبر على ورق من دون رصيد»، وتساءل حول «كيفية العمل مع تلامذة الحلقتين الأولى والثانية، حيث الحاجة أساسية إلى كتب التمارين، وفي الروضات. ففي العام الماضي، قامت المدارس بطباعة بطاقات التقييم على نفقتها، علماً أنّها من المفترض أن تأتي من مطبعة المركز الوطني للبحوث».
أمام هذا المشهد، ترى أغلبية الأساتذة أن لا إمكانية للعودة إلى التعليم بـ100 دولار شهرياً، فـ«الأمر ينافي العقل والمنطق والقدرة»، مطالبين الدولة بـ«إعلان عدم قدرتها على تسيير التعليم الرسمي وإقفاله». ورفضوا مسبقاً «تهليل الروابط والمكاتب التربوية لقبض المساعدة الاجتماعية (4 رواتب إضافية) عن أشهر الصيف»، معتبرين «تكرار تأخير دفع المستحقات إلى حين استحقاق المهل أمراً مهيناً، كما تأجيل لقاء الروابط لثلاثة أسابيع متتالية مقابل استقبال المكاتب التربوية، في حين أن العام الدراسي أصبح على الأبواب».
خاض لبنان في الأيام القليلة الماضية معركة دبلوماسية بشأن التمديد لليونيفيل، عمل خلالها بطريقة مشابهة للأسلوب الذي اعتمده عشية ترسيم الحدود البحرية خريفَ العام الماضي، إذ كان التنسيق تاماً بين حكومة تصريف الأعمال ممثّلة برئيسها نجيب ميقاتي ووزير خارجيتها عبدالله بوحبيب، ورئيس مجلس النواب نبيه بري وحزب الله، بمشاركة قيادة الجيش اللبناني، بحسب ما نقلت صحيفة "الأخبار".
وبحسب مصادر مطّلعة للصحيفة، فإن "القرار المتوقّع صدوره في مجلس الأمن غداً لم يسقط السطور التي تعطي القوة الدولية حرية الحركة في مناطق انتشارها، لكنه يتضمّن تسوية مع لبنان بالتأكيد على التنسيق بين القوات الدولية والحكومة اللبنانية، رغم أن الوضوح كان يقتضي الإشارة مباشرة إلى أنَّ الحركة يجب أن تكون منسّقة مسبقاً مع الجيش اللبناني. والتنسيق مع الحكومة اللبنانية يريح قيادة القوات الدولية الموجودة على الأرض، والتي تخشى إلزامها بخطوات عملانية تؤدي إلى مواجهة مع سكان القرى الجنوبية، وتالياً مع المقاومة".
أضف إلى ذلك أن "عدداً من الدول والأطراف يدركون تماماً أن القرار لن يُقرّش ضمن المخطط الغربي الهادف إلى استخدام القوات الدولية في الجنوب لوقف تطور عمل المقاومة في مناطق جنوب نهر الليطاني. وقد سمع دبلوماسيون كبار في بيروت، بوضوح، أن أي تصرف مشبوه من القوات الدولية، استناداً إلى القرار سيواجه بغضب كبير من أهالي القرى الجنوبية".
وذكرت أنه "في انتظار عودة الوفد اللبناني لجلاء الصورة بشكل كامل، تجمّعت معطيات مقلقة عن طبيعة المفاوضات التي جرت في نيويورك خلال تواجد وزير الخارجية والوفد المرافق الذي ضم العميد منير شحادة ممثلاً للجيش وزياد ميقاتي ممثلاً لرئيس الحكومة ومندوبة لبنان في الأمم المتحدة جان مراد، إذ يبدو أن الأمور لم تسر كما كان مفترضاً".
