د.أكرم حمدان - خاصّ الأفضل نيوز
فاجأ رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، جميع القوى والأطراف السياسية المحلية، وربما القوى الخارجية، بإعلانه في مستهل الجلسة التشريعية النيابية التي عقدها البرلمان أمس وأقرت عدداً من القوانين الملحة والمهمة، لا سيما منها التمديد لقادة الأجهزة الأمنية، بمن فيهم قائد الجيش العماد جوزيف عون ومدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان ومدير عام الأمن العام بالإنابة اللواء إلياس البيسري، إضافة إلى كل الضباط من رتبة عميد وما فوق، لمدة سنة، حيث أعلن عن تحديد موعد لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 9 كانون الثاني/ ينايرالمقبل.
وقال بري في مستهل الجلسة: "كما وعدت أنه بعد وقف إطلاق النار سأحدد جلسة لانتخاب الرئيس، فأنا أعلن منذ الآن تحديد 9 كانون الثاني موعداً للجلسة".
وتزامن إعلان بري مع وصول الموفد الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت للتداول مع القيادات اللبنانية في موضوع انتخاب الرئيس، حيث حضر جانباً من الجلسة التشريعية قبيل انتهائها وعقد اجتماع مع بري ولقاء عدد من النواب والكتل وكذلك مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي.
وقد طرح تحديد الموعد من قبل بري الكثير من الأسئلة حول توقيته ولماذا ليس بعد أيام مثلا ، حيث أعطى مهلة تتجاوز الشهر وكذلك لم يتجاوز مهلة الستين يوماً الواردة في اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل؟
ووفق المعلومات والمعطيات المتوفرة، فإن بري فعلا فاجأ الجميع بمن فيهم الحلقة الضيقة القريبة منه وبالتالي هو أراد التأكيد على الالتزام بما سبق وأعلنه أكثر من مرة وفي أكثر من محطة خلال إدارته لمفاوضات وقف إطلاق النار، بأنه سوف يُحدد أو يدعو إلى جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية بعد وقف إطلاق النار مباشرة.
كما أنه أعطى لنفسه ولمختلف القوى السياسية والكتل البرلمانية المزيد من الوقت لكي تبدأ التشاور فيما بينها حول الأسماء المطروحة والمرشحة لرئاسة الجمهورية والتي تشكل توافقاً لا بد منه لكي تكون الجلسة في بداية العام 2025 ناجحة و"مثمرة إن شاء الله"، كما قال بري الذي أوحى أيضاً بأنها ستكون جلسة حاسمة من خلال قوله : "سادعو السفراء المعتمدين في لبنان لحضور هذه الجلسة"، وهذا الكلام فيه قراءة لجدية بري لأن دعوة السفراء تحصل عادة وفق العرف والتجارب السابقة عندما تكون الجلسة محسومة لجهة أنها ستُنتج رئيسا للجمهورية.
وتجزم المعلومات بأن النقاش والتشاور حول الأسماء لم ينطلق بعد بشكل جدي، وبالتالي فإن المرشحَين المعروفَين حتى الآن هما الوزير السابق سليمان فرنجية وقائد الجيش العماد جوزيف عون وهناك طبعا الكثير من الأسماء الأخرى في الكواليس، إلا أن وقائع الجلسة التشريعية وما نتج عنها لجهة التمديد لقائد الجيش لمدة سنة يحمل في طياته احتمالين:
الأول:أنه لا يجوز أن تترك مؤسسة الجيش مهددة بالفراغ في القيادة سيما وأنه وفقاً لقانون الدفاع من يحل مكان قائد الجيش في حال غيابه هو رئيس الأركان وحالياً لا يوجد رئيس للأركان بسبب الخلافات السياسية التي لا تسمح أيضاً بتعيين قائد للجيش في ظل الفراغ الرئاسي ومن قبل حكومة تصريف أعمال، وهذا طبعاً إضافة إلى الدور المطلوب من الجيش على مستوى حفظ الأمن في البلاد وما هو مطلوب منه بعد وقف إطلاق النار في الجنوب أيضاً والثقة التي يتمتع بها العماد عون على رأس المؤسسة العسكرية داخلياً وخارجياً.
الثاني:أن يبقى العماد جوزيف عون أحد أبرز المرشحين لرئاسة الجمهورية كونه لا زال في قيادة الجيش وفي الخدمة الفعلية، مع العلم أن هذا الأمر قد يفتح موضوع الحاجة إلى التعديل الدستوري كونه موظف فئة أولى، وبالتالي قد يكون مفعول التمديد معاكساً.
وفي كلا الحالتين أو الاحتمالين سيكون موعد التاسع من كانون الثاني المقبل، يوماً مفصلياً لجهة الحسم في مسألة انتخاب رئيس الجمهورية وانتقال لبنان إلى مرحلة جديدة، إلا إذا قرر العدو الصهيوني من خلال انتهاكاته واعتداءاته المتواصلة على أبناء الجنوب والسيادة اللبنانية، عودة عقارب الساعة إلى الوراء.
في المحصلة، نحن أمام مرحلة اختبار للنوايا والوعود الدولية تجاه لبنان وأمام امتحان جديد للقوى السياسية والكتل البرلمانية لتغليب المصلحة الوطنية على المصالح الشخصية والذاتية والحزبية الضيقة.