كمال ذبيان - خاص الأفضل نيوز
يتحرَّك موضوع السِّلاح الفلسطينيِّ في المخيَّمات، بموازاة سلاح "حزب اللَّه"، ولكل منهما طبيعته وأهدافه وأبعاده، وجرى حوار حولهما، بدأ منذ مطلع ٢٠٠٦، مع أوَّل طاولة حوار عقدت في مجلس النّواب، بدعوة من رئيسه نبيه برّي وبرئاسته في آذار من ذلك العام، وحصل تفاهم بين المتحاورين، وكانوا ممثّلين لكتل نيابيّة وقوى حزبيّة فاعلة، بأن يبحث سلاح المقاومة من ضمن استراتيجية دفاعيَّة، على أن تبدأ عمليَّة تسليم الفصائل الفلسطينيّة لسلاحها خارج المخيَّمات وتتمدَّد إلى داخلها.
لم يطبّق أيّ من بنود اتفاق طاولة الحوار، فوقعت الحرب الإسرائيليّة بعد أربعة أشهر في ١٢ تموز ٢٠٠٦، بعد عمليَّة اختطاف جنود إسرائيليين في عيتا الشعب، فتأجَّل موضوع تسليم السِّلاح الفلسطينيّ الذي رُبط بحقوق مدنيَّة للنَّازحين الفلسطينيِّين في لبنان، في وقت بقي سلاح "حزب اللَّه" تحت الحوار، إلى أن وقعت الحرب الإسرائيليّة الأخيرة على لبنان، مع إسناد "حزبِ اللَّه" لغزّة، التي تعرَّضت لتدمير وحرب إبادة جماعيَّة، ردًّا على عمليَّة "طوفان الأقصى" التي نفَّذتها حركة "حماس" في ٧ تشرين الأول ٢٠٢٣.
ومع استمرار حرب العدوِّ الإسرائيليِّ على لبنان، وعدم التزامه بتطبيق اتفاق وقف إطلاق النَّار، الذي نفَّذه "حزب اللَّه" جنوب اللِّيطاني، وتسلّم الجيش مواقعه وأنفاقه وسلاحه، برز تسليم السِّلاح الفلسطينيّ، الذي بدأ مع سقوط النِّظام السُّوري السَّابق، فقرَّر فصيلان فلسطيّنيان حليفان، هما الجبهة الشَّعبيَّة - القيادة العامة، وحركة فتح - الانتفاضة، إخلاء مواقعها في قوسايا ودير الغزال ودير العشائر وحلوى والناعمة، فحصلت العمليَّة بسهولة وتنسيق بين الفصيلين والجيش اللُّبناني، وتمَّت بشكل طوعيٍّ وسلميٍّ، فكانت مبادرة لفتح ملف السِّلاح الفلسطينيِّ داخل المخيَّمات، والَّذي لم يعد له من وظيفة، مع الخروج المسلَّح لمنظَّمة التَّحرير الفلسطينيَّة برئاسة ياسر عرفات في آب ١٩٨٢، بعد الغزو الصُّهيوني للبنان، ووصوله إلى العاصمة بيروت.
وبعد اتفاق الطَّائف، انتشر الجيش في محيط المخيَّمات، لا سيَّما منها في عين الحلوة، المخيَّم الأكثر كثافة سكانيَّة، لكن ما لبث أن تحوَّل هذا المخيَّم إلى صراعات مسلَّحة بين الفصائل، مع سيطرة الجماعات المسلَّحة المتطرِّفة عليه، كـ "عصبة الأنصار"، ثمَّ حصلت أحداث مخيَّم نهر البارد في العام ٢٠٠٧، مع تسلُّل "فتح الإسلام" إليه برئاسة شاكر العبسي، فدامت المعارك فيه نحو ثلاثة أشهر، بسيطرة الجيش عليه وتكبّده ١٧٥ شهيدًا ومئات الجرحى.
فالسِّلاح الفلسطينيِّ بات عبئًا على سكان المخيَّمات وتحديدًا في عين الحلوة، الذي تراجع وجود حركة "فتح" فيه لصالح فصائل إسلاميَّة مثل "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، وهذا ما دفع برئيس منظَّمة التَّحرير الفلسطينيَّة محمود عباس إلى إبلاغ السُّلطات اللُّبنانيَّة منذ سنوات، بأنَّ لا مانع لديه بتسليم أمن المخيَّمات إلى الجيش اللُّبنانيِّ ونزع السِّلاح منها، لأنَّه لم يعد له من فائدة، وهو انتهى وجوده الشَّرعي مع إلغاء اتفاق القاهرة الذي عقد في نهاية ١٩٦٩، بين قائد الجيش العماد إميل البستاني وياسر عرفات.
وكشفت مصادر فلسطينيّة وأخرى لبنانيَّة، عن اتصالات ولقاءات جرت بين قيادات عسكريّة لبنانيَّة وأخرى من حركة "فتح" وفصائل فلسطينية، وتمَّ التَّوافق على أن يبدأ العمل على إنهاء الوجود المسلح في المخيمات، بالتَّنسيق بين الجانبَين اللُّبنانيّ والفلسطيني، وأن الزِّيارة المتوقَّعة للرَّئيس الفلسطينيّ محمود عباس إلى لبنان، ستبحث في هذا الموضوع الذي قرَّر لبنان حصر السِّلاح فيه بالجيش اللبناني، وأنَّ فترة زمنيّة ستوضع للبدء بتطبيق ما يتم الاتفاق عليه، وكما حصل في تسليم السِّلاح والمواقع خارج المخيَّمات.
ويلقى لبنان دعمًا عربيًّا ودوليًّا لإخراج السِّلاح من المخيَّمات، وأن سقوط النِّظام السُّوري السَّابق، سيساعد الحكومة اللُّبنانيَّة على أن تصبح المخيَّمات خالية من السِّلاح، إضافة إلى أنَّ "حزب اللَّه" لا يمانع، بحصول العمليَّة التي ستكون طوعيَّة وسلميَّة، بعد أن قرَّر هو تسليم سلاحه ومواقعه العسكريَّة جنوب اللِّيطاني إلى الجيش اللُّبنانيِّ.
ومع انطلاق صواريخ من لبنان باتِّجاه فلسطين المحتلّة، واتهام العدوِّ الإسرائيليِّ لـ "حزبِ اللَّه" الذي نفى مسؤوليَّته عن العمليَّة، التي كشفت مخابرات الجيش عن الجهة التي نفَّذتها، وهي قريبة من حركة "حماس"، فاعتقل الجيش خمسة عناصر من الخليَّة، وهم أربعة فلسطينيِّين ولبنانيّ، وهذا ما فتح الباب لاستعجال تسليم السِّلاح الفلسطينيّ الذي لم يعد من اعتراض لبنانيّ وفلسطينيّ أن يتم بهدوء وسلام.
وزاد من سرعة تسليم السِّلاح الفلسطينيّ، اكتشاف خليَّة في الأردن، وصفتها سلطاته بالإرهابيَّة وأنَّها تدرَّبت في لبنان بإشراف حركة "حماس".