وكان لافتاً بحسب الصحيفة أن "مندوبي الدول الداعمة للمطالب اللبنانية طالبوا بوضوح لبناني تام، فيما عمل الجانبان الأميركي والبريطاني على ممارسة التهويل على الوفد اللبناني والتهديد بعواقب معاندة قرارات المجتمع الدولي. ووصل الأمر بالمندوب البريطاني، الأكثر وقاحة في الدفاع عن العدو، إلى التهديد بأن رفض لبنان الصيغة الأولى، سيدفع مجلس الأمن إلى استصدار قرار يعتبر فيه أن لبنان "مخطوف من قبل منظمة إرهابية هي حزب الله"، والدعوة إلى معاقبة الحكومة اللبنانية على عدة مستويات. لكن وصل إلى هؤلاء كلام يفيد بأن لبنان ليس في وضع ضعيف يضطره للقبول ببقاء النص كما صدر العام الماضي".
وبحسب معلومات "الأخبار"، فإن الاتصالات الأساسية كانت تجري في بيروت أيضاً مع ممثلين عن دول أعضاء في مجلس الأمن، وقد تضمّنت تبادلاً للأوراق في الوقت الذي كان الفريق اللبناني في الأمم المتحدة يشدد على مطالب لبنان.
وكشفت الصحيفة أن "عدة أيام من الأخذ والرد، ورفع العدو من مستوى الضغوط على المعنيين في الأمم المتحدة، وتهديد الولايات المتحدة وبريطانيا لبنان بعواقب إن لم يوافق على قرار التجديد كما يرغبون به، عاد الجانب الفرنسي وأمّن التوصل إلى صيغة تفرض على العدو وحلفائه الأخذ بالمطالب اللبنانية، واعتماد صياغة تتيح للجميع الخروج من المعركة بصيغة رابح – رابح".
فؤاد بزي- الأخبار
إمّا الكوليرا وإما الصفيرة، لا مهرب من الأوبئة الناتجة من سوء الإدارة في لبنان. أكثر من 3600 حالة تسمّم مثبتة لدى دائرة الترصد الوبائي في الوزارة منذ مطلع العام الجاري. تنوعت الحالات من الكوليرا (842) إلى التسمم الغذائي (305 والتيفوئيد (184 إصابة). والكوليرا والصفيرة مرتبطتان بمياه الصرف الصحي ووصول الجراثيم البرازية (فيروسات أو بكتيريا) إلى الفم عبر استهلاك المياه أو الأطعمة الملوثة بالبقايا البرازية كما عن طريق الأيادي الملوثة.
1785 حالة «صفيرة» أو «يرقان» في لبنان منذ مطلع العام الجاري، 204 منها في بعلبك، بحسب البيان الأخير لوزارة الصحة حول انتشار «الصفيرة» في البقاع، والذي أرادت منه دوائرها تطمين الرأي العام. إلا أنّ ما لم تشر إليه الوزارة هو تركّز الإصابات في الشمال لا في البقاع فقط، مع تسجيل 1146 حالة صفيرة في المنطقة الأولى منذ مطلع العام 2023، أي 64% من الإصابات، بحسب بيانات الترصد الوبائي على موقع الوزارة.
أسباب انتشار المرض واضحة، بحسب المتابعين في الوزارة، وتختصر بـ«اهتراء شبكات توزيع وصرف المياه من جهة، وهي مشكلة لم تعالج منذ سنوات. واستخدام الناس لمياه ملوّثة بمخلّفات الصرف الصحي في الاستعمالات المنزليّة (الخدمة)، أو حتى للشرب عند شح مصادر المياه النظيفة من جهة أخرى». في البقاع، بؤر الانتشار معروفة أيضاً، وتتركّز، حتى اللحظة، داخل مخيّمات النازحين، وفقاً لممرضين عاملين في المستوصفات الأهليّة.
