مارينا عندس - خاصّ الأفضل نيوز
لم يشكّل قرار مجلس شورى الدولة، الصادر منتصف الأسبوع الجاري، والقاضي بوقف تنفيذ قرار الحكومة بفرض ضريبة إضافية على المحروقات لتمويل زيادات رواتب العسكريين في الخدمة الفعلية والمتقاعدين، مفاجأة لا للحكومة ولا للمتابعين عن كثب لهذا الملف ؛ فمسألة فرض الضرائب تدخل ضمن صلاحيات المجلس النيابي حصرًا، ما يعني أنّ الحكومة تخطّت صلاحياتها في هذا الإطار. بناءً عليه، قبل مجلس الشورى الطعن المقدّم من حزب القوات اللبنانية، ما فتح الباب أمام تساؤلات عديدة حول مصير الزيادات التي أُقرّت للعسكريين: هل سيتم تعليقها إلى حين إيجاد مصدر تمويلي بديل، أم إنّ وزارة المال ستستمر في صرفها عبر خطة طوارئ مؤقتة؟
هل تسقط المنح المالية؟
أعلن مجلس شورى الدولة خلال منتصف الأسبوع، عن إبطال قرار الحكومة بفرض ضريبة إضافية على البنزين والمازوت، بعد طعن حزب «القوات اللبنانية»، معتبرًا أن لا صلاحية للحكومة في هذا المجال خارج إطار مجلس النواب .ورغم توقف التمويل المعتمد سابقًا على الضريبة، أكّدت مصادر مطّلعة أنّ "ذلك لا يُفسد حق العسكريين في الزيادات المقررة، لأنها أُقرّت بقانون من مجلس النواب ولا يمكن التراجع عنها إلا بقانون مماثل. وقال معنيون بالحكومة إنّ "الوزارة المالية ستجد مصادر أخرى لتمويل الزودات" من خارج أموال المحروقات، وستلتزم بصرفها حسب المواعيد المقررة. كما ذكرت جهات أمنية أنّ "الإيرادات الجمركية ارتفعت بنسبة كبيرة (120% حتى نيسان)، وأن الخطط الجارية – كتركيب ماكينات سكانر في المرافئ – ستزيد الإيرادات لتغطية الكلفة.
مخاوف وردود من العسكريين
بعض العسكريين، ولا سيما المتقاعدين، أبدوا قلقًا من احتمالية تأجيل الصرف أو استبداله باعتماد "خطة طوارئ". الأمثلة تشمل تهديد بتحركات احتجاجية في حال تم تعليق "الزوّدة". وعلى أيّ حال، الزيادات يفترض أن تكون أكبر، لتتناسب مع مداخيل باقي موظفي القطاع العام".
فخلال السنوات الأخيرة، ارتفعت الأسعار بشكلٍ كبيرٍ ( مثل المواد الغذائية، العلاج، الإيجارات...)، بينما بقيت رواتب المتقاعدين العسكريين ثابتة أو زادت بنسب بسيطة لا تواكب الواقعية. ما يعني أنّ القوة الشرائية للمتقاعد العسكري تنخفض سنويًا، حتى لو بقي الراتب كما هو. كما أنّ معظم العسكريين المتقاعدين يعانون من آثار صحية نتيجة الخدمة، سواء إصابات مباشرة أو آثار نفسية. لذلك، ارتفاع تكاليف العلاج مع ضعف التأمين أو التغطية الصحية يزيد من الحاجة إلى دعم مالي أكبر، وفي ظل الظروف الاقتصادية الحالية، يصبح من المنطقي أن يُعاد النظر في آلية احتساب زيادات هذه الفئة لضمان حياة كريمة تحفظ كرامتهم ودورهم الوطني.
في المجمل، قرار وقف الضريبة لم يلغِ "الزودات" المنصوص عليها قانونًا، لكنّ الحكومة باتت أمام تحدٍّ في تأمين مصادر مالية بديلة. الأهم أن تخرج هذه الزيادات من حالة الاعتماد على الضرائب الاستهلاكية، وتُستبدل بخطط تمويل دائمة ومستدامة (كتحسين تحصيل الرسوم الجمركية أو ضبط التهريب). كذلك، بات من الأفضل تجاوز التفرقة بين موظفي الدولة، والعمل على استراتيجية أكثر عدالة تشمل كافة الفئات، لتفادي الاحتقان الاجتماعي.
بهذا تكون صورة "الزودات " للفترة الحالية واضحة: لا توقف قانوني لها، لكنها تحتاج لخطة تمويل جديدة، وسط ضغط مطالبين بمشاركة عادلة بين موظفي الدولة كافة.