عماد مرمل - خاص الأفضل نيوز
مرة أخرى، تكسب حركة حماس جولة إضافية في المعركة السياسية التي تخوضها بحنكة وحكمة على جبهة التفاوض حول وقف إطلاق النار في غزة.
ضمن هذا السّياق، أتت المرونة التي أبدتها "حماس" لتحريك المياه التفاوضية الراكدة عبر تخليها عن اشتراط الوقف الدائم لإطلاق النار في المرحلة الأولى من الصفقة المفترضة، الأمر الذي فتح الباب أمام استئناف المساعي الدبلوماسية لإنجاز "التهدئة المستدامة"، من دون أن تكون الحركة قد تنازلت عن جوهر موقفها وإن تكن قد تساهلت حيال روزنامة الصفقة ومراحلها.
والأهم أن النقلة التكتيكية التي بادرت إليها "حماس" أحرجت نتنياهو وحشرته في زاوية ضيقة، إذ أنها حوّلت مجرى الضغوط نحوه بعدما كانت هناك محاولة لتحميل المقاومة الفلسطينية حصرًا المسؤولية عن تعثر المفاوضات. كذلك، فإن براغماتية "حماس" وضعت واشنطن على محك إثبات صدقيتها واختبار قدرتها على إلزام نتنياهو بالتجاوب مع مسعاها المتجدد، خصوصًا أن بايدن الذي خرج من المناظرة مع ترامب مثخنًا بالجراح، يحتاج إلى تحقيق إنجاز دبلوماسي في غزة، لعله يساهم في إعادة رفع أسهمه في الانتخابات الرئاسية.
أما في لبنان، فيسود الترقب لما ستؤول إليه الأمور في غزة حتى يبنى على الشيء مقتضاه، باعتبار أن هناك تلازمًا عضويًّا بين المسارين.
وأكد مسؤول لبناني كبير لـ "الأفضل نيوز" أن حركة حماس فعلت ما يتوجب عليها فعله من إبداء مرونة وتعاون لتسهيل التوصل إلى اتفاق على وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى وبالتالي فقد أصبحت الكرة الآن باتت بكاملها في ملعب بنيامين نتنياهو.
وأبدى المسؤول الرسمي خشيته من أن يستمر نتنياهو في المناورة وشراء الوقت للتملّص من الموافقة الواضحة والصريحة على الصفقة المقترحة، ملاحظًا انه ارسل رئيس الموساد لوحده الى الجولة الجديدة من التفاوض في الدوحة، وأرجأ ارسال الوفد الأوسع الى الاسبوع المقبل، وهذا مؤشر الى انه غير مستعجل ولا يزال يعتمد سياسة اللف والدوران.
وأكد المسؤول الكبير ان الأرضية جاهزة لاستكمال التفاوض مع الموفد الأميركي آموس هوكشتاين في شأن الوضع على الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة، متى تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، لافتًا إلى أن المفاوضات مع هوكشتاين قطعت شوطًا متقدّمًا حتى الآن وأنه واثق في أن الشوط المتبقي سيتم استكماله وتتويجه بالوصول إلى اتفاق بمجرد إنهاء العدوان على غزة.
وأشار المسؤول نفسه إلى أنه وفور إنتهاء العدوان سيكون هوكشتاين في بيروت في اليوم التالي لمواصلة البحث معه من حيث توقف، موضحًا أن اللقاء بين الدبلوماسي الأميركي والموفد الفرنسي جان إيف لودريان تركز بشكل أساسي على الوضع السائد عند الحدود اللبنانية والخيارات الممكنة لاحتوائه، وبالتالي فإن الاستحقاق الرئاسي لم يكن بندًا أساسيًّا على طاولة اجتماعهما.
وبالنسبة إلى المأزق الرئاسي، كشف المسؤول الكبير أن لا مؤشرات بعد إلى خرق قريب في جدار هذا المأزق، لافتًا إلى أن العقدة والحل هما عند الذين ما زالوا يرفضون التشاور ويضعون أمامه شروطًا تعجيزية، وناقلًا عن الرئيس نبيه بري تأكيده أنه متمسّك بمبادرته التي تنطوي على آلية محددة للتشاور والانتخاب وإذا وافقوا عليها يمكن أن يبدأ تنفيذها غدًا.
وتطرق المسؤول الكبير إلى الانتخابات الرئاسية الإيرانية، كاشفًا أنه سبق له شخصيًّا أن التقى الرئيس الفائز مسعود بزشكيان عندما كان وزيرًا للصحة.
واعتبر المسؤول الرسمي أن إيران دولة عريقة وجذورها ضاربة في التاريخ وهي قدمت من خلال الانتخابات الأخيرة تجربة ديموقراطية تستحق الاحترام لما عكسته من منافسة حضارية، بينما عكست المناظرة بين جو بايدن ودونالد ترامب ديموقراطية هزيلة.
وأشار إلى أن السياسات الاستراتيجية لإيران ثابتة ولا تتأثر بتبدل الأشخاص في مراكز المسؤولية، ولذلك من المستبعد أن تحصل تحوّلات في الخيارات الأساسيّة لطهران خصوصًا على مستوى السّياسة الخارجية.