محمد علوش - خاصّ الأفضل نيوز
هي المرة الأولى بتاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، والصراع اللبناني الإسرائيلي، التي يقوم بها العدو بحسابات معقدة قبل تنفيذ أي عمل عسكري، حيث كان الإسرائيلي في السابق ينفذ ضربته ثم يعمد لمحاولة تبريرها أحياناً، بينما هو اليوم يسعى لمعرفة سيناريو الرد عليه قبل تنفيذ أي عمل، وهذا لوحده، بمعزل عن كل شيء آخر، مفيل بإظهار المكانة التي باتت تملكها المقاومة في المنطقة.
هذا الواقع يأتي بحسب مصادر في محور المقاومة من أمرين أساسيين، الأمر الأول يتعلق بقوة المقاومة في لبنان، وعلم الإسرائيلي بقدرتها على التسبب بالأذى المطلق، وهنا لا نتحدث عن أذى تدميري فقط، فالمقاومة قادرة على التسبب بأذى لركائز الدولة الإسرائيلية المفترضة، أما الأمر الثاني فيتعلق بجدوى وحدة الساحات، حيث أن هذه الوحدة جعلت الحرب مع لبنان مدخلاً لحرب إقليمية، وجعلت إسرائيل تفكر مئة مرة قبل خوض هذه المنازلة.
رغم كل هذه الوقائع، لا تتعاطى المقاومة مع العدو الإسرائيلي كطرف ضعيف، بل هي تعلم قوته وتتعامل مع هذه القوة كما يجب وينبغي، لأن أولى خطوات هزيمة العدو هي تقديره وعدم الاستخفاف به، وتُشير المصادر عبر "الأفضل" إلى أن المقاومة، رغم التردد الإسرائيلي، تتعاطى مع كل ما يجري بجدية مطلقة وهي لأجل ذلك اتخذت إجراءات عاجلة تواكب هذه المرحلة.
تكشف المصادر أن المقاومة خلال الساعات الماضية نفذت إعادة انتشار في العديد من مراكزها التي تعلم بأنها مكشوفة ومعلومة بالنسبة للعدو، كما أنها فعَّلت جهوزيتها القتالية، وحضَّرت صواريخها التي لم تكشف عنها بعد، لأنه بحسب المصادر فإن الرد على العدوان بحال تخطى خطوطاً معينة سيكون سريعاً، كما اتخذت إجراءات غير عسكرية في بعض قرى الجنوب منها على سبيل المثال منع التجمعات وإلغاء بعض الفعاليات الشعبية لعدم تقديم أي هدف مدني للعدو على طبق من فضة.
بالتزامن، كانت المقاومة تُرسل الأجوبة على عشرات الاستفسارات التي وصلت إليها من وسطاء ودبلوماسيين ووزراء، فالكل يرغب بمعرفة كيفية رد حزب الله على أي ضربة إسرائيلية، وهنا كان الجواب موحداً للجميع، وأبلغه الحزب للدولة اللبنانية التي تولت بدورها نقله إلى كل من يسأل أو يستفسر، وتكشف المصادر أن الجواب الموحد يقول: "المقاومة لن تعتبر العمل العسكري الإسرائيلي، بغض النظر عن شكله، ردًّا على عملية لها لأنها غير مسؤولة عن صاروخ مجدل شمس، بل ستعتبره عدواناً على لبنان، وبالتالي فإن العدوان لن يمر دون ردّ يشبهه ويماثله وربما يزيد عليه في ظروف معينة".
ترفض المصادر الخوض في أسباب تأخر الضربة الإسرائيلية المفترضة، فما يعني المقاومة في لبنان ليس الموقف الإسرائيلي لأنه موقفاً لا يعوّل عليه، بل يعنيها أولا موقف الدولة اللبنانية الذي كان متكاملاً مع المقاومة، بعيداً عن أصوات النشاز، وثانياً موقفها وقدراتها وجهوزيتها للرد على أي عمل عسكري.
يتحدثون في إسرائيل عن أيام قتالية مع لبنان، دون الوصول إلى حرب كبرى، وهذه الأيام القتالية بحسب المقاومة قد يكون البادئ فيها هو العدو ولكنه ليس من يحدد سيرها ونهايتها، فالمقاومة لن تسمح للعدو بتسجيل انتصارات وهمية، كما أنها لن تسمح له برسم معادلات جديدة، أما الحديث عن عملية برية محدودة، فتكشف المصادر أن أكثر ما يتمناه المقاومون اليوم هو محاولة العدو الدخول برًّا إلى جنوب لبنان.