طارق ترشيشي- خاصّ الأفضل نيوز
خرج الجميع - السلطة والأفرقاء السياسيين بنتيجة جلسة مجلس الوزراء الأخيرة رابحين في القرار بـ "حصرية السلاح بيد الدولة" بناء على المخرج الذي ابتدعته قيادة الجيش في الخطة التنفيذية لنزع السلاح مستندة إلى واقع المؤسسة العسكرية وإمكاناتها البشرية واللوجستية والفنية والهندسية والكم الكبير من المهمات التي تقوم بها من جنوب الليطاني إلى الحدود اللبنانية ـ السورية ومختلف المناطق اللبنانية.
ولقد كان الخاسر الوحيد في كل ما جرى هو الموفد الأميركي توم براك الذي كُفّت يده عن الملفين اللبناني والسوري، فالقرار الذي اتخذه مجلس الوزراء اللبناني في شأن الخطة التنفيذية التي وضعتها قيادة الجيش لقرار "حصرية السلاح بيد الدولة" المنصوص عنها في خطاب القسم الرئاسي والبيان الوزاري للحكومة، ظلله تبدل في الموقف الأميركي استند إلى موقف صارم لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) برز في الآونة الأخيرة على وقع العراك السياسي اللبناني الداخلي حول قرارَي مجلس الوزراء في 5 و7 آب الفائت في شأن نزع سلاح حزب الله والموافقة على ورقة الأهداف الأميركية.
وقد حذر البنتاغون في موقفه هذا الذي تم البحث فيه بين المعنيين وعلى نطاق ضيق وبعيدا من الإعلام، من خطورة زج الجيش اللبناني الذي ترعى شؤونه الولايات المتحدة الأميركية وتدعمه في صدام مع حزب الله أو أي فريق لبناني من شأنه أن ينعكس سلبا على وحدته لأنه يشكل، إلى جانب القطاع المصرفي، الركنين الأساسيين اللذين تستند إليهما المصالح والسياسة والأميركية في لبنان.
وقد جاء موقف "البنتاغون" هذا ليتناقض كليا مع موقف إدارة الرئيس دونالد ترامب الذي ضغط على السلطة اللبنانية، وعلى الحكومة تحديدا، في اتجاه "نزع سلاح حزب الله بالقوة"، بدليل ما قاله السيناتور ليندسي غراهام اللصيق بترامب الذي لوح باللجوء إلى "الخطة “B إن لم تنجح السلطة اللبنانية بمفردها، وذلك في رد منه على معادلة "الخطوة مقابل خطوة" بين بيروت وتل أبيب والتي عمل عليها براك ولم تقبل بها إسرائيل مصرة على نزع سلاح حزب الله أولاً قبل البحث في انسحابها الكلي أو التدريجي من الجنوب اللبناني، في الوقت الذي قال براك عنها إنها تعتبر أن الخطوط والحدود التي رسمتها اتفاقية سايكس بيكو "لا معنى لها"، وإنها "ستذهب حيثما تشاء، وقتما تشاء وتفعل ما تشاء لحماية الإسرائيليين". الأمر الذي ترجمته إسرائيل في الإعلان أنها ستبقى محتفظة بـ"المناطق الأمنية التي أقامتها وتقيمها في جنوب لبنان وجنوب سوريا وغزة إلى أجل غير معلوم، وتتصرف فيها وفقا لمعاييرها الأمنية الخاصة.
على أن كفَّ يد براك عن لبنان وسوريا، تبين أن سببه كان، حسب أوساط مطلعة على الموقف الأميركي، أن الرجل الذي بدت مواقفه منحازة إلى إسرائيل، قرأتها الإدارة الأميركية على أنها "قريبة من "حزب الله" ومن الرئيس السوري أحمد الشرع ومن تركيا" وهو ما أزعج الإسرائيليين الذين ازدادوا انزعاجا منه أكثر بسبب موقفه من الدروز في السويداء ما دفعهم إلى التحريض عليه والمشاركة في إزاحته.
وفي هذه الحال يتوقع أن تعود مورغان أورتاغوس نائب براك إلى تولي الملف اللبناني، في ظل حديث عن انتهاء الديبلوماسية الأميركية المكوكية بين بيروت وتل ابيب التي تجاهلت ما قرره مجلس الوزراء اللبناني ولم تعلق عليه، متجهة إلى التعامل مع لبنان أمنيا في ظل استمرار اعتداءاتها وعدم التزامها اتفاق 27 تشرين الثاني لوقف النار وعدم انسحابها إلى خلف الحدود حسبما يقضي القرار الدولي الرقم 1701.
على أن بعض الأوساط القريبة من واشنطن بدأت تتخوف من أن تترك الولايات المتحدة الأميركية لبنان بعد الآن في حالة "لا معلق ولا مطلق" لأن في العادة كان يوجد في الخارجية الأميركية نائب لوزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط يتعاطى شؤون لبنان وغيره، وآخر هؤلاء كان ديفيد هيل، أما الآن فإن هذا النائب غير موجود ويتم الاستعاضة عنه بموظفين من الدرجتين الثانية والثالثة، ولذلك فإن الخوف هو من أن تترك واشنطن السلطة اللبنانية الجديدة التي تحظى بدعمها لمصيرها على قاعدة "إعملوا ما تريدون ولكن كلموني عندنا تريدون أن تفعلوا شيئاً"...