كمال ذبيان - خاصّ الأفضل نيوز
منذ إعلان وزير الداخلية العميد أحمد الحجار عن إجراء الانتخابات البلديّة والاختياريّة ابتداءً من ٤ أيار المقبل، بدأ العمل في المدن والقرى لكل لبنان، بما فيها الجنوب المدمَّر بالعدوان الإسرائيليّ والذي لم يستثن منها، للتَّحضير لها، من قبل أحزاب وهيئات وعائلات.
وهذه الانتخابات استحقاق سياسيٌّ وإداريٌّ وإنمائيٌّ، تأجَّلت لثلاث مرّات، فتزامنت في العام ٢٠٢٢، مع الانتخابات النّيابيّة، ثم في العام ٢٠٢٣ مع الشُّغور الرِّئاسي وحكومة تصريف أعمال، وفي العام ٢٠٢٤ بسبب الحرب الإسرائيليّة على لبنان.
فلم يعد هناك من مبرِّر لتأجيلٍ رابعٍ لها، بعد حصول انتخابات رئاسة الجمهورية، وتشكيل حكومة، فاتّخذ القرار بحصولها، وهي تسبق الانتخابات النّيابيّة بعام، وستكون اختبارًا للقوى السِّياسيَّة والحزبيَّة، في تأكيد حجم شعبيَّتها، لا سيما من الذين يسمُّون أنفسهم "قوى التَّغيير" الذين فازوا في الانتخابات النّيابيّة في عام ٢٠٢٢ بـ ١٢ مقعدًا وهذا ما اعتبرته هذه القوى انتصارًا لـ "ثورة ١٧ تشرين الأول ٢٠١٩"، وهي حصدت التَّغيير أيضًا بانتخاب قائد الجيش العماد جوزاف عون رئيسًا للجمهوريّة، الذي لم يقبل بمواجهة وقمع المتظاهرين في الشَّارع والمعتصمين في السَّاحات، ولم يمتثل لطلب السُّلطة السِّياسيّة وعلى رأسها الرَّئيس السَّابق ميشال عون الذي اتَّهمه مع صهره رئيس " التَّيار الوطنيّ الحرّ" جبران باسيل، بأنَّه يقدِّم نفسه لرئاسة الجمهوريَّة أمام أميركا ونجح، وفق ما يقول باسيل في مجالسه، وهذا ما ينطبق على نواف سلام الذي تمَّت تسميته رئيسًا للحكومة وشكَّلها، فاعتبره "الحراك الشَّعبي" أنّه ثمرة ما قام به من انتفاضة ضدَّ"المنظومة الفاسدة".
فهذا العبور إلى السُّلطة من مجلس نوَّاب إلى رئاسة الجمهوريّة فالحكومة، يسعى "التّغييريّون" لترجمة انتصاراتهم المتصاعدة في الانتخابات البلديّة والاختياريّة التي ستمهِّد لهم الطَّريق إلى الفوز بمقاعد نيابيّة أكثر، يريدها الأميركيون، أن تكون في الطَّائفة الشِّيعيّة، لتغيير في المعادلة الدَّاخليّة بعدم فوز الثُّنائي "حركة أمل" و"حزب اللَّه" بكلِّ المقاعد النّيابيّة والمجالس البلديّة والاختياريّة كأوَّل استحقاق بعد الحرب.
ولن يحصر "التّغييريّون" معاركهم في الانتخابات البلديّة والاختياريّة داخل الطَّائفة الشّيعيّة، فقد يتمدَّدون إلى الطَّائفة السُّنيَّة وربما الطَّائفة المسيحيّة، التي سيكون الصِّراع على البلديات بين أحزابها، لا سيَّما "القوَّات اللّبنانيّة" و"التَّيار الوطنيّ الحرّ"، الذي أخرجوه من الحكومة، مع "تيار المردة" وهما حليفان لـ "حزب اللَّه" الذي ضغطت أميركا كي لا يتمثَّل في الحكومة، فأتى بأصدقاء له، وهي تريد أن تستكمل الحرب عليه باقتلاعه من الانتخابات البلديَّة أولاً، ثمَّ إضعاف نفوذه داخل الطَّائفة الشّيعيّة.
من هنا، فإن الانتخابات البلديَّة والاختياريّة، ستكون سياسيَّة بامتياز، وإن كان العامل العائلي يلعب دوره، لكنه بدأ يتراجع أمام قوَّة الأحزاب في المدن والبلدات، ويخوض "حزبُ اللَّه"، هذه الدورة بكثير من الزَّخم، وتأمين نجاحه فيها، ليؤكِّد على أنَّه ما زال قويًّا في بيئته الشّيعيَّة، وعبّر عن ذلك في مأتم وتشييع الشَّهيدين السَّيّدين حسن نصر اللَّه وهاشم صفي الدِّين.
إنَّها انتخابات الوزن الشَّعبي للأحزاب والتَّيّارات السِّياسيّة.