مفيد سرحال- خاصّ الأفضل نيوز
في أعقاب كل غارة للمقاومة وآخرها غارة الأربعين، ردًّا على اغتيال القائد الجهادي فؤاد شكر، تخرج الثعالب من المغارة وهاجسها الدجاج المنتوف وثقافة القن وفن التلمظ والتسخيف والتبخيس، وتتسابق على المنافقة و(التعفيص) في الوحل والطحلب وقشور الحبر الداشرة .
هذه الثعلبية المتفشية في الوسطين السياسي والإعلامي تقودنا إلى التسليم التاريخي بفكرة الصراع بين فلسفتين وهويتين وعقليتين في نظام التضاد التنابذي المشبع بالذاتيات والخصوصيات الفئوية والمصالح والذي انطبع به لبنان منذ صياغة وصنع وإنشاء الكيان .
بالعودة إلى الغارة -الضربة -الرد، فإن كل المعلومات المتوافرة والمتداولة والمعطيات وأبرزها الصمت البليغ لقادة العدو والطوق الأمني والرقابة المشددة وعدم استصدار أي بلاغ ينقض سردية المقاومة بجملة مفيدة أو صورة عتيدة وكل ذلك مشفوع بابتلاع الضربة لا بل الصدمة والذهول من قدرة المقاومة على قراءة المشهد الصهيوني بأدق تفاصيله الأمنية والعسكرية والبنى على أنواعها ودرجة أهميتها بانكشاف غير مسبوق في تاريخ الصراع... واستطرادا جاء البيان الذي يحمل صدقية المضمون والجهة التي تقف خلفه حول المعلومات المؤكدة عن وصول المسيرات الست من أصل ستين إلى عمق العمق مستهدفة مقر وحدة ال 8200 التي تعتبر وكرا تجسسيا عملانيا على درجة عالية من الخطورة والأهمية ويعتبر ثاني أكبر منصات التجسس والاستعلام والعمليات الأمنية المعقدة في العالم.
إن المقاومة التي مارست باقتدار وعبقرية عسكرية عز نظيرها حتى في صفوف الجيوش النظامية أكبر عملية تمويه وتضليل استراتيجي في قصف ضاحية تل أبيب ردا على قصف ضاحية بيروت من خلال تجويف القبب الحديدية وتفريغ محتواها وتوفير المسارات الآمنة للمسيرات في المنعطفات والعقد المرصودة من جيش الاحتلال، واستدراج مئة طائرة لضرب أهداف وهمية ومجسمات مموهة شاغلة سلاح الجو الصهيوني بأكبر غزوة جوية فاشلة حارمة الكيان الباحث عن قشة نصر في بحر هزائمه من إعادة الترويج لتفوقه وقوته الجوية القاهرة فإذا بحملته الموهومة تطال مستوعبات خلبية وأقفاص لم يعلِّق ثعالب الإعلام والسياسة ودجاج السفارات في إثرها على الخيبة والخسران الصهيوني لابل صاحت وناحت الفراخ على الاستباقية والربحية وجدوى الحرب وفارق القوة، ولو كان صحيحا تدمير 6000 صاروخ دقيق لكانت انزاحت جبال وحصل زلزال ، في وقت لم يسجل ارتقاء مقاوم واحد جراء الاستباقية المزعومة .
أما تسديد المقاومة الضربة على الوكر الاستراتيجي الأبرز في الكيان بغض النظر عن حجم الضربة وفاعليتها وآثارها المادية فإن مجرد وصول المسيرات إلى هذا العمق والمكان والرمزية فإن الضربة حققت أهدافها كرسالة قاسية صلبة صوبت ميزان الردع بالأحرى هي أقرب للتأديب والإرعاب عبر هز العصا للكيان الذي كان يا ما كان العصا الغليظة بيد الغرب الاستعماري لتأديب العرب وتخويفهم وإذلالهم فإذا به بدا مذعورا محاطا بالبوارج وحاملات الطائرات والغواصات غير التقليدية فالمُرعِبُ صار مرعوبا والرادع صار مردوعا والمتفوق بنظر الغرب صار أخرقا" مصابا بفقدان المناعة المكتسبة من أمصال الغرب الجماعي والنازي المجرم بنظر الانتلجنسيا الغربية
.
إن الإنجاز العملياتي الاستراتيجي للمقاومة اختزله العقل (القُنِّي) الدجاجي لثعالب الإعلام وصيصان السفارات بالريش والفراخ.
فالتقفيص و(القنية...من قن) في لبنان موضة ثقافية انتجت رجالا تحيض لا تبصر إلا بعين الثعلب وعقلها دجاجي غارق بأرياش التفاهة والسخافة .
وأخيرا لطالما عودتنا المقاومة على المفاجآت فماذا لو كان لدى المقاومة صور للضربتين في ضاحية( تل أبيب)؟؟ وعدم الإفصاح عنها مرهون بمواقيت محددة إمعانا في تهشيم الغلاف النفسي للكيان قادة وجمهورا وتظهير صورة نتنياهو الموسومة بالكذب في أعلى درجات عريها وسقوطها المعنوي وذلك على غرار سياحة الهدهد وما حمله تحت جناحيه من مشاهد لقطاعات حساسة في الكيان الصهيوني الزائل.... عندها كيف ستكون ردة فعل أجهزة رصد مزارع الدواجن؟؟ المعتاشة من علف السفارات .
ولماذا لا يتطرق هؤولاء إلى إعطاب الكيان :التهجير من غلاف غزة وشمال فلسطين المحتلة، الهجرة المعاكسة، هجرة الرساميل والاستثمارات الداخلية والخارجية في قطاعات الهايتك أي الصناعات التكنولوجية وغيرها، الاستقالات في مواقع عسكرية ومدنية متقدمة، هجرة الاشكيناز والطبقة الوسطى وبقاء قطعان (الردش )من المستوطنين الجدد ، التصدع المجتمعي لدرجة وقوف الكيان المؤقت على شفا احتراب أهلي، الخطر الوجودي وتفكك الدولة تدريجيا إذا ما طال أمد الحرب ،غياب أطروحات وأفكار ومرتكزات المؤسسين الأوائل وتراجع العقيدة الصهيونية لصالح العقيدة الأمنية، ولهذا نتلمس الخلطة القيادية المتباعدة في أهوائها ورؤاها.. كل ذلك وعقل البعض عندنا عالق في خم الدجاج يبحث عن الريش وتراجع سوق البيض في الكيان
والاسترخاء في قفص الإنكار والمكابرة والتشويش وغثيان الحكايات الساقطة سقوط أصحابها في مهاوي الخدر والوهن واللامبالاة إلى حد التآمر بقصد وغير قصد.
في المحصلة كل ما يفُحُّه الشَّامتون من تخرصات وثرثرات مقيتة لن تجعل من الدجاجة نسرا أو الثعلب أسدا وسيبقى الريش في قاموس ابن آوى لغو الحكايا الفاضحات.