نبيه البرجي - خاص الأفضل نيوز
أثناء زيارة زعيم سياسي لمرجع سياسي كبير، أبدى خشيته من أن تكون الحقبة التي تعقب الحرب أكثر تعقيداً ، وأكثر خطورة ، من حقبة الحرب ؟ السؤال الذي لا بد منه بعد أن تهمد النيران ، أي دولة لا أي رئيس دولة ؟
أي حرب ، بمثل هذه الأبعاد الكارثية لا بد أن تنتج واقعاً جديداً ورؤية جديدة . في حالتنا محاولات لتوظيف التصدعات السياسية، والطائفية، في التسويق لتوقعات بهلوانية ،مع أن تجربة التهجير وقد شهدت نوعاً مثيراً من التفاعل بين الجماعات المضيفة على اختلاف طوائفها وولاءاتها والنازحين لتعكس الوجه الحقيقي للبنان بعيدأ عن لعبة الأقنعة وعن لعبة الغرائز .
لكن المشكلة في أن من يلتقطون اللحظة السياسية ليسوا اللبنانيين الذين على الأرض وإنما الساسة الذين في الطبقة العليا من الأرض . قيل فيهم أنصاف الآلهة الذين يتحكمون بأرواح وبمصير الرعايا (هنا الأتباع) .
المرجع الكبير بدوره لا يخفي توجسه من محاولة بعض "الأيدي الغليظة" في الخارج وضع سيناريوات مريبة لمستقبل لبنان وربما لمستقبل المنطقة .
لا أحد ينسى ولا يمكن أن ينسى ما هي إسرائيل وكيف تمتد حدودها الى داخل المكتب البيضاوي في البيت الأبيض إذا ما لاحظنا أي نوع من الشخصيات القيادية اختارها دونالد ترامب لتكون الى جانبه في إدارة الكرة الأرضية بما في ذلك بطبيعة الحال الشرق الأوسط .
شخصيات يبدو وكأنها خرجت أو أخرجت للتو من الكهوف . السناتور ماركو روبيو وزيراً للخارجية . بيت هيغسيث وزيراً للدفاع . ثم مايكل والتز مستشاراً للأمن القومي، جون راتكليف لوكالة الاستخبارات المركزية ، واليز ستيفانيك مندوبة لدى الأمم المتحدة ، ومايك هاكابي سفيرا في إسرائيل . كلهم معادون لإيران ويرون في إسرائيل "أميركا الصغرى" (أميركا المقدسة) .
أي شرق أوسط في هذه الحال
لكن المرجع إياه يراهن على "نقطة ضوء" في الأفق ويأمل أن يتسع وهجها . التقارب السعودي ـ الإيراني ، والى حد وصف الأمير محمد بن سلمان لإيران بـ"الدولة الشقيقة" . لنتصور وجه ترامب في تلك اللحظة ، وإن كان سفير بريطاني في إحدى دول الخليج يقول أن حكومته لا تستبعد في ظل الوضع المعقد في الشرق الأوسط أن يفاجئ الرئيس الأميركي المنتخب العالم باعتزامه لقاء الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان مثلما فاجأ العالم حين قرر لقاء كيم جونغ ـ أون ، لتكون "صفقة القرن" ، ولكن من نوع مختلف عن "صفقة القرن" في الولاية الأولى ...
كل شيء ممكن ما دامت عقلية رجل الأعمال تطغى على شخصية دونالد ترامب . لن يقرع طبول الحرب ما دامت هناك خيارات أشد وقعاً على الأعصاب وعلى الرؤوس .
قناة "فوكس نيوز" ألمحت الى "السلام الترامبي" بعدما غرق جون بايدن بين النيران إن في الشرق الأوروبي أو في الشرق الأوسط . تحدثت عن ديبلوماسية الصوت العالي التي مثلما حققت "المستحيلات" في الولاية الأولى لا بد أن تحقق ما هو أكثر إثارة في الولاية الثانية التي تبدأ بعد أسابيع .
لا تنقص ترامب الفطنة لكي يتبيّن مدى نقاط الضعف في إسرائيل ، ما بدا واضحاً من فشلها في سحق أعدائها خلال أيام ، أو خلال أسابيع ، وأحياناً خلال الساعات ،في تجاربها المثيرة في الحروب الكلاسيكية مع بعض البلدان العربية . على العكس من ذلك بدت بحاجة "هائلة" الى المساعدة العسكرية اليومية إن من الولايات المتحدة أو من دول غربية أخرى . من هنا فإن أي وقف للنار هو لمصلحة إسرائيل بالدرجة الأولى وإن كانت لحقت بالأطراف الأخرى خسائر كارثية "، لا شك أن لبنان المثقل بالأزمات مثقل أيضاً بالاحتمالات .
ثمة من يعمل لإثارة الفتنة لننقل ما تناهى إلينا من مصدر موثوق في إحدى الدول العربية من أن الولايات المتحدة التي ليس من مصلحتها امتداد الحرائق الى كل المنطقة حالت دون الموساد وتنفيذ اغتيالات بالغة الحساسية في لبنان بهدف تفجير الحرب الأهلية بالوجود الهش لمئات آلاف النازحين في مناطق مختلفة ومتباينة في انتماءاتها السياسية والطائفية .
ندرك أن أركان الإدارة الأميركية العتيدة هم من الصقور . هؤلاء يدعون الى "خنق" إيران اقتصادياً ومالياً لعل ذلك يحمل النظام على وقف التمدد الجيوسياسي في الشرق الأوسط كـ"محمية" أو كـ"محظية" أو كـ"مستوطنة"أميركية . لتكون الخطة الوقائية المضادة إزالة كل العوائق بين ضفتي الخليج ، ثمة خطوات عملانية وحثيثة في هذا الاتجاه .
رهاننا يمكن أن يكون على قول المؤرخ الإسرائيلي آفي شلايم" قد تكون إسرائيل بحاجة إلى عشر سنوات لترميم ... هياكلنا العظمية" !

alafdal-news
