ميساء عطوي _خاصّ الأفضل نيوز
في خضم المستجدات القانونية والأمنية، وبعد حملة مداهمات ضخمة قام بها جهاز الأمن اللبناني، و توقيف ما يقارب 10 من أصحاب مكاتب البورصة غير الشرعية، ما أثار اهتمام الرأي العام وتساؤلاته حول أبعاد هذه العملية. ولكن هذه الحملة لم تتوقف عند هذا الحد، بل امتدت لتشمل استدعاء 15 شخصاً آخرين للتحقيق في مكاتب أخرى بمنطقة النبطية، مما يؤكد على جدية السلطات القضائية في ملاحقة المتورطين في شبكات الفساد.
وبينما يواصل جهاز أمن الدولة التنسيق الكامل مع القضاء للكشف عن مزيد من التفاصيل، نفّذ مجموعة من أهالي الموقوفين اعتصاما أمام سراي القضاء في مدينة النبطية، مطالبين بإخراج ذويهم والكشف عن مصيرهم.
وفي وقت يتواصل فيه التحقيق، تظهر القوة الضاربة لجهاز الأمن الدولي وفروعه، من خلال كيفية نقل الملفات وتحركها من النبطية إلى بيروت. ومن بين المؤسسات المتورطة، شهدت أربع شركات كبيرة في لبنان،عمليات دهم واعتقال.
أسباب انتشار المكاتب غير الشرعية في بورصة لبنان
في حديث خاص لموقع" الأفضل نيوز" أكد الخبير الاقتصادي في الأسواق المالية عماد عكوش أن أسباب انتشار المكاتب غير الشرعية بالبورصة في لبنان ينبع من الاندفاع نحو استثمارات متعددة، بما في ذلك الأسهم، والعملات، والمعادن الثمينة، وحتى العملات الرقمية.
موضحًا أن عدد المكاتب والشركات التي تشارك في هذا النشاط بشكل قانوني قليل للغاية، حيث لا تتجاوز أصابع اليد، وبالتالي هذا الواقع يجعل أصحاب هذه المكاتب يحتكرون السوق بشكل كبير بالإضافة إلى أن مراكز هذه الشركات محدودة ضمن نطاق جغرافي معين في لبنان وتفتقر إلى فروع بكافة الأراضي اللبنانية، مما يقيد الفرص المتاحة للمواطنين اللبنانيين للمشاركة في هذه الأعمال واستثمار أموالهم،وخاصة بعدما توقف الشعب اللبناني عن وضع أمواله في المصارف، وبالتالي بات المواطن يبحث عن فرصة لاستثمار الأموال، مما أتاحت هذه المكاتب غير الشرعية فرصاً واسعة له.
وقد أشار عكوش إلى أن الدولة تواجه مشكلة جوهرية في عدم فتح باب الترخيص بشكل منتظم ومنصف لأنشطة الاستثمار، مما يفتح الباب أمام التدخلات والمحسوبيات. موضحًا، أن هناك فئة من الناس تحصل على التراخيص بشكل مفضوح، بينما تُهمل فئة أخرى بشكل غير مبرر.
لا علاقة للإرهاب.. والمشكلة تكمن في الداخل
من جهة ثانية أشار عكوش أن الجذور الرئيسية للمشكلة تكمن في الدور الضعيف الذي تلعبه الدولة اللبنانية في ضبط الأنظمة والسياسات الداخلية وفي سياساتها التي تعزز الاحتكار في مختلف القطاعات حيث يشهد النظام احتكارًا وتدخلًا من قبل بعض الجهات المعنية في منح التراخيص وفتح الشركات، وبالتالي يؤدي إلى تشكيل سوق سوداء وتشجيع مشاركة أشخاص غير مؤهلين في السوق المالي.
وقد أكد عكوش أن الدولة لها الحق باتخاذ إجراءات قانونية ضد الأفراد الذين يديرون هذه المكاتب، لكن هذا ليس حلاً فعّالاً، لأن تلك الإجراءات الحالية تقتصر على القبض على المخالفين، ومن ثم يتم إطلاق سراحهم بعد فترة قصيرة، مما يؤدي إلى عودتهم لممارسة نشاطهم غير المشروع، على غرار ما كان يجري في حق الصرافين المنتشرين على الطرقات. وأكد على أن الحل الحقيقي يكمن في منع فتح المجال أصلاً لتشكل السوق السوداء والاحتكار.
كما ونفى عكوش أي علاقة للإرهاب بهذا النشاط موضحًا، أن الجهات الخارجية تقوم بجهود مستمرة لتضييق الخناق على الأنشطة الاقتصادية التي تأتي في إطار مكافحة غسل الأموال وتبييض الأموال.
حلول واقتراحات للحد من البلبلة
وضمن هذا السياق أكد عكوش، أن الحل الوحيد للبلبلة والحد من ظاهرة المكاتب غير الشرعية بالبورصة التي يشهدها لبنان يتمثل في تدخل الدولة مع مصرف لبنان والوزارة المالية عبر اتخاذ قرارات تنظيمية حازمة تهدف إلى هيكلة القطاع المصرفي وضبط العمليات المالية، مع إعادة هيكلة القوانين الأساسية المتعلقة بهذا المجال، نظراً لتقادم بعض هذه القوانين وعدم مواكبتها للتحديات الحالية.
كما وأشار عكوش إلى ضرورة فتح باب التراخيص للشركات المؤهلة التي تمتلك السيولة الكافية والقدرة على المنافسة في هذا القطاع، مع تحديد شروط صارمة للحصول على هذه التراخيص، مؤكداً أن تطبيق هذه الإجراءات سيساهم في الحد من ظاهرة المكاتب غير الشرعية بشكل تدريجي وفعّال.
بينما تستمر التحقيقات وتتكشف المزيد من التفاصيل، يبقى السؤال المحوري معلقاً.. هل ستنجح السلطات اللبنانية في تطبيق العدالة والقضاء على الفساد المالي؟ هذا ما سيبقى محل اهتمام الجميع في الأيام القادمة

alafdal-news