في المقابل، وبدل تعبئة الأجهزة المعنيّة في الدولة لمكافحة انتشار المرض، «يتخذ العلاج شكل جلسات التوعية والإرشاد»، فيما «بؤر الانتشار الصغيرة»، كما يسميها الأطباء، «قابلة للتوسع والانتشار في المناطق المجاورة لها بسبب تحرّك الناس من المناطق الموبوءة نحو الخالية من المرض». وأنباء توسّع رقعة الانتشار أكّدتها أيضاً مصادر «الأخبار» في مستوصفات منظمة «أطباء بلا حدود»، حيث يشتبه بوجود عدد كبير من الحالات في منطقة البقاع، وخصوصاً في عرسال، إلا أنّها تنتظر تأكيدها مع خروج نتائج الفحوصات مطلع الأسبوع الجاري.
وعلى خط الفحوصات والمتابعات، لم تخرج أيضاً نتائج اختبارات المياه التي أجرتها دائرة الترصّد الوبائي في وزارة الصحة للمناطق الأكثر تسجيلاً للحالات. ولكن، وفقاً لعدد من أطباء الصحة العامة في أكثر من منطقة لبنانية، فـ«الصفيرة منتشرة، والحالات تسجّل حتى في بيروت». وهنا لا بدّ من الإشارة إلى حصول انتشار محدود لهذا المرض في الضاحية الجنوبية لبيروت منذ عدة أسابيع، والمسؤولية وقعت يومها على طعام ملوث مصدره أحد المطاعم. من هنا، لا يستغرب الأطباء انتشار «فيروس الكبد الوبائي أ»، المسبّب لـ«الصفيرة»، ولا سيّما مع تواتر الأخبار عن مداهمة المطاعم غير الملتزمة بالشروط الصحيّة.
64% من حالات الصفيرة سجّلها الشمال مع 1146 إصابة منذ مطلع 2023
وبحسب الدراسات، «تنتشر الصفيرة في الدول الفقيرة، أو أماكن النزاعات، بسبب تدهور شبكات الصرف الصحي وتوزيع المياه». وفي هذه المناطق، فإن 90% من الإصابات بين الأطفال، بحسب أرقام منظمة الصحة العالمية. إلا أنّ الإصابات في لبنان اليوم غير محدودة بالأطفال، بل هناك أعداد غير قليلة من البالغين مصابة، رغم أنّه «من النادر أن تظهر حالات وبائية لدى كبار السنّ لامتلاكهم المناعة اللازمة بسبب إصابة سابقة أو تلقي اللقاح».
اللقاح متوفر، و«يجري توزيعه على النازحين مجاناً في المستوصفات التابعة للمنظمات الدوليّة». لكن اللبناني عليه أن يدفع ثمنه، سواء للأطفال أو الكبار، إذ لا يدخل في لائحة اللقاحات الإلزامية التي تغطيها وزارة الصحة. الجرعة الواحدة للأطفال تناهز كلفتها مليوناً ونصف مليون ليرة، فيما الجرعة الخاصة بالكبار تصل كلفتها الى أكثر من أربعة ملايين ليرة. ومن ناحية العلاج، لا وجود لأدوية تعمل مباشرة على «فيروس الكبد الوبائي أ» المسبب لـ«الصفيرة»، بل يعمل الأطباء على التخفيف من العوارض التي تراوح بين الحرارة المرتفعة، واصفرار الجلد وشحوب اللون، والبول الداكن، والتي غالباً ما تكون خفيفة.
«أفضل الحلول الوقاية»، تقول طبيبة الأطفال الدكتورة حنان المصري. وتلفت إلى «أنّ الأشخاص الموجودين في المناطق الموبوءة عليهم تعقيم مياه الشرب عبر غليها، وتجنب الأطعمة غير المطبوخة على أنواعها (لحوم، خضر، فواكه)، والمحافظة على النظافة الشخصية وتعقيم الأسطح والأيدي». وفي ما يتعلّق بلبنان، تشير المصري إلى «وجود تهديد نظراً إلى الأوضاع الاقتصادية السيئة التي يمرّ بها وما يرافقها من تراجع الاهتمام بالنظافة العامة وتطبيق الشروط الصحية». وتشير إلى «ضرورة تتبع مصدر المرض لإيقافه».
