سحر ضو - خاص الأفضل نيوز
بعد سلسلة من الإنجازات التي خطّت اسم لبنان في موسوعة غينيس، تعود الناشطة البيئية كارولين شبطيني بمبادرة جديدة تنبض بالأمل والانتماء. هذه المرّة، لا تكتفي بتحقيق رقم قياسي جديد، بل تصنع من عبوات البلاستيك الخضراء رمزًا وطنيًا ضخمًا: أكبر أرزة في العالم، مبنية من 452,000 عبوة فارغة. أرزة لا تلامس السماء فقط، بل تغوص عميقًا في وجدان اللبنانيين، حاملة في جذورها رسائل تتجاوز الجغرافيا والسياسة.
ليست هذه الأرزة مجرّد عمل فني أو تحدٍ رقمي، بل تحية وفاء لجيش لبنان، رمز التضحية والوحدة، وللتأكيد بأن اللبنانيين، رغم كل ما يمرّون به، لا يزالون قادرين على الالتفاف حول مؤسساتهم ومبادئهم. في زمن تتراكم فيه الأزمات، تنهض هذه الأرزة من نفايات الناس، لتصبح شاهدًا حيًا على قدرة وطن محطّم على أن يحوّل الألم إلى فخر، والبلاستيك إلى إرث.
كارولين، صاحبة خمسة أرقام قياسية سابقة، تعود اليوم بمشروعها السادس، ليس فقط لتُثبت مرة جديدة أن المستحيل ليس لبنانيًا، بل لتطلق أيضًا صرخة بيئية صادقة، حيث لا يقتصر الإنجاز على البُعد البصري، بل يشمل إعادة تدوير مئات آلاف العبوات، في خطوة جريئة لمواجهة التلوث وتحويل الضرر إلى فرصة. وما يضفي على المشروع بُعدًا إنسانيًا مضاعفًا، هو تخصيص ربع عائداته لدعم الأطفال المصابين بالسرطان، ليصبح كل غطاء عبوة، وكل مساهمة، جزءًا من أمل يُمنح لطفل.
لكن ما يميّز هذا الإنجاز ليس حجمه فحسب، بل روحه. فالباب مفتوح أمام الجميع للمشاركة، من خلال جمع وتسليم العبوات، في مبادرة تجعل من كل مواطن شريكًا في كتابة قصة نجاح جماعية. إنها لحظة يلتقي فيها الناس حول فكرة، ليثبتوا أن من العبوات الصغيرة يمكن أن يُبنى تاريخ جديد.
وفي حديثها عن المشروع، تقول كارولين شبطيني للأفضل نيوز: "عندما خطرت لي فكرة الأرزة، تخيّلت علم لبنان يرفرف عاليًا في سماء العالم. أيقنت أن الوقت حان لنمنح الأمل من جديد لأولئك الذين فقدوه. نعم، تعبنا جميعًا، لكن لبنان يستحق هذا التعب. ربما يئسنا، لكن لهذا الوطن حق علينا. لبنان بلد لا يُكسر، يعود دائمًا وينهض، وشعبه يجتمع في المحبة والكرم والطموح. ولهذا، أقول لكل شاب وشابة: احلموا، تجرّؤوا، لأن لبنان يستحق أحلامكم. أهدي جائزتي السادسة، بإذن الله، لكل إنسان لبناني، ولكل من دعمني، وأخصّ بالإهداء جيش بلدي، الذي تُرفع له القبعة."
منذ 2019، اكتشفت كارولين أن للبلاستيك قيمة، ليس فقط مادية، بل إنسانية. فقد قرّرت التبرع بعائدات إعادة التدوير لصالح جمعية "Kids First" المعنية بالأطفال المصابين بالسرطان، وهو ما واظبت عليه في مشاريعها السابقة، حيث لم يكن الأطفال مجرد مستفيدين، بل كانوا شركاء في النجاح، ومصدرًا للقوة.
من جانبه، يرى الناشط البيئي بيار بعقليني، مؤسس مبادرة Drive Throw by LWM،
أن ما تقوم به كارولين يُعدّ خطوة محورية في نشر التوعية البيئية. ويُشيد بمجهوداتها، مؤكدًا أن هذه المبادرات، رغم أهميتها، لا تمثّل الحل الجذري، بل تسهم في الوصول إليه. الحل، بحسب بعقليني، يبدأ من الفرز من المصدر، حيث يكون كل فرد مسؤولًا عن نفاياته، تحت مبدأ "الملوِّث يدفع". فبدون تحمّل المواطن جزءًا من كلفة إعادة التدوير، ستظل الأزمة على حالها.
ويختم بعقليني بالتأكيد أن ما تقوم به كارولين يُعتبر حملة فعالة يجب أن تتوسّع وتتكرّس، لأنها تُعيد ربط المجتمع بالقضية، وتدفع بالقطاع البيئي نحو الحل الحقيقي والمستدام، وربما للمرة الأولى في لبنان.