كمال ذبيان - خاصّ الأفضل نيوز
يعيش رئيس حزب "القوّات اللّبنانيّة" سمير جعجع لحظة انتظار انتخابه رئيسًا للجمهوريّة، لأنَّ موازين القوى الداخليّة ستأتي لصالحه، مع الهزيمة العسكريّة التي لحقت بـ "حزب اللَّه"، وفق إعلان جعجع نفسه، بأنَّ العدوَّ الإسرائيليَّ حقَّق أهدافه في حربه على الحزب الذي دمَّر ترسانته وبنيته العسكريّة، وتقدَّم باتجاه "الشّريط الحدوديّة" في الجنوب، وسيطر على نحو مئتي كيلومتر، وفق زعمه في مقابلات إعلاميّة له.
فتكرار ما حصل عام ١٩٨٢، في أثناء الغزو الصّهيونيِّ للبنان، ودخول جيش الاحتلال إلى بيروت وتسهيل انتخاب بشير الجميّل رئيسًا للجمهوريّة بعد أن وضع "القوّات اللّبنانيّة" التي كان رئيسها في خدمة العدوِّ الإسرائيليِّ، الذي شارك مع وزير دفاعه أرييل شارون وضباطه في الإعداد للغزو الصّهيوني الذي كان من أهدافه الوصول إلى نهر الأوَّلي، لإبعاد صواريخ المقاومة الفلسطينيّة عن شمال فلسطين المحتلّة، لكنَّه وسّع غزوه فوصل إلى تخوم "بيروت الغربيّة" التي كانت تحتضن المقاومة الوطنيّة والفلسطينيّة، فحاصرها، لفرض خروج قوَّات منظَّمة التّحرير الفلسطينيّة منها، وهذا ما حصل.
فجعجع يستعيد تلك المرحلة، بأنَّ المشهد السِّياسيّ الدَّاخلي سيتبدَّل لصالح مشروع "سلام" جديد مع العدوِّ الإسرائيليِّ، وهذا ما يصدر عن مسؤولين في "القوّاتِ اللّبنانيّة" الّذين يرون بأنَّ المنطقة كلّها ذهبت إلى "السَّلام" مع العدوِّ الإسرائيليِّ والتّطبيع معه، فإنَّ لبنان مع "الشَّرعيّةِ العربيّة" التي تعني الدول الموقِّعة على معاهدات "سلام" مع الكيان الصّهيونيِّ منذ "اتفاق كامب دايفيد" عام ١٩٧٨ بين النِّظام المصري والعدوِّ الإسرائيليِّ، ومرَّ الاتفاق على لبنان في أثناء الغزو الصّهيوني، لكنَّ المقاومة الوطنيّة أسقطته بعد التَّوقيع عليه في عهد الرَّئيس الكتائبي أمين الجميل في ١٧ أيار ١٩٨٣.
فاستنساخ مرحلة الغزو الصُّهيوني صيف ١٩٨٢، هو ما يجري تداوله في معراب، لجهة الاستثمار السِّياسيِّ، لما بعد "هزيمة حزب اللَّه" وفق ما يصدر من مواقف عن "القوات اللّبنانيّة" أو ما تبقَّى من "قوى ١٤ آذار"، ومن يسمُّون أنفسهم "سياديُّون"، وآخرون يعلنون عن مواجهتهم "للاحتلالِ الإيراني" الممثّل بـ"حزب اللَّه" وفق ما يؤكِّد رئيس "المجلس الوطنيّ لمواجهة الاحتلال الإيراني"، النّائب السَّابق فارس سعيد، الذي يبشِّر أيضًا بفشل "حزب اللَّه" في أن يكون "قوَّة ردع" ضدَّ إسرائيل، وأنَّ سلاحه يحمي لبنان، الذي أتى بالدَّمار عليه وتهجير أكثر من مليون مواطن يعيشون في الجنوبِ والبقاعِ والضّاحية الجنوبيّة.
هذه الأجواء التي تسود في معراب، كما لدى "السِّياديّين"، دعت رئيس القوَّات جعجع للمطالبة بعقد جلسة لمجلس النُّواب بتأمين النِّصاب القانونيِّ والدّستوريِّ لها بحضور ٨٦ نائبًا لانتخاب رئيس للجمهورية، ولو غاب عنها الثّنائي الشِّيعي، منطلقًا من أن هذا الثّنائي حركة "أمل" و"حزب اللَّه" بات ضعيفًا وفقد قوَّته العسكريّة، وهو في موقع المنهزم، ولم يعد بإمكانه فرض شروطه، وتعطيل جلسات الانتخاب أو التَّمسُّك بمرشَّح هو اختاره وسمّاه كرئيس "تيَّار المردة" سليمان فرنجية، الذي تخطَّت ترشيحه الحرب الإسرائيليّة على لبنان، وجاءت نتائجها سلبيّة على "حزبِ اللّه" الذي لم يعد بإمكانه البقاء على سلاحه.
وفي هذا الإطار فإنَّ جعجع الذي أعلن عن انتخابات رئاسيّة دون المكوّن الشّيعي الذي يضمُّ كتلتين نيابيَّتين كاملتين، فهو لاقى حالة اعتراض من كتل نيابيّة وقوى سياسيّة، واتّهم بأنَّه يعزل طائفة في لبنان، قد تتسبب بحرب أهليّة، فهو يرتكب خطأ مارسته "الحركة الوطنيّة اللبنانيّة" التي دعت إلى عزل حزب الكتائب إثر مجزرة "بوسطة عين الرمانة" التي قتل ركابها من المواطنينَ الفلسطينيينَ، فقد تطوَّرت الأحداث ليصل اللُّبنانيّون إلى اقتتال أهليّ.
ووصلت رسائل انتقاد إلى جعجع أن لا يخطو هذه الخطوة، التي تخالف اتفاق الطَّائف الَّذي انبثق الدُّستور عنه، وأكَّد في مقدِّمته، بأنَّ لا شرعيَّة لأيِّ سلطة، في غياب مكوّن طائفيٍّ عنها، فيما يعرف بـ"الدِّيمقراطيّة التَّوافقيّة" أو صيغة "العيش المشترك"، فلم يلاق جعجع من يؤيِّده في طرحه تغييب النُّواب الشّيعة عن الانتخاب، ولو قصد تطبيق الدُّستور بحضور ٨٦ نائبًا، وأن الرَّئيس نبيه برِّي علّق العمل بمبادرته للحوار والانتخاب، عندما لمس مقاطعة المسيحيِّين لها.

alafdal-news
