عماد مرمل - خاصّ الأفضل نيوز
كشف الرد الإسرائيلي الهزيل على الهجوم الإيراني الذي تعرّض له الكيان في 14 نيسان الحالي عن ضيق الخيارات أمام تل أبيب التي ابتلعت كل تهديداتها السابقة بمهاجمة إيران، واضطرت الى هندسة الرد "المسخ" وفق معايير مصالح الأميركيين الذين تطوعوا ليؤدوا دور "الوسيط" المموه بين الكيان وطهران خشية من أن تتدحرج الردود المتبادلة إلى حرب إقليمية في مرحلة الاستعداد للانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة حيث لا صوت يعلو فوق صوت المعركة الانتخابية لجو بايدن ضد دونالد ترامب.
وإذا كان هناك من يفترض أن تواضع الرد الإسرائيلي يعود إلى كون بنيامين نتنياهو يريد أن يعطي الأولوية لجبهتي غزة والجنوب، فإن الوقائع تُبين أن الرجل يواجه مأزقًا حقيقيًا في المكانين اللذين بات يربط بينهما "شريان الإسناد."
وعلى الرغم من التصعيد المتكرر على الجبهة الجنوبية مع فلسطين المحتلة، وعلى الرغم من رسائل التحذير والتهويل التي كان آخرها تأكيد اعتبر الوزير في مجلس الحرب الإسرائيلي بيني غانتس أن "ساعة الحسم في الجبهة الشمالية على الحدود مع لبنان اقتربت وأن جبهة لبنان تفرض التحدي الأكبر وتستوجب التعامل العاجل معها"، إلا أن أوساطا قريبة من حزب الله لا تزال عند اقتناعها بأن العدو الإسرائيلي مردوع حتى هذه اللحظة عن شن حرب واسعة على لبنان، وأن أقصى ما يمكن أن يفعله هو تنفيذ بعض الضربات الموضعية خارج النطاق الجغرافي لقواعد الاشتباك لكن دون أن يصل به الأمر إلى حدود شن عدوان كبير، مع إبقاء هامش لإمكان أن يتخذ قرارًا مخالفًا للمنطق بخوض مغامرة عسكرية غير محسوبة.
وتلفت الأوساط إلى أن امتناع العدو حتى الآن عن قلب الطاولة ليس نتاج كرم أخلاقه بالطبع وإنما هو عائد إلى حساباته الدقيقة على الجبهة الشمالية حيث يعرف أن الخطأ في التقدير هناك سيكون مكلفا وسيرتب عليه عواقب وخيمة جدا.
وتلفت الأوساط القريبة من الحزب إلى أن الاحتلال الإسرائيلي، ومع أنه يمر منذ 7 أكتوبر في حالة تخبط وانفعال تعكسها حرب الإبادة على غزة، لا يزال يحرص على ضبط سلوكه عندما يتعلق الأمر بلبنان، لمعرفته بحقيقة ما تملكه المقاومة من قدرات لا يستطيع أن يتغاضى عنها حين يكون في صدد درس الاحتمالات.
وتلاحظ الأوساط أن حكومة نتنياهو تتجاهل الضغوط التي تتعرض لها من قبل المستوطنين النازحين من مستعمرات شمال فلسطين المحتلة بغية إعادتهم إلى منازلهم ولو بالقوة العسكرية، لإدراكها بأن عدد هؤلاء النازحين سيتضاعف مرات عدة إذا وقعت المواجهة الشاملة وليس العكس، وبأن قلب الكيان بحد ذاته سيكون عرضة لتدمير غير مسبوق.
وتلفت الأوساط إلى أنه إذا كان الكيان قد احتاج إلى مساعدة أميركا وفرنسا وبريطانيا وبعض الدول العربية لصد بضعة مئات من المسيرات والصواريخ الإيرانية الآتية من مسافات بعيدة، فكيف سيكون وضعه إزاء آلاف الصورايخ التي ستنهمر عليه من المسافة صفر مع المقاومة اللبنانية في حال قرر خوض مغامرة متهورة، الأمر الذي تعلمه جيدا قيادات العدو بمعزل عن الهوبرات الاستهلاكية؟
وتؤكد الأوساط أن الضربة النوعية التي نفذتها المقاومة ضد مقر للاحتلال في عرب العرامشة داخل شمال فلسطين المحتلة، معطوفة على عدد من العمليات النوعية الأخرى، أظهرت عينة بسيطة مما ينتظر العدو إذا تدحرجت المواجهة.
وتشير الأوساط القريبة من الحزب إلى أن المقاومة حريصة على أن تبقى ممسكة بزمام المبادرة في حرب الاستنزاف التي تخوضها حاليا بحيث لا تعطي الكيان فرصة لفرض أو تكريس قواعد جديدة وهذا ما يفسر الضربات النوعية التي تسددها إلى جيشه كلما شعرت بأنه يحاول أن يفرض نمطه على الميدان.