فيروس الكبد الوبائي أ
«اليرقان، أو الريقان»، مرض يتسبب به «فيروس الكبد الوبائي أ»، أحد أفراد عائلة الفيروسات التي تصيب الكبد وتؤثر على قدرات هذا العضو العملية. الفيروس مُعدٍ، ويمكنه الانتشار بسرعة بين الأصحاء الذين لم يصابوا به سابقاً أو غير الملقّحين. في المقابل، لا يتسبب بمرضٍ مزمنٍ كفيروس الكبد الوبائي ب وج. والإصابة بالنسخة أ، من المرجح أن لا تتسبب بعوارض شديدة أو مميتة. إذ لا تتخطى نسبة الوفيات جرّاء الإصابة به 0.5%.
تنتقل العدوى بين الأفراد بشكل أساسي عند تناول الأطعمة، أو المياه الملوثة بالبقايا البشرية (البراز) لشخص مصاب. كما تنتقل الإصابة بسرعة بين أفراد الأسرة الواحدة بسبب تلوث الأسطح في المنزل الواحد، وخصوصاً إذا قام المريض بتحضير الطعام لأفراد أسرته. وهنا لا بدّ من التنبيه إلى أنّ الإصابة قد تكون من دون عوارض في البداية، فمدة حضانة الفيروس تراوح بين 15 و50 يوماً، وخلالها يكون المريض معدياً بشدة. أما أخطر الإصابات، فتلك التي تمرّ من غير عوارض، إذ يمكنها نشر العدوى بشدّة من دون إمكانية تحديدمصدرها، وهذا ما يجري مع الأطفال.
كتبت راكيل عتيّق في "نداء الوطن":
بعد الرسالة التي وجّهها الموفد الفرنسي جان إيف لودريان إلى النواب والتي يطلب فيها منهم الإجابة الخطية على سؤالين، ليس كما قبلها، على مستوى العلاقات بين فرنسا وبعض الأفرقاء السياسيين في لبنان، إذ إنّ جهات ومرجعيات عدة اعتبرت أنّ هذه الرسالة تتخطّى حدود العلاقات الديبلوماسية ودور الوسيط في أي ملف، فهي تُظهر «تعالياً» فرنسياً في التعاطي مع اللبنانيين.
تعاملت كتل عدّة لا سيما منها التي رشحت رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، بطريقة إيجابية مع المسعى الفرنسي وتجاوبت مع رسالة لودريان بإرسال إجاباتها عليها، في المقابل امتنعت المعارضة، وتحديداً ما بات يُعرف بالـ31 نائباً، أي نواب «القوات اللبنانية» و»الكتائب اللبنانية» وعدد من النواب التغييريين والمستقلّين، عن الرد على هذه الرسالة، لسببين: لأنّها تخرج عن اللياقات الديبلوماسية، ولأنّها تخالف الاتفاق بين لودريان وهؤلاء النواب خلال زيارته لبيروت في تموز الفائت. بمعزل عن الحراك الفرنسي رئاسياً، وعمّا قد يحمله لودريان من طروحات في زيارته المقبلة للبنان أو نتيجة لقاءاته، تعتبر المعارضة أنّ أي حوار وحتى أي مباردة، مهما كان شكلهما لن يوصلا إلى نتيجة في ظلّ تمسّك «حزب الله» بمرشحه. المعارضة كانت أبلغت لودريان رفضها أي حوار جامع واستعدادها لعقد اجتماعات ثنائية معه فقط، فحصل اتفاق بين الجهتين على أن يلتقي الموفد الفرنسي القوى السياسية في زيارته المرتقبة خلال أيلول، ويطرح معها موضوع المواصفات والمهمات.
