طارق ترشيشي- خاصّ الأفضل نيوز
ثبت بالوجه السياسي وحتى بالوجه الشرعي، إذا جاز التعبير، أن إسرائيل تعيش مأزقًا كبيرًا وخطيرًا في حربها على غزة كما في حربها على لبنان، ولذلك هي ترفض كل المساعي والطروحات لتحقيق هدن أو وقف لإطلاق النار ممعنهة في استمرار حروبها التي تدمر البر والحجر في غزة كما في لبنان من دون أن تحقق حتى الآن أي أهداف سياسية أو حتى عسكرية في الميدان.
ويقول مصدر سياسي مواكب لموقع "الأفضل نيوز" أن بنيامين نتنياهو ينتهج في المفاوضات الجارية على مستويات عدة لوقف إطلاق النار في لبنان، الاسلوب نفسه الذي يعتمده في المفاوضات مع حركة "حماس" في قطاع غزة، وهو أسلوب المناورة والخداع الذي حتما لن يؤدي الى أي اتفاق، والسبب أنه على رغم من كل ادعاءاته وإعلامه الموجه الانتصار لم يحقق أي أهداف من الحرب في غزة كما في لبنان سوى التدمير وارتكاب المجازر والاغتيالات الغادرة للقيادات السياسية والعسكرية "الحمساوية" و"الحزباللهية" فيما فشله في الميادين بات واضحًا للعيان ولا شك فيه، بدليل استمرار المقاومة في المواجهة في غزة وفي لبنان وعدم حصول اي انحسار في قواها النارية كما في الحضور الميداني.
ولذلك، يقول المصدر، سواء جاء الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين إلى إسرائيل ولبنان أو لم يأت من أجل بحث في اتفاق على هدنة شهرين على الجبهة اللبنانية يتم خلالها البحث في آلية لتطبيق القرار الدولي 1701 يلاقي دخول الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب فإن إسرائيل لا يبدو أنها تريد وقفا لاطلاق النار، بدليل أن رئيس أركان جيشها هرتسي هاليفي وقع خطة توسيع العملية البرية في جنوب لبنان في الوقت الذي كان وزير الدفاع الإسرائيلي الجديد يسرائيل كاتس يرعد ويقول أن "علينا أن نواصل العمل ونستثمر في النتائج لتغيير الوضع في جبهة لبنان". وفي هذه الأثناء سربت صحيفة "إسرائيل هيوم" ما سمته عناوين اتفاق وقف اطلاق النار في لبنان وجاءت هذه العناوين متطابقة مع الشروط الإسرائيلية المتكررة على لسان نتنياهو لوقف النار والتي رفضها لبنان ولا يزال لأنها تعتدي على السيادة اللبنانية. وهذه العناوين تقول بـ "انسحاب حزب الله إلى شمال الليطاني وعدم عودته إلى الحدود، وأن الجيش اللبناني سيدمّر البنية التحتية المتبقية للحزب على الحدود، وأن "سوريا ستكون المسؤولة عن منع نقل السلاح من أراضيها إلى لبنان، وأن إسرائيل سيكون لديها حق العمل ضد أي انتهاك من لبنان والرد عليه مستقبلا، وان الجيش الإسرائيلي سينسحب من الجنوب اللبناني الى خط الحدود الدولية، وان إسرائيل ستتلقى ضمانات أميركية وروسية بمنع إعادة تسليح حزب الله".
ولكن أخطر ما كشفت صحيفة “يسرائيل هيوم” هذه هو "أن إسرائيل أبلغت إلى الرئيس السوري بشار الأسد أنَّ مصيره سيكون مشابهاً لمصير الأمين العام السابق لحزب الله السيد حسن نصرالله، إذا لم يتعاون معها في منع نقل الأسلحة من أراضيه إلى لبنان لمصلحة الحزب".
ويقول المصدر أن يصل الأمر بإسرائيل إلى تهديد الرئيس السوري بالاغتيال، وهو أمر قد لا تتورع عنه، فذلك يدل على عمق المأزق بل الفشل الذي بلغته في حربها على المقاومة في لبنان التي منعتها حتى الآن من تحقيق أي من اهدافها في الميدان كما على المستوى السياسي. كما أن لجوئها إلى روسيا طالبة وساطتها لوقف النار يكشف اكثر فأكثر عمق مأزقها، حيث كشفت وسائل إعلامها عن زيارة سرية قام بها وزير الشؤون الاستراتيجية رون دريمر لموساكو بعد أيام من الهجوم الإسرائيلي على إيران فجر 26 تشرين الأول الماضي، وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن دريمر الذي توجه الى واشنطن للبحث في وقف النار طلب من المسؤولين الروس التوسط للتوصل إلى "تسوية مع لبنان"، وتوقعت الإذاعة "أن تلعب روسيا دورًا مهمًا في اتفاق محتمل لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله لضمان تغيير الوضع في لبنان ومنع تسليح الحزب".
في أي حال، فإن هوكشتاين إذا عاد إلى إسرائيل ومن ثم إلى لبنان فسيكون ذلك مؤشرًا إلى أن هناك جدية في مكان ما أميركية للتوصل إلى وقف النار، ولكن من الواضح أن الأمر صعب تحقيقه إذا لم تتخل إسرائيل عن شروطها التي تريد من خلالها انتزاع تنازلات من لبنان بما يجعلها تتباهى بأنها حققت الانتصار الذي تطمح إليه على حزب الله، في حين أن الحزب لن يمكنها من ذلك لانه يعتبر نفسه انه يخوض معركة وجود محور المقاومة واستمراره والحاف الهزيمة بنتنياهو في معركته الوجودية والتي يقول أنه يريد من خلالها "تغيير وجه الشرق الأوسط".