مهدي عقيل - خاصّ الأفضل نيوز
لا شك أن الولايات المتحدة وإسرائيل ترتبطان بعلاقة عضوية، وتبنّي كامل من الأولى للثانية، ليس له نظير في العلاقات الدولية، لكن بدأت تظهر الندوب والفجوات على هذه العلاقة مع حكومة اليمين المتطرف، القائمة منذ 29 كانون الأول/ديسمبر 2022، برئاسة بنيامين نتنياهو. ووصلت إلى أوجها في الآونة الأخيرة على وقع الاختلاف في كيفية إدارة حرب الإبادة في غزة، والخطورة التي رافقتها من احتمال اتساع رقعة الحرب، لا سيما بعد استهداف إسرائيل للقنصلية الإيرانية في دمشق وما تبعها من ردٍّ إيراني ليل السبت-الأحد الماضي.
لكن ما تخطّى الاختلاف، وكان ذا طابع استراتيجي، وربما وجودي، هو نظرة الولايات المتحدة المتشائمة تجاه الكيان نتيجة الضعف الذي ظهر عليه من اللحظات الأولى لخرق كتائب القسام سياج قطاع غزة المُحصن بأقصى ما وصلت إليه أجهزة الرصد والمراقبة والتجسس والذكاء الاصطناعي في العالم، واحتلالهم بلدات الغلاف لبضع ساعات قبل أن تلتقط القوات العسكرية والأمنية الإسرائيلية أنفاسها وتستعيد زمام السيطرة.
وازداد التشاؤم الأميركي ليلة السبت-الأحد الماضية، التي كادت أن تكون ملحمة إيرانية على أرض فلسطين المحتلة لولا تدخل وسائط الدفاع الأميركية والبريطانية والفرنسية والعربية، والتي اسقطت عددًا يسيرًا من المسيرات والصواريخ الإيرانية. هذا كلّه، في الوقت الذي لم تضع إيران ثقلها في الرد، إنما اعتبرته ردًّا تأدبيًّا وحسب.
لاحظ الأميركيون فقدان الردع ووجود استخبارات معيبة، وقدرة عسكرية متوسطة، وقيادة سياسية عاجزة وغير مؤهلة وعديمة الرغبة. وترى واشنطن أن تآكل الردع بات يسيرًا بصورة دراماتيكية مخيفة، وقد لا يتسنى لتل أبيب إصلاحها وإن استعانت بواشنطن وغيرها من عواصم الغرب.
لم يعد لوم إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن على نتنياهو، إنما على الكيان برمته بعد الدرك السحيق الذي وصل إليه. لكن "الحكمة الدارجة في الإدارة الأميركية وفي أجزاء واسعة ومتزايدة في الكونغرس، هي أن هذا ما فعله نتنياهو".
عليه، أصبحت الوظيفة الاستراتيجية التي أُنشئ لأجلها الكيان عام 1948، مهتزة بمكان ما، وليست على ما يرام في أقل تقدير، فالعصا الغليظة التي كانت تخيف السواد الأعظم من دول الإقليم لم تعد عصاً أصلاً، والتفوق العسكري الإسرائيلي الذي حَرُصَ عليه الغرب لعقود، لم يؤتِ أكله في 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، ولا في ليلة 13-14 الجاري. ومُغريات تأمين الحماية للدول المُطبعة والتي في طريقها للتطبيع، لم تعد موجودة في الوقت الذي تحتاج فيه إسرائيل لمن يحميها.
في الملخص، قد يأتي اليوم الذي يعيد الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة، حساباته الاستراتيجية تجاه إسرائيل، إذا ما ظلّت في حالة تقهقر، وبحاجة دائمة لمن يحميها ويدعمها بموازنات ملياريّة، في الوقت الذي فيه التضخم يضرب أطنابه، سواء في أميركا أو في سائر دول الغرب.
ولو أننا نرى ذلك بعيداً، وقد يعتبره البعض أضغاث أحلام، لكن ثمة سؤال بات يُطرح، ولو على نطاق ضيق، بماذا يستفيد الغرب من إسرائيل إذا ما استمرت على هذه الصورة المقيتة؟ ولم يعد مستغرباً مقاربة إيجابيات وسلبيات بقائها من عدمه!

alafdal-news
