محمد علوش - خاصّ الأفضل نيوز
بعد انطلاق الحرب الإسرائيلية على غزة طُرح سؤال أساسي حول اليوم التالي بعد الحرب، وبسبب غياب الإجابة عن هذا السؤال لا تزال الحرب مستمرة لأنه لم يحصل الاتفاق بعد حول اليوم التالي لتوقف الحرب على غزة، والذي سيحدد مصير الحكم في القطاع، مصير حركة حماس، هوية المسيطر أمنياً، مصير الحصار وملف المعابر وإعادة الإعمار.
انسحب السؤال حول اليوم التالي للحرب على غزة، على لبنان، إذ بدأنا نسمع مؤخراً كلاماً حول اليوم التالي للحرب في لبنان، وتحديداً من قبل مسؤولين في القوات اللبنانية، التي تؤكد مصادرها عبر "الأفضل" أن عاماً من الحرب يُفترض أن لا يلغى من حياة لبنان واللبنانيين وكأنه لم يكن، هذا بحال افترضنا أنها ستنتهي قريباً ولن تتحول إلى حرب شاملة مدمرة، مشيرة إلى أن هناك دروسًا وعبرًا نتجت عن هذه الحرب الطويلة، ولا بد من انعكاسها في اليوم التالي للحرب في لبنان.
بحسب هذه المصادر فإن لبنان لا يمكن أن يستمر بالوضع الراهن، أي أن طرفًا واحدًا يمتلك مصيره، يحدد متى يدخل الحرب ومتى يخرج منها، ويرسم مواقف لبنان لوحده، مشيرة إلى أن الهدف هو تغيير الواقع، ولكن بالحوار الجاد والحقيقي وبرئاسة رئيس للجمهورية في بعبدا، مع وضع كل الخيارات على الطاولة، فالقوات لا تسعى للتغيير بالقوة إنما ستسعى بقوة للتغيير.
هذا الحديث عن اليوم التالي للحرب قد يحمل تباشير مرحلة سياسية صعبة للغاية بعد توقف العدوان على غزة، خصوصاًأان الانقسام اللبناني في مرحلة الحرب قد بلغ مداه، وتبدو العلاقات السياسية سيئة للغاية، تحديداً بين المكون المسلم والمكون المسيحي، بظل دعوات للتقسيم وغيره من الحلول المستحيلة في لبنان، وبالتالي فإن الخلافات مرشحة للتصاعد لأن هناك فريقًا في البلد يقول إنه لا يستطيع المضي قدماً بوجود السلاح والعقلية المتحكمة بمصير لبنان.
بالمقابل، ترى مصادر سياسية بارزة في فريق المقاومة، أن فريقها السياسي لا يمانع من الجلوس على طاولة حوار للبحث بكل الملفات الاستراتيجية في البلد، ومنها سلاح المقاومة والاستراتيجية الدفاعية، ولكن على أسس واضحة وهي بالتأكيد تختلف عن أسس ومآرب الفريق الآخر الذي ينطلق من بحثه عن كيفية التخلص من السلاح، ونحن ننطلق من بحثنا عن كيفية تحصين لبنان والمحافظة على قوته بوجه إسرائيل.
لا تستغرب المصادر في محور المقاومة هذه الهجمة القاسية والشرسة من قبل الخصوم على المقاومة في هذا التوقيت، مشيرة إلى أن هذا الهجوم متوقع ومنتظر وهو جزء من كل المحاولات الغربية والعربية التي حصلت لأجل دفع المقاومة لوقف جبهة الإسناد، وهي بالتالي جزء من الضغوطات التي تمارس على المقاومة، ولكنها بنظر المصادر لن تستمر طويلاً بحال حصلت تسوية كبرى في المستقبل.
تؤكد المصادر أنه عندما يحين موعد التسوية الكبرى فكل هذه القوى التي ترفع اليوم شعار اليوم التالي للحرب على لبنان، ستسير بما تتطلبه التسوية، والتي لا شكّ أنها لن تأتي على حساب المقاومة وفريقها السياسي، وهذا ما يُقلق أصلا قوى المعارضة الذين يكررون السؤال ذاته مراراً أمام كل الموفدين الدوليين حول مصيرهم ومصير التفاوض الدولي مع لبنان.
لا شكّ أن الحرب خلقت جروحاً داخلية قد يصعب علاجها بسرعة، ولكن ارتباط القوى السياسية اللبنانية بأطراف خارجية فاعلة، تجعل كل شيء ممكناً، من التسويات الرئاسية، إلى تسويات الحفاظ على النظام أو تعديله. كل شيء ممكن.