عماد مرمل - خاصّ الأفضل نيوز
أصبح لبنان بدءا من بعد ظهر الأحد، وحتى الثلاثاء، "متفرغا" بالكامل لزيارة البابا لاون الرابع عشر التي ستستحوذ على كل الاهتمام و"الحواس" بفعل ما تحمله من رمزيات ورسائل.
ويكفي أنَّ زيارة البابا كسرت روتين اليوميات اللبنانية، وحفّزت المسؤولين على تعبيد عدد من الطرقات المهملة التي اشتاقت وحدها إلى "الزفت" (باعتبار أن كل ما عدا ذلك هو زفت)، وشجعت البلديات على التنظيف والترتيب ضمن النطاق الجغرافي الذي سيمر فيه الزائر الاستثنائي، ودفعت مؤسسة الكهرباء إلى تعديل برنامج التغذية بالطاقة.
وحتى العدو الإسرائيلي أوحى بأنه سيعلق او سيخفف اعتداءاته خلال فترة وجود البابا في لبنان، إذ أفادت هيئة البث الإسرائيلية أن جيش الإحتلال عدل إجراءاته العسكرية بما يتلاءم مع زيارة البابا المقررة لبيروت، ما يحرض على التساؤل عما إذا كان المطلوب أن يبقى الحبر الأعظم في ربوعنا لكي يوقف كيان الاحتلال ارتكاباته وانتهاكاته للسيادة اللبنانية، بعدما تبين أن الضمانات الدولية غير قابلة للصرف، وأن الضامن الأميركي المفترض لاتفاق وقف الأعمال العدائية هو داعم لتل ابيب في هجماتها وشريك لها في الضغط على الدولة لدفعها إلى الخضوع والإذعان؟
ولعل الثغرة الوحيدة في رحلة البابا لاون التاريخية تتمثل في أنها لا تشمل الجنوب الذي قد يكون الأحوج إلى دفء العباءة البابوية في ظل ما يعانيه من صقيع، فهناك الجرح النازف والوجع المتوارث والاحتلال الجاثم والشعب الصامد، ولو اختار الضيف الكبير أن يذهب إلى تلك الأرض المعطاءة لكانت معاني رسالة مجيئه إلى لبنان قد اكتملت.
هي إذاً "هدنة البابا" لأيام قليلة ستشكل فرصة أمام السلطة واللبنانيبن للتأمل الروحي والتقاط الأنفاس قبل أن نعود إلى التخبط في مستنقع همومنا المتكدسة بمجرد أن يغادر الحبر الأعظم إلى الفاتيكان.
ولعل التحدي الأكبر الذي سيواجه لبنان عند انقضاء "الإجازة الروحية" هو خطر التصعيد الإسرائيلي الكبير حيث إن هناك من يروج بأن العدو سيلجأ إلى زيادة وتيرة اعتداءاته عقب مغادرة البابا أو في أحسن الأحوال بعد آخر السنة وفق ما هدد وزير الحرب يسرائيل كاتس الذي أفاد أمام لجنة الشؤون الخارحية والدفاع في الكنيست بأن واشنطن أمهلت حزب الله حتى نهاية العام لتسليم سلاحه "وإذا لم يفعل فإننا سنعمل بقوة مجددا في لبنان."
وبينما يميل البعض إلى وضع هذا التهديد في سياق التهويل والضغط لإجبار الدولة و"الحزب" على تقديم تنازلات في ملف السلاح، يدعو البعض الآخر إلى التعاطي معه بجدية والاستعداد لأسوأ الاحتمالات على قاعدة أن بنيامين نتنياهو قد يفترض أن من الأفضل له أن يشن الحرب الشاملة الآن قبل أن يستكمل "الحزب" ترميم جهوزيته وإعادة بناء قدراته فتصبح كلفة المواجهة معه مستقبلا أكبر بكثير مما يمكن أن تكون عليه راهنا.
أما حزب الله، فهو وإن كان يحاذر الوقوع في فخ التهويل، إلا أنه في الوقت نفسه يستعد للحرب كما لو أنها ستندلع غدا، وهذا ما استوجب منه عدم التسرع في الرد الفوري على اغتيال قائده العسكري الشهيد هيثم الطبطبائي، انطلاقا من مبدأ حشد الطاقات وتوفيرها للمعركة الوجودية.

alafdal-news
