ليديا أبودرغم - خاصّ الأفضل نيوز
يتواصل الصراع التجاري بين الولايات المتحدة والصين، وسط نزيف الأسواق وتبادل الضربات الجمركية والتكنولوجية، فمنذ انطلاق شرارة الصراع قبل سنوات في ولاية ترامب الأولى، تحوّل هذا الصراع إلى ساحة مواجهة مفتوحة، ليس فقط على مستوى البضائع والرسوم، بل امتدّ إلى سباق الهيمنة على التكنولوجيا وسلاسل الإمداد العالمية.
ومع التصعيد الأخير الذي فاق التوقعات برسوم جمركية لن يقوَى عليها أي من البلدين، تبرز تساؤلات حول مَن المنتصر في هذه الحرب: فبينما الولايات المتحدة تراهن على كبح نفوذ الصين الذي فاق واشنطن في الميزان التجاري، تعزّز الصين تحالفاتها وتبتكر طرقاً مختلفة للفوز في هذا الصراع، عبر رفع الرسوم الجمركية المفروضة على البضائع الأميركية إلى 84%، في تطوّر لافت للصراع، الأمر الذي يؤكّد أن الصين لن تتخلى عن طموحاتها في قيادة الاقتصاد العالمي ولن تقبل الخسارة في معركتها مع الرئيس ترامب الذي قرّر تأجيل رسومه المفروضة على دول العالم لمدة 90 يوماً ليتفرّغ فقط للصين، التي شهدت في السنوات العشر الأخيرة تطوراً اقتصادياً لافتاً ما جعلها تحتل مركز القيادة في الصادرات العالمية إلى كثير من بلدان العالم في آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية، ما شكل تحدياً كبيراً لواشنطن ولدول الاتحاد الأوروبي التي فقدت مكانتها لصالح بكين، ما أعاد رسم موازين القوى ليضع العالم أمام نموذجين متنافسين، لذا تحاول واشنطن إشعال المعركة مع الصين في ساحات الرقائق الإلكترونية والتجارة عبر الرسوم الجمركية الحمائية، إلا أن الصين تملك العديد من أوراق القوة وعوامل الضغط التي يُمكن أن تردع بها ترامب أو على الأقل تجعله يتردد في المضي قدماً ببعض الإجراءات، فالفائض التجاري للصين وصل لنحو تريليون دولار في 2024 ولديها أسرع أسواق التصدير نمواً هي بلدان الجنوب العالمي.
هذا التبادل المتزايد للرسوم يثير تساؤلات جوهرية حول من سيتحمل العبء الأكبر من هذه الحرب التجارية المتصاعدة، وما إذا كانت واشنطن وبكين تتجهان نحو خسائر اقتصادية مشتركة ستطال تداعياتها مختلف القطاعات والصناعات، ما قد يفرض البحث عن سيناريوهات محتملة لمستقبل هذه الحرب وتأثيراتها المحتملة على العلاقات الثنائية والاقتصاد العالمي.
فهل ستتمكن الصين إذا ما أحسنت لعب أوراقها من توجيه الضربة القاضية لمكانة أميركا في الاقتصاد العالمي؟، بحيث تنشئ نظامًا عالميًا للتجارة لا يقود فحسب بل يترك الولايات المتحدة معزولة، بينما رسوم ترامب الجمركية قد تكون كارثة أسوأ بكثير من "Brexit".