المعارضة تعتبر أنّ لودريان خالف هذا الاتفاق كذلك خالف الأصول الديبلوماسية بالرسالة التي وجّهها إلى النواب. لكن بعد «السقطة الديبلوماسية» للودريان عبر الرسالة التي وجّهها إلى النواب، لا يزال موقف المعارضة نفسه. وهناك وجهة نظر داخل المعارضة تعتبر أنّ فرنسا منذ المبادرة - المقايضة الرئاسية بين فرنجية رئيساً والديبلوماسي نواف سلام رئيساً للحكومة إلى الرسالة التي وجهتها إلى البرلمان، تخرج عن أصول اللياقات الديبلوماسية في التعاطي مع لبنان. فبالمبادرة الأولى حاولت استثمار كلّ صداقاتها الخارجية لفرض «رئيس ممانع» على اللبنانيين وأن تكون فرنسا «حصة» «حزب الله» في لبنان. وبرسالة لودريان هناك خروج عن اللياقات في طريقة التعاطي مع اللبنانيين في محطات كهذه.
لذلك وفق وجهة النظر «المتطرّفة» هذه داخل المعارضة، لا لزوم لأي لقاء مع لودريان، أمام مقاربة فرنسا وطريقة تعاطيها مع لبنان، بل يجب الاكتفاء بإبلاغه بموقف المعارضة من مواصفات رئيس الجمهورية المقبل ومهماته عبر رسالة واحدة، فضلاً عن أن لا فائدة من تحديد أي مواصفات ومهمات للرئيس العتيد طالما أنّ اللجنة الخماسية سبق أن حدّدتها، وطالما أنّ «حزب الله» متمسّك بمرشحه. لكن وجهة النظر هذه ليست الطاغية في مشاورات المعارضة، انطلاقاً من ضرورة ترك خيط اتصال مع الفرنسيين ولعدم إظهار المعارضة على أنّها تعرقل أي مسعى رئاسي. ولا تزال وجهة النظر الأقوى داخل مكونات المعارضة، عدم مقاطعة موفد ديبلوماسي، بمعزل عن الموقف من مبادراته وحراكه. وبالتالي إذا طلب لودريان تحديد مواعيد للقاءات ثنائية مع مكونات المعارضة، من المفترض أن تلبّي المعارضة هذه الدعوة، وسيكون لديها موقف موحّد من المهمات والمواصفات انطلاقاً من بيان اللجنة الخماسية.
بمعزل عن شكل إبلاغ المعارضة إلى لودريان بموقفها من مواصفات رئيس الجمهورية المقبل ومهماته، وإذا كان سيجري ذلك خلال لقاءات مع لودريان أو عبر رسالة، توصّلت المعارضة إلى «ورقة» واحدة في التعامل مع زيارة لودريان المقبلة، كالآتي:
- موقف المعارضة واحد من المواصفات والمهمات المطلوبة من أي رئيس للجمهورية، وسيكون: «نحن نتبنّى ما ورد في بيان اللجنة الخماسية من أجل لبنان (فرنسا، الولايات المتحدة، مصر، السعودية وقطر) إثر اجتماعها الأخير في الدوحة، والذي يتضمّن هذه المواصفات والمهمات»، مع الإشارة إلى أنّ فرنسا عضو في هذه اللجنة وجزء من البيان الصادر عنها.
- إذا دعا لودريان الأفرقاء اللبنانيين إلى حوار رئاسياً، لن تشارك المعارضة فيه.
- إذا عقد لودريان مؤتمراً صحافياً لكي يعلن حصيلة لقاءاته، ستمتنع المعارضة عن حضوره.
- أقصى ما توافق عليه المعارضة، عقد لقاءات ثنائية مع لودريان.
- إذا عُقدت لقاءات ثانية بين لودريان ومكونات المعارضة، فالتقى على سبيل المثال كتلة «القوات» ثمّ «الكتائب» ثمّ النائب أشرف ريفي ثمّ النائب وضاح الصادق فالنائب مارك ضو... فسيسمع الحديث نفسه والموقف نفسه من الجميع.