خاص الأفضل نيوز
ينام وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام المولوي على أحلام الوصول إلى سدة رئاسة مجلس الوزراء في أي تسوية محتملة. وعلى ما يبدو، ثمة من يهمس في أذنه مدعياً القدرة على تسويقه أمام "الجهات المقررة" ومن ثم إيصاله إلى حيث يجب أن يصل. هذه الجماعة تحديداً "تزرع" في رأسه مفردات سوف تقوده إلى التهلكة السياسية والوظيفية، وتقوم بتصويره كأنه "منقذ" أو شخص مرغوب، وأنه "وسطي"، و"مستقل" و "ناجح" في إدارة الملف الأمني، وأنه محل "ثقة" عربية – خليجية لـ"دوره" في القبض على شحنات "الكبتاغون" التي كانت في صدد التصدير نحو الخليج العربي، رغم أن الجميع يعلم، أن دور "الوزير" هنا، حُصر في "بلغوا وتبلغوا"، بينما كانت الأجهزة هي من تقوم بأداء الوظيفة الأكبر وعلى ظهرها أُلقي الحمل.
عليه، يعتقد المولوي، أن الطريق نحو وصوله لـ"السراي"، يمر ليس من انتخاب رئيس للجمهورية، إنما من خلال واسطته ووسطيته. لذا، يتطوع في إسداء الخدمات لأي جهة كانت. في موضوع الحرب في الجنوب، يذكر أنه يقوم "بما يلزم" لحماية البلد من الحرب، بينما عناصر قوى الأمن الداخلي يقفون طوابير طوابير، أمام المستشفيات وفي جيش "خدمة الفاليه".
في ملف جريمة قتل الصراف محمد سرور، يُساير الثنائي الشيعي معلناً أن "الموساد الإسرائيلي" يقف وراء الحادث، وفي موضوع مقتل المسؤول في القوات باسكال سليمان يعطي إشارات لمصلحة القوات اللبنانية، كعدم الجزم بنهائية تحقيقات الجيش. ينتقل من مفردة إلى مفردة بشكل أشبه بشخص ضائع. في موضوع تصوير منزل النائب "وضاح صادق" يركض نحو الشعبوية، ويعلن أنه "سيتابع بجدية"، مع الإشارة إلى أن القضاء هو الآمر النهائي في مثل هذه القضايا، ليس الوزير الذي علق في الزمن!
في المقابل، يراقب الوزير من بعيد أسماء "تُسقط" في سوق الترشح لرئاسة الحكومة باكراً. وبدلاً من التفرغ أكثر في مجال متابعة الملفات الأمنية وتصحيح الخلل الناشئ عن مصيبة "الأمن ممسوك"، يتفرغ الوزير للكُمون لزملائه من الشخصيات السنية في مجلس الوزراء، مخصصاً "شبه جهاز" يقوم بالتحري عن أي منهم، يقارب مسألة رئاسة مجلس الوزراء بأي طريقة، ومن جهة أخرى، يجند شخصيات ووسائل إعلام، ويقوم مقربون منه بتزويدهم بمعطيات، لضرب هذا "الزميل" أو الانتقام من آخر، ليتحول إلى لاعب غير مرغوب فيه داخل ملاعب غيره.
يحدث كل ذلك في وقتٍ ينشغل الوزير عن مسائل حياتية – مهمة لا بد أن تكون في صلب مهام وزارته، كتأمين حلول لأزمة جباية الضرائب لمصلحة الدولة، أو ما يصطلح على تسميته بـ"الميكانيك"، المجمدة الجباية فيه منذ أعوام، كنتيجة طبيعية لفشل الوزير في العثور على الترياق المناسب أو آلية الاتفاق بينه وبين هيئة إدارة السير، ما يسهم بلا أدنى شك في تأمين مليارات الليرات لمصلحة الدولة. وفيما كان يفترض أن تبدأ الجباية فور صدور الموازنة العامة للعام الجاري، تفاجأ المواطنون أن الجداول لم يتم إعدادها، وإن الشركات المزودة عادة للخدمة أخرجتها من رزنامتها، لأسباب عدة من بينها وليس أولها توقف "النافعات" عن العمل، والخلل الذي يعتري هيئة إدارة السير بفضل سياسات اللاوزير. بدلاً من ذلك، أوعزَ المولوي بترك قوى الأمن الداخلي تتدبر شؤونها بنفسها في مجال إدارة بعض مراكز النافعة التي تم افتتاحها بقرارات قضائية. وبدل أن يسفر ذلك عن تحرير معاملات المواطنين المتوقفة وتخليصهم من لعنة "السماسرة"، تكاثر هؤلاء كالبعوض تحت جنح القانون، وغدت أسوأ مما كانت، هذا عداك عن الأرقام "الفلكية" للتسجيل.
وبالنسبة إلى المعاينة الميكانيكية، يبدأ الموضوع ولا ينتهي. الوزير الذي كان له دور أساس في توقيف العمل في هذه المصلحة بعدما أصدر قراراً بوقف عمل شركة "فال" المشغلة لها بسبب ما قال أنه "رفعها بدل استيفاء الخدمة ليبلغ 120 ألف ليرة لبنانية بدلاً من 30 ألفاً"، تقول أوساط أنه كان سببًا سطحيًّا لإخفاء أسباب أعمق، من بينها إخراج الشركة ومحاولة إرساء بدائل عنها لا يبدو الوزير أنه بعيد عنها، مدعياً أن ما يهدف إليه "تأمين شروط جديدة ومختلفة". وبمعزل عن الاشتباك الذي نشأ حول الشركة وأخرج "المعاينة" من الخدمة منذ عام تقريباً، مع ما رتب من أضرار بالجملة على حوالي 450 موظفاً في عز الأزمة كانوا يؤمنون قوتهم عبرها، وبمعزل عن التسبب في مخاطر كبيرة على السلامة المرورية نتيجة عدم معاينة السيارات، في بلد تتسبب طرقاته بأضرار مأساوية على السيارات والآليات، خرج الوزير قبل أيام معلناً عن مناقصة صورها على أنها حصرية ومفيدة، منصباً محافظ بيروت القاضي مروان عبود قائماً عليها بعد أن جعل منه رئيساً لهيئة إدارة السير من دون خبرة، علماً أنه لا الوزير ولا فريقه ولا حتى محافظ بيروت، هم أهل لإدارة هذا النوع من الوظائف، الخارجة عن مفهوم اختصاصهم الأساس كقضاة، وببساطة، يجب أن يكون الملف من اختصاص أشخاصٍ قائمين على "السير" الذي يعد في البلدان المقتدمة اختصاصاً في خد ذاته.
وأملاً بخروج "مشروع الوزير" إلى الضوء بعد حوالي شهرين بنشر أسماء الشركات المؤهلة للدخول في المناقصة، يبقى مصير المعاينة معلقاً، من دون وجود خطط واضحة لكيفية استنهاض، المعاينة، والميكانيك، وحتى النافعات من كبوتها التي تسببت بها سياسات الوزير المعجزة.