محمد علوش - خاصّ الأفضل نيوز
موظفو قطاع الخليوي في لبنان يعلنون الإضراب، وموظفو الخليوي في لبنان يعلنون فكّ إضرابهم، فلا سبب الإضراب كان واضحاً برغم المساعي الإيجابية التي كانت قائمة، والتي قادها ولا يزال أحد مدراء "تاتش"، ولا فكّه كان بعد التوصل إلى نتيجة واضحة، خاصة مع تهديد وزير الاتصالات بحكومة تصريف الأعمال جوني القرم بعقد مؤتمر صحافي منتصف الأسبوع بحال استمر الإضراب.
معروف عن الوزير القرم قوله منذ أيامه الأولى في وزارة الاتصالات أنه لا يعمل تحت الضغط، وبالتالي لا تؤثر فيه الإضرابات، بل يفضل التحاور والتفاوض والتفاهم، وقبل إعلان الإضراب الأخير كانت الأمور تسير باتجاه التفاهم، تقول مصادر متابعة لهذا الملف، مشيرة إلى أن قرار الإضراب جاء لينسف كل الإيجابيات، علماً أن "العلاقات" داخل نقابة موظفي ومستخدمي الشركات المشغلة للقطاع الخليوي ليست على ما يُرام رغم المصالح المشتركة.
لم يؤد الإضراب إلى نتيجة، سوى الإضرار بالخدمات، السيئة أصلاً، والتي لم تتحسن منذ إقرار الزيادات الضرورية من جهة لاستمرار القطاع بظل الوضع الاقتصادي وتدهور سعر الليرة، والتي كانت مشروطة بتحسن الخدمات من جهة ثانية وهو ما لم يحصل، وبالتالي المواطن الذي عادة ما يدفع ثمن كل الإضرابات التي هي حقّ من حقوق الموظف، يدفع الثمن من جديد.
فُكّ الإضراب بعد لقاء في دارة النائب فريد هيكل الخازن بمبادرة حسن نية وأعلنت إعادة تسليم بطاقات التشريج إلى السوق، ولكن ما هي المشكلة الأساسية؟
بعيداً عن التفاصيل التي عادة ما يغرق فيها المواطن، المشكلة تُلخص بالآتي:
يطالب موظفو الخليوي وزير الاتصالات بالتوقيع على عقد العمل الجماعي الذي يُعيد إليهم الامتيازات التي كانت بحوزتهم قبل انهيار الليرة، أي كل ما يتعلق بقيمة الرواتب، دفعها بالدولار، التأمين الصحي الشامل، الزيادات السنوية أو "البونيس"، وغيرها، بالمقابل يقول وزير الاتصالات إنه يرفض توقيع العقد كونه وزير تصريف أعمال لا يحق له قانوناً ترتيب أعباء بعشرات ملايين الدولارات على الوزير الخلف وكون توقيعه سيُلزم الأخير على مدى ثلاث سنوات بهذا المبلغ الكبير، وبالتالي فإن توقيع العقد الجماعي يتطلب صدور قرار عن مجلس الوزراء وحده دون سواه.
هنا تبرز المعضلة، فالكل يعلم أن حق الموظف من الحقوق المقدسة، ويجب النضال للحصول عليه والحفاظ عليه أيضاً، ولكن الكل يعلم أيضاً أن في قطاع الخليوي عدداً من الموظفين الذين دخلوا القطاع من باب المحسوبيات، وتحديداً في الفترة منذ أكثر من 10 سنوات، يوم دخل ما يزيد عن 800 موظف من توجه سياسي واحد، فهل هؤلاء كلهم من المستحقين وإلى متى؟
تسأل المصادر المتابعة، وتضيف: "أغلبية الموظفين يستحقون الحق الذي دخلوا الوظيفة على أساسه، وصمدوا في المرحلة الماضية رغم قلة التقديمات، وتوافر فرص خارجية، سواء في لبنان أو خارجه، وفضلوا الاستمرار في القطاع لأجل يوم تعود إليهم فيه حقوقهم، فكيف يمكن المساواة بين هؤلاء وبين من دخل الوظيفة بالواسطة، وهؤلاء يمكن تقسيمهم أيضاً إلى قسمين، قسم أول يعمل ويجد وأثبت نفسه، وقسم آخر لا يستحق التواجد في القطاع أصلاً، ويعيث فيه خراباً رغم تواجده في مواقع حساسة ومتقدمة ويسعى للاستفادة من كل التقديمات التي يحصل عليها تحت ستار حقوق الموظفين".
بالخلاصة، ترى المصادر ضرورة الوصول إلى حل يضمن النقاط التالية:
الوصول إلى حل يُرضي الموظفين بسوادهم الأعظم، يعطيهم على قدر ما يعطون الشركة والدولة، دون مقارنتهم بموظفي الدولة لانعدام المنطق والمعايير الموحدة في هذه المقارنة، ولكن بنفس الوقت غربلة الموظفين والإبقاء على المستحق منهم داخل الشركات، أصحاب الخبرات والقدرات، وكسر مبدأ "تقدم الطائفية على الأحقية" ومبدأ "تقدم التحاصص على الخبرة والأقدمية"، والنقطة الأخيرة تأمين الخدمات البديهية للمواطنين على أعلى مستوى لكي لا نبقى ندفع أغلى ثمن لأضعف خدمة.
لا حل عقلاني منطقي سوى عبر هذه الطريقة، وكل ما عدا ذلك سيبقى عملية نهب مستمرة لجيوب الموظفين والمواطنين.