عبدالله قمح- خاصّ الأفضل نيوز
رغم كل ما جرى وحدث في البلاد خلال الأسبوع المنصرم، سواء حادثة مقتل منسق القوات اللبنانية في قضاء جبيل باسكال سليمان أو جريمة استدراج وقتل الصراف محمد سرور في فيلا تقع ببلدة بيت ميري، لم تخف واقع أن العلاقة بين المديرية العامة لأمن الدولة ووزارة الوصاية عليها -أي رئاسة الحكومة -وصلت إلى "المنخار" مهددة بحرق الأخضر واليابس.
لم تكن قضية فرار الموقوف داني الرشيد من سجنه في مديرية "حماية الشخصيات" قبل نحو أسبوعين ومن ثم إعادة توقيفه بعد تعاون مثمر مع الأمن السوري غير النقطة التي فاضت بها الكأس، وأوصلت رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، بصفته وصيًّا رسميًّا على الجهاز، إلى المجاهرة أمام زواره ومراجعيه في شأن فرار الرشيد، أنه "ضاق ذرعاً"، ويدرس إصدار قرار باتخاذ "تدابير مسلكية" في حق مدير عام الجهاز اللواء طوني صليبا، على رأسها عدم دعوته للمشاركة في الاجتماعات الأمنية الرسمية أو رفض الإجابة على مراسلاته فيما خصَّ المديرية. فهم أن ميقاتي كان يرمي إلى وضعه بالتصرّف، مستفيداً من الادعاء عليه وعلى آخرين من المسؤولين عن السجن من جانب مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بالإنابة القاضي فادي عقيقي بجرائم صرف نفوذ وإخلال بالوظيفة واستغلال السلطة، حيث شكّل الادعاء دافعاً فعليًّا لميقاتي، لإبعاد صليبا ريثما تنتهي التحقيقات.
هذا التطور، دفع بأصدقاء مشتركين بين الطرفين إلى التدخل. أولاً للحؤول دون خلق سابقة غير معهودة في جهاز أمني حيث يقوم خلالها "الوصي" بـ"خلع" مدير عام، وثانياً، بهدف خلق مساحة نقاش مشتركة بين الطرفين، كي لا يؤدي أي فعل إلى إثارة المسيحيين. حيث حساسيتهم سواء تجاه ميقاتي أو المواقع مرتفعة للغاية خلال هذه الفترة. ولوحظَ أن نواباً وشخصيات من الطائفة الكاثوليكية، يدعمون مسار التريث، ووقفوا في الصف خلف ما أسموه "رفض الدق بحصة الكاثوليك في الدولة". هذا التحرّك أدى إلى إدخال بعض التعديل على موقف رئيس الحكومة، بحيث أقلعَ عن فكرة "الوضع بالتصرف" مقابل الذهاب بشكل أوسع صوب إجراء "إصلاحات عميقة" داخل الجهاز، وهي على أي حال فكرة مدعومة.
ما أُعِدَّ بارزاً على هذا الصعيد، مسار تخلي التيار الوطني الحر عن رجالاته في الدولة ليس آخرهم صليبا، وهو فعل دأب على ممارسة رئيسه النائب جبران باسيل حين "يقع" أحد المحسوبين عليه. ولوحظَ أيضاً أن نواب التيار ومسؤوليه فضلوا الوقوف على الحياد في مقابل هجوم ميقاتي المركز على صليبا، رغم أن الأخير "يضع يده في فمهم لغاية الكوع".
في الموازاة، وظّف بعض الأصدقاء أنفسهم باتجاه ممارسة "فعل دفاع". إذ ذهبوا نحو تقديم أدلة وبراهين تُعفي صليبا من المسؤولية عن فرار الموقوف، رغم أن السؤال الكبير يبدو شرعيًّا حول "التدليع" الذي عاشه الأخير في زنزانته.
وذكروا بمعطيات حول تحرك صليبا ونائبه العميد حسن شقير السريع في سعيهما لاحتواء ما يحصل ولإحضار الرشيد من سوريا وقد استغلَّا الحدَّ الأعلى من علاقتهما في سوريا ولبنان، بموازاة اتخاذه تدبيراً غير معهود خلال الفترة الحديثة في أجهزة أخرى شهدت حالات فرار مماثلة، عبر رفع المسؤولية عن كافة المسؤولين عن السجن، لغاية وضع صليبا نفسه في تصرّف القضاء.
إلى أن ذلك وعلى أهميته، لا يجيب عن سؤال أساسي يبدو منطقياً: "لماذا بلغت المديرية العامة لأمن الدولة هذا المستوى من التعامل وما هي أسبابه وهل ما يُستثمر فيه؟".
يؤدي ذلك لانكشاف وجود رغبات لدى أجهزة أخرى في المراكمة على الأخطاء الحاصلة في أمن الدولة للوصول إلى هدف يتصل في حل الجهاز المذكور وإعادة توزيع صلاحياته على أجهزة أخرى.
يطل في هذه القضية جهاز أمني آخر تصنف قيادته كصاحبة مصلحة في تحولها نحو تمتعها بهامش إستقلالية أكبر.

alafdal-news



