تمجيد قبيسي _خاص الأفضل نيوز
في العام ٢٠١٧، أعربت الوفود المشاركة في محادثات أستانا للسلام في سوريا عن قناعتها بأن الحلّ الوحيد في سوريا هو من خلال عملية سياسية مبنية على تطبيق القرار ٢٢٥٤، وعملت الجهات المشاركة آنذاك باستخدام نفوذها إدخال وقف إطلاق النار حيز التنفيذ بالاستناد على قرار مجلس الأمن ٢٣٣٦ كما تقرر إنشاء آلية ثلاثية لمراقبة وضمان الالتزام الكامل بوقف إطلاق النار ومنع وقوع أي استفزازات ووضع الآليات الناظمة لوقف إطلاق النار.
خلال الفترة الماضية، شهدت الجبهة السورية سكوناً غير بعيدٍ عن الخروقات لمحادثات أستانا، كحال الخروقات التي عمد إليها جيش العدو الإسرائيلي في لبنان فيما يخص القرار ١٧٠١، إلا أنه ومع بدء العدوان الإسرائيلي على غزة، وفتح محور المقاومة جبهات الإسناد لغزة، بدى واضحاً تحريك الجماعات التكفيرية في سوريا بشكلٍ علني، وانفجر على الملأ هذا التحرك مع إعلان وقف إطلاق النار بين لبنان والكيان الإسرائيلي.
من الواضح أن العدو الإسرائيلي، وبضوءٍ أميركي أخضر، قد اتخذ القرار بصناعة شرق أوسط جديد، وإعادة ترتيب أوراقه في المنطقة في ظل النفوذ المتصاعد الوتيرة لقوى محور المقاومة، وهذا ما استُهل العمل به عند خطاب نتانياهو في الكونغرس الأميركي، غير أن واشنطن كانت ولا زالت تسعى لإعادة الأحادية بعد التنامي الاقتصادي والعسكري الروسي والصيني، فكان الموعد الأنسب لهذا المشروع هو في خضم طوفان الأقصى، باعتبار أن إسرائيل وصورتها كانت على المحك، وصياغة السياسات الأميركية تتزعزع بهذا تلقائياً، كما أن الرؤية المستقبلية كانت متعلقة بهذه المعركة الوجودية بحسب النوايا الأميركية - الإسرائيلية، فعليه كان الحل الأنسب لمجابهة هذا المشروع تفكيك وحدة الساحات، ومن خلال المتابعات كانت الخطوة الثانية هي البدء بضرب قوى المحور واحدةً تلو الأخرى، وكان أول الغيث حزب الله الذي استنزف العدو من الثامن من أكتوبر ، (مع الإشارة إلى أن الجماعات المسلحة كانت قد بدأت باستنزاف الجيش السوري وحلفائه على الأراضي السورية) واعتمد العدو على سيناريو شبيه بسيناريو يوم القيامة المعلن عنه، أي مع اغتيال القيادات وعلى رأسهم سماحة الأمين العام لحزب الله، وضربتي البايجرز والأجهزة اللاسلكية…. بهدف شل الحزب استباقياً، وزرع الإحباط في نفوس جنوده وشعبه، واعتبر العدو أنه قد يُنهي الحزب بهذه الطريقة، أو على الأقل أن يرضخ لشروطه، لكن هذا المخطط قد فشل وتفاجأ العدو برياً على الحدود الجنوبية… فما كان منه إلا أن يسعى لتفكيك خطوط الإمداد من خلال إشعال الفوضى في الجبهة السورية عبر المجموعات الإرهابية المسلحة، وهذا ما تحدّث عنه الإعلام العبري الذي عدد التبعات الإيجابية لما يحصل في سوريا، كما أن حديث نتنياهو كان واضحاً عن عدم إنهاء الحرب وأن الاتفاق هو عبارة عن وقف مؤقت لإطلاق النار، غير أن القدرات العسكرية المتطورة في يد المجموعات الإرهابية المسلحة تتحدث عن نفسها وتظهر ما مدى الدعم الخارجي من قبل القوى الداعمة التي باتت معروفة، ما يكفي للتيقن من أن هذه الخطوة ليست تكتيكيةً موسمية لتحقيق مكاسب على الصعيد السياسي، بل هي جزءٌ من تنفيذ المشروع الإسرائيلي - الأميركي وهو "شرق أوسط جديد".