كمال ذبيان - خاص الأفضل نيوز
الرّدُّ الإيرانيُّ الذي كانت تنتظره المنطقة والعالم، وشكّك البعض بحصوله، ووفق توقيت القيادة الإيرانيّةِ، بعد عيد الفطر، فسمّي بـ "الوعد الصّادق"، والذي تحت عنوان ردّ "حزب الله" على العدوانِ الإسرائيليِّ على لبنان صيف ٢٠٠٦.
وهي المرّة الأولى التي تدخل "الجمهوريّةُ الإسلاميّةُ الإيرانيّة" في الحرب مباشرة على الكيان الصّهيوني الغاصب، الذي وصفه قائد "الثّورة الإسلاميّةِ الإيرانيّة" الإمام الخميني بـ "الغدّة السّرطانية" التي يجب اجتثاتها من جسد الأمة، الذي تتآكله، باعتدائها وتوسّعها وإقامة المستوطناتِ على أراضي فلسطين المغتصبة.
فإيران ساحة من ساحات المقاومة ضدَّ الاحتلالِ الإسرائيليِّ وتشكّل مع دول وفصائل المقاومة "محور المقاومةُ" الذي بنته مع حلفاء لها وأوّلهم "حزب الله" في لبنان الذي على تماس مع العدوانِ الإسرائيليِّ، بعد غزوه للبنان صيف ١٩٨٢، فنشأت "المقاومةُ الإسلاميّةُ" توأم المقاومة الوطنيّة اللبنانيّةِ، التي انطلقت شرارتها في ٢١ تموز ١٩٨٢ في حاصبيا، ثمّ توالت عمليّاتها في كلّ المناطق ومنها في بيروت التي دخلها العدوُّ الإسرائيليُّ، بعد أن صدّته المقاومةُ عند تخومها، إلّا أنّه حصل اغتيال بشير الجميل الذي نصّبه الاحتلال الإسرائيليّ رئيسًا للجمهوريّة، لكن المقاوم حبيب الشرتوني، كان له بالمرصاد، ففجّر بيت الكتائب في الأشرفية على رأسه وهو الذي نسّق مع العدوِّ الإسرائيليِّ غزو لبنان، وظهر مع وزير الدفاع أرييل شارون وقادة العدوِّ العسكريين، يتابعون سير العمليات، ومنها حصار بيروت، التي قُصفت في يومٍ واحدٍ على مدى ١٣ ساعة، لإجبار فصائل المقاومة الفلسطينيّة على الخروج من بيروت.
وانطلاقة المقاومةِ الوطنيّة تمّت رعايتها من سوريا، التي تمكّنت مع إيران من توحيد توجّه المقاومة، التي توسّع وجودها مع سقوط النّظام العراقي، وظهور حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" اللّتين رعت طهران انطلاقتهما في نهاية ثمانينات القرن الماضي، بعد أن انحرفت منظّمة التّحرير الفلسطينيّة نحو "السّلام" مع العدوِّ الإسرائيليِّ.
فمحور المقاومةِ وخلال ٤٠ سنة، سجّل انتصارات، ومنها تحرير لبنان عام ٢٠٠٠ ثمّ غزّة ٢٠٠٥، وبدأت طلائع المقاومة في الضّفةِ الغربيةِ، فتغيّر وجه الصّراع مع العدوِّ الإسرائيليِّ، الذي أصبح يواجه محورًا من طهران إلى العراق فسوريا ولبنان وفلسطين وصولًا إلى اليمن في السنوات الأخيرة، وهذا ما زاد من قلق الكيان الصّهيونيّ، الذي لم ير في تاريخه على مدى ٧٥ سنة، دولًا وفصائل مقاومة تقف ضدَّ وجوده، بل استسلمت أنظمة عربيّة له وأقامت اتفاقات وعلاقات تطبيع، لأنّها الدولة القويّة في المنطقةِ، وجيشها لا يقهر، لكن محور المقاومة، قلب المعادلة، التي غيّرت قواعد الاشتباك مع العدوِّ الصهيونيِّ، الذي هُزم في لبنان، وفي غزّة، وكانت هزيمته الكبرى في عمليّة "طوفان الأقصى" التي نفّذتها "كتائب القسّام" بحركة "حماس" فدخلت إلى غلاف غزّة وأتت برهائن وبعدها أعلنت حكومة العدوِّ برئاسة بنيامين نتنياهو الحرب التي حدّدت أهدافها باحتلال غزّة والقضاء على "حماس" وتحرير الرهائن، لكن جيش الاحتلالِ لم يتمكّن من تحقيقها، واستمرت المقاومةُ في غزة يساندها "حزب الله" في لبنان، ومعه الحشد الشّعبي في العراق و"أنصار الله" في اليمن إضافة إلى سوريا، مع دعم كامل من إيران، فوقع الكيان الصّهيوني، في كمّاشة المقاومة، وقرّر ضرب رأسها، فاختار قادة من "الحرس الثّوريّ الإيراني"، إلى أن كان القصفُ على القنصليّةِ الإيرانيّةِ في دمشق، وهو اعتداء مباشر على أراضي الجمهوريّة الإسلاميّة، التي أعلن مرشدها الإمام الخامنئي بالرّد على استشهاد سبعة ضباط من الحرسِ، الذي لبّى النّداء، فكان الهجوم فجر ١٤ نيسان بالمسيّرات والطّائرات وعلى مواقع عسكريّة، دخول إيران مباشرةً بالحرب، التي بدأها العدوُّ الصهيونيُّ وكان يسعى إليها منذ سنوات لتدمير المفاعل النّووي، فكانت واشنطن تردعه، لا بل ذهبت إلى اتفاق نوويّ مع الجمهوريّة الإسلاميّة.
لقد رأى نتنياهو بأنّ الفرصة مناسبة للحرب مع إيران، وحرفها عن غزة وما يحصل فيها من مجازر ودمار، وجرّ أميركا ودول أخرى، إلى أن الحرب هي مع الجمهوريّة الإسلاميّة وليست مع غزّة، التي ستبقى هي الأساس في المعركة الوجوديّة مع فلسطين كلّها، إنّها حرب الوجود.

alafdal-news
