خليل حرب - خاصّ الأفضل نيوز
تاريخ حافل بالقتل والغدر، لكن "تبييض" صفحة أبي محمد الجولاني، تمضي قدما منذ سنوات، حتى برغم إشعال نيران حرب سوريا، وعليها.
من تغيير هندامه وقصة شعره وارتداء سترات أنيقة في مقابلات إعلامية، وجولته الدعائية في قلعة حلب مؤخرًا، وإطلاق "تطمينات" حول مصير المناطق الجديدة التي غزاها في لحظة سورية داخلية وإقليمية خطيرة، يحاول الجولاني، الذئب الذي غدر بكل حلفائه وأباد خصومه المنافسين وسحل المدنيين وأعدمهم، ارتداء ثوب الحمل الوديع.
الجولاني مخادع بلا شك. ذهب إلى العراق لمحاربة الأميركيين في العام 2003، ووجد مكانه الملائم في تنظيم القاعدة الذي قتل وذبح وسحل من العراقيين أكثر مما قتل من الغزاة الأميركيين (كما فعل في سوريا لاحقا)، وليس مفهوما فعلا كيف اعتقله الأميركيون مرارا، ثمَّ أطلقوا سراحه، ما يؤكد الشبهة بأن العمل الأمني للغزاة، كان يقتضي بأهدافه العراقية والإقليمية، مداراة "الإرهابيين"، إن لم يكن تشغليهم.
المهم أن الجولاني ويا للغرابة، بقي في العراق ولم يغادر. وواكب انقضاض أبي بكر البغدادي على الفصائل "السنية" الأخرى المنافسة وصولا إلى إعلانه تشكيل تنظيم "دولة العراق الإسلامية"، وعندما تم إشعال النيران السورية، كلف البغدادي، الجولاني بتشكيل "جبهة النصرة" في سوريا، لكنه تمرد تدريجيا على عرابه الأول، رافضا الاندماج مع تنظيم داعش الذي أصبحت "ولايته" تشمل العراق وسوريا، ثم قاتل منافسيه في الداخل السوري، وتخلص بالقوة من العديد منهم، أو أخضعهم، تلقفته قطر، في مقابلتين له على قناة "الجزيرة" عامي 2014 و2015، أعلن بوضوح أنه لا يريد دولة إسلامية تسكنها أقليات سوى تحت بطشه، بحيث لا يمكن للعلوي أن يبقى علويا، والجزية ستفرض على المسيحيين، والشيعة يقطنون قرى "محاربة" ويجوز قتالهم.
وتحدث وقتها عن أن "الجبهة" لا تريد حكم إدلب التي أخضعها بالنار، تماما مثلما روج كذبته الجديدة الآن بأنه لا يريد أن تدير "هيئة تحرير الشام" مدينة حلب، وأنه سيسلمها لـ"هيئة انتقالية" لإدارتها، وأن مقاتليه سيغادرون "خلال أسابيع".
والآن، عبر "سي إن إن" يبشر بـ"الحكم الإسلامي" ويغسل يديه من دماء الأقليات الأخرى، بالقول "كانت هناك بعض الانتهاكات ضدهم من قبل بعض الأفراد خلال فترات الفوضى، لكننا عالجنا هذه القضايا، لا يحق لأحد محو مجموعة أخرى أو القضاء عليها".
تقلبات الجولاني بلا حدود. في 2016، قطع علاقته بـ"القاعدة"، وأطلق "جبهة فتح الشام"، ثم حولها إلى "هيئة تحرير الشام". في مقابلة مع قناة أميركية العام 2021، قال "نعم انتقدنا السياسات الغربية، ولم نقل إننا نريد محاربة أميركا وأوروبا".
يشهد السوريون (واللبنانيون الذين نالهم إرهاب النصرة في لبنان) بمرارة على جرائم الجولاني. هناك توثيق متعدد لانتهاكاته في المناطق التي "أدارها" في إدلب وريف حلب، وضحاياها بالآلاف.
أيُّ مؤامرة هذه التي تتطلب "أنسنة" الجولاني؟!