خليل حرب - خاص الأفضل نيوز
صحيح أن الكيان الإسرائيلي كان يشعر ومنذ سنوات طويلة بأن يده الخارجية حرة للنيل من "أعدائه"، وأنه يحمل حاليا "رخصة" أميركية (غربية) للقتل، إلا أن الأجواء الإقليمية الآن، قد تتيح للعقلية الأمنية الإسرائيلية، فرصة خاصة، للتخريب.
ليس سرًا أن نتنياهو وأعضاء حكومته لا يشعرون بالارتياح إزاء التقدم الظاهر في المفاوضات النووية بين الأميركيين والإيرانيين. ولا تزال الروايات الأميركية تتوالى حول مضمون لقاء نتنياهو في البيت الأبيض مع الرئيس ترامب الذي يعتقد أنه تعمد الإعلان عن موعد التفاوض مع الإيرانيين بحضوره أمام الإعلاميين، بينما تتحدث التقارير الأميركية، عن أن رئيس وزراء العدو كان يعتزم إقناع ترامب بجدوى خطة إسرائيلية كادت تكتمل لتوجيه ضربة قاسية الى إيران. وقد بدا أنه خرج من اللقاء خائبا حيث فوجئ الأميركيون بالمدى الذي كان نتنياهو يعتزم الذهاب إليه لضرب إيران، برغم تأكيده على حاجته التي لا مفر منها، للانخراط العسكري الأميركي المباشر فيها، وإدراكهم أن الخطة المفترضة تحمل مخاطر كبيرة على سلامة العملية ونجاحها.
غير أن ذلك، لا يعني أن العقلية الأمنية لإسرائيل سترتدع عن فكرة مغرية بالنسبة لها بعمل أمني كبير يسجل لصالحها سياسيًا ومخابراتيًا، وقد يحرج خصومها (مهمن كانوا) بعدم الرد أو عدم القدرة على الرد، وذلك في هذه اللحظة الإقليمية الحساسة، بعد جلستي التفاوض في مسقط وروما، ومع الانفتاح السعودي-الإيراني المتجدد (زيارة وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان الى طهران في أعلى زيارة من نوعها بهذا المستوى منذ نحو 15 سنة)، والتماسك اللبناني البادي سياسيًا حتى الآن، وتصميم المقاومة اللبنانية على الثبات، وصمود المقاومة في غزة برغم الإبادة الجارية، ومع تواصل جهود تركية-قطرية لتطبيع نفوذهما السوري، ومثابرتهما على تعزيز اندماج الحكم الجديد في دمشق إقليميًا، واقتراب موعد القمة العربية في بغداد.
هذا مشهد لا يبدو مريحاً بالنسبة لنتنياهو وعصابته.
ومهما كانت نتائج هذه التحركات الإقليمية، وإمكانيات نجاحها أو فشلها، فإن الكيان الإسرائيلي الذي يتصرف منذ 18 شهرًا أن فرصة نادرة ماثلة أمامه لإطلاق العنان لأدواته الأمنية والعسكرية يمنة وشمالا، كان الى ما قبل هذه التحركات الإقليمية (وموقف ترامب)، يشعر أن مسار المشهد الإقليمي يتبلور لصالحه بالمطلق.
وسواء كانت هذه الحسابات الإسرائيلية صحيحة أو لا، فإن المؤكد هو أن إسرائيل لم ترفع عن الطاولة خيارات تشبه اغتيال العلماء النوويين الإيرانيين بينما كانت طهران تتفاوض مع الغرب، ولا القيام باغتيالات في دمشق وبيروت ودبي والأردن وغزة والضفة الغربية، أو حتى غارات، حتى في سنوات ما قبل "7 أكتوبر"، مثلما فعلت مثلا باغتيال الأمين العام لحزب الله السيد عباس الموسوي العام 1992، بعد شهور فقط على انطلاق "عملية السلام" العربية-الإسرائيلية في مؤتمر مدريد للسلام.
لهذا، ولأسباب عديدة، وجب الحذر من الغدر الإسرائيلي.