مارينا عندس - خاصّ الأفضل نيوز
بعد محاولات العدوان الإسرائيلي الفاشلة بزرع اليأس في قلوب اللبنانيين، تردّد على ألسن العديد من المواطنين التفاؤل والعمل بجدية نحو النهوض والإصرار للحياة. وفي الوقت الذي استهدفت فيه إسرائيل العديد من البلدات اللبنانية، تسترجع مناطق أخرى قوّتها وعزيمتها للبقاء، تمامًا كأسواق بعلبك. ما سيؤدي إلى التخفيف من حدّة المخاوف الجيوسياسية التي ألقت بظلالها على الاقتصاد العالمي منذ اندلاع الصراع عام 2023.
ويعتقد محلّلون أنّ تهدئة الوضع بين إسرائيل ولبنان، يمكن أن يهدئ الوضع العام في الشرق الأوسط ككلّ، ممّا قد يفتح جهود دبلوماسية أوسع، خاصّة في ظل المبادرات الدولية لإعادة ترتيب الأولويات الأمنية والاقتصادية في المنطقة. فكيف نصف المشهد في المنطقة؟
بعلبك تفتح قلبها لأهالي المنطقة واللبنانيين أجمع
يقول أحد تجّار الخضار والفاكهة لموقع "الأفضل نيوز"، إنّ السوق استرجع حياته بعد أن كان ميتًا في الفترة الأخيرة، رغم أنّه لم يستسلم يوم كانت الغارات الإسرائيلية قد استهدفت العديد من المناطق البقاعية، بل على العكس كافح وناضل ليبقى في السوق وليعمل بعرق جبينه. لكنّه أكّد أنّه عند الساعة الواحدة ظهرًا، تهرول الناس إلى منزلها خوفًا من أي غارة إسرائيلية وتضطر لترك رزقها ومحلاتها. أمّا اليوم، فالوضع اختلف. عمّ السلام، ولا غارات ولا قصف في المنطقة. ولا يسودها سوى الفرح والبهجة وزحمات السير.
ويشير معلّم أحمد، إلى أنّ سوق بعلبك يحاول استعادة حركته الاقتصادية والحمد لله، حتّى أنّه أصبح أفضل ممّا كان عليه في الفترة الأخيرة (تحديدًا منذ عام 2019 حتّى الشهرين الأخيرين). وشبّه الوضع الحالي بجمعة الأعياد. أمّ زوجته، وهي خيّاطة تعمل في مجال الألسبة، تشير لموقع "الأفضل نيوز"، إلى أنّ الحركة عادت كما كانت، سيّما في فترة السلم هذه، مع ارتفاع عدد الأعراس في الأسبوعين الأخيرين.
وتؤكد أنّها طرّزت حوالي أربع فساتين للأعراس، وباعت حوالي العديد من الألبسة الرجالية والنسائية، بعد فترة النزوح الصعبة هذه. ورأت بأنّ حركة السوق قد عادت بنسبة 80% بفضل الأمان الذي نعيشه في المنطقة، آملةً من السياح والمغتربين تشجيع المنطقة وأهلها في هذه الفترة الحرجة.
بعلبك تنفض غبارها وتواجه الحرب بالمونة اللبنانية
استرجعت أسواق بعلبك قوتها مجددًا، لتنافس لبنان اقتصاديًا وسياحيًا ولتساهم في الحركة الاقتصادية، علّها تنقذ الوضع قليلًا بعد الحرب التي شنتها إسرائيل على لبنان في الشهرين الأخيرين. فعادت الناس إلى منازلها وفتحت محلاتها وأفرانها، وفاحت رائحة الصفيحة البعلبكية في كل مكان لتذكرنا بثقافة هذه المنطقة وتراثها الأصيل.
أم خالد امرأة أربعينية تعلمت مهارة تحضير المونة اللبنانية من والديها في السنوات الأخيرة، تحديدًا في فترة الأزمة الاقتصادية وكورونا. وها هي اليوم تحضّر الكشك ليكون الطبق الشتوي الأساسي لأهالي المنطقة.
وفي حديثها لموقع "الأفضل نيوز"، تؤكد أم خالد أنّ قائمة المونة تشمل الفريك والملوخية والبهارات وماء الورد وماء الزهر، بالإضافة إلى العصائر ودبس الرمان والمكدوس. وهي تصنع أيضًا مربيات المشمش والتين والكرز والفراولة. وتقوم بتجفيف الزبيب. وبهذه الطريقة، تساهم في العجلة الاقتصادية، وتؤمن المأكل لأهالي المنطقة. وها هي اليوم، تطمح لفتح مركز يعلّم فن مهارة تصنيع المونة اللبنانية من خلال دورات تدريبية تعزز روح الانتماء من جهة، وتؤمن لها رزقها من جهةٍ أخرى.
أم خالد تحوّل الطماطم إلى دبس، والخيار إلى مخلل والرمان إلى دبس الرمان، والتين إلى مربّى لتوفير الغذاء لها ولأهالي المنطقة بالدرجة الأولى، ولتعزيز التحدي والصمود والهوية اللبنانية بالدرجة الثانية.
ختامًا، تُعتبر مشاريع تحضير وبيع المونة المنزلية، ركيزة أساسية من ركائز التنمية الريفية وتمكين المرأة اقتصاديًا. وتبرز الحاجة إلى دعم هذا القطاع، إذ تشكّل هذه المشاريع حلقة اقتصادية مترابطة، بحيث يستفيد منها المزارع وجميع العاملين في تحضير المونة، بالإضافة إلى منتجي المواد الأولية.