عماد مرمل - خاصّ الأفضل نيوز
تمخض لقاء معراب فولد بيانًا لا يُقدم ولا يؤخر في مسار المواجهة التي تدور رحاها بين اللاعبين الكبار.
وعلى الرغم من كل المحاولات التي بذلتها قيادة القوات اللبنانية لإنجاح المناسبة وتحويل معراب إلى مركز استقطاب ورعاية لقوى المعارضة في مواجهة حزب الله، إلا أن مستوى الحضور كشف عن تواضع التمثيل السياسي، بحيث بدا وكأن اللقاء الذي "هندسه" سمير جعجع ضُرب من بيت أبيه بالدرجة الأولى بعدما قاطعه الكثير من الشخصيات الذين دُعوا إليه، كلٌّ لأسبابه وحساباته، فكان أغلب الموجودين من الصف الثاني وسط غياب الأسماء الشيعية والرافعة الدرزية الممثلة بالحزب التقدمي الإشتراكي، واقتصار المشاركة السنية على النواب : أشرف ريفي ووضاح الصادق وفؤاد مخزومي. وحتى داخل الصف المسيحي كان لافتا ضعف تمثيل حزب الكتائب الذي حضر عنه نائب الرئيس ميشال الخوري.
ولم يُخفِ بعض المشاركين صدمتهم حيال تغيُّب "رفاق السلاح" في ما يسمى "الخط السيادي" الذي تبين أنه بيت بمنازل كثيرة.
وهكذا، فإن "القوات" التي أرادت عبر "اختراع" هذا اللقاء الإيحاء بأنها ليست معزولة، وبأنها مؤهلة لقيادة المعارضة وإدارة المعركة ضد الحزب، لم تتمكن في لحظة الحقيقة والفرز من تقديم نموذج مقنع وجاذب لشريحة واسعة ممن كانت تفترض أنهم حلفاء أو أصدقاء لها، فكيف بمن هم على الضفة الأخرى؟!
هذا في ما خص الشكل الهزيل الذي ظهر عليه تجمع معراب المسلوق سلقا، أما على مستوى الجوهر السياسي فإن البيان الذي صدر عن المجتمعين لم يحمل أي فكرة جديدة أو "لمعة" بل هو تجميع لبيانات سابقة واجترار لخطاب مستهلك.
والأسوأ أن البيان ظهر بعيدا عن حقائق الواقع وتعقيداته، مكتفيا بتكرار الدعوة إلى تنفيذ القرار 1701 ونشر الجيش وحده جنوبي الليطاني وصولا إلى الحدود، وانسحاب حزب الله إلى الداخل، في تبسيط مريب للمشكلة والحل.
وأخطر ما في هذا الطرح أنه، عن قصد أو غير قصد، يحاول الضغط سياسيًّا في اتجاه تحقيق ما عجز العدو الإسرائيلي عن تحقيقه عسكريًّا، وتحديدا لناحية المطالبة بسحب حزب الله من المنطقة الحدودية، مع ما يعنيه ذلك من طمأنة مجانية للاحتلال ومستوطنيه في الشمال، بلا تحصيل أي ثمن سياسي يتصل بمصالح لبنان الحيوية والاستراتيجية.
ومن مساوئ البيان أيضا أنه افتقر على الأقل إلى التوازن في طرحه، فهو حصر همه في دعوة الدولة اللبنانية وحزب الله إلى تنفيذ القرار 1701 من جانب واحد، بينما تجاهل الخروقات الإسرائيلية الواسعة لهذا القرار، ولم يطلب إلزام العدو بتطبيقه والحصول على ضمانات حقيقية في هذا المجال.
واللافت أن البيان اعتبر أن نشر الجيش سيشكل قوة ردع حاسمة في حين أن الجميع يعرفون أن قدرات الجيش المتواضعة لا تسمح له بأن يردع الخروقات والاعتداءات الإسرائيلية، وأن حلفاء معراب هم الذين يمنعون تزويده بسلاح نوعي يُمكّنه من تأدية واجبه في حماية لبنان من الخطر الإسرائيلي الذي ثبت بعد حرب غزة أن التصدي له يكون بامتلاك القوة التي تصنع توازن الردع، وليس بتنفيذ أحادي الجانب للقرارات الدولية.
ولعل أصدق المشاركين وأكثرهم شفافية في لقاء المعارضين كان رئيس حزب الوطنيين الأحرار النائب كميل شمعون الذي صرّح بأن "حزب الله مش قارينا."
ويمكن أن يضاف إلى تصريح شمعون جزء آخر يعرفه المشاركون ضمنا وهو أن بيان معراب ليس مقروءًا في معادلات الصراع والتسوية، لأن موازين القوى وحدها ترسم تلك المعادلات.