مارينا عندس - خاصّ الأفضل نيوز
لبنان بلد الجمال والموضة، يتميّز بشريحة كبيرة من المصمميين العالميين، ومن "الفاشنيستاز" الذين يعيشون ويسترزقون من الألبسة والفاشن ويواكبون الموضة دائمًا.
ولأنّ جميع القطاعات تأثرت بالأزمة المالية الحادّة التي مرّ بها لبنان في السنوات الأربع الأخيرة، مرّ قطاع الألبسة ولا يزال بمحنةٍ صعبةٍ، جعلتهُ يبدّل عاداته ويغيّرها نحو الأسوأ.
ولأنّ الموضة، هي جزء لا يتجزأ من شخصية معظم اللبنانيين، قام موقع "الأفضل نيوز" بجولةٍ على بعض المحلات التجارية الكبرى منها والصغرى، وأيضًا على محلّات البالة، لمعرفة حقيقة ما يحصل.
فكيف تأثرت الموضة في ظلّ الانهيار المادي الحادّ الذي تشهده المنطقة؟ وهل لا يزال "الشّوبينغ" الشّغل الشّاغل للبعض؟
"الموضة" وظيفة للبعض
آيا، فتاة مشهورة على منصّة تيكتوك وإنستغرام، تعتبر أنّ الموضة وظيفتها التي تتَّكل عليها لتأمين لقمة عيشها، وتعتبر أنّه موضوع أساسي ليس باستطاعتنا الاستخفاف به، لأنّه مهم مثل المأكل والمشرب.
وتقول في حديثها لموقع "الأفضل نيوز"، إنّها فتحت محلّ تجاري "أونلاين"، مع بداية الأزمة الاقتصادية وانتشار كورونا، لتبيع اللباس النسائي بأسعارٍ مدروسةٍ. لكنّ اليوم الوضع اختلف.
وتابعت: منذ حوالي السّنة تقريبًا، فتحتُ محلًا في بيروت، وازدادت التّكاليف من إيجار وكهرباء وماء وموظّفين وجمرك، وغيرها، لكنّني اعتبرتها خطوة لأطوّر نفسي.
وتأسفت أنّ المبيع بدل أن يزداد، خفّ، رغم أنّ جودة ملابسها ممتازة.
وتابعت: السوق اليوم لا يعتمد فقط على اللباس الوطني، بل بات معظم من يعمل في هذا المجال، يسافر ليجلب معه اللباس التركي، من تركيا. علّنا نربح القليل ونشتري اللباس من الخارج كونه الأرخص سعًرا من الوطني.
وعن سؤال ما إذا كانت الحركة التجارية جيّدة أم لا، أكّدت أنّه لولا العروضات والحسومات التي نقوم بها مع نهاية كلّ موسمٍ، لكنّا أفلسنا. ومنافسنا الأول هي محلّات "البالة".
"البالة" باتت المنافس الأول لمحلات الألبسة الكبرى
لم تعد تعرف المرأة اللبنانيّة أكان التّرتيب بات حكرًا فقط على الأغنياء فقط، أم أنّها ترتكب خطأ فادحًا إن لم يعد باستطاعتها القيام به "لأنو مش حاسّة بالوضع". التّرتيب والجمال من أهم ميزات المرأة اللبنانية و"الشّوبينغ" عادة شهرية عرفها العديد من شباب وشابات لبنان. لكنّ اليوم حتّى في الأعياد، معظم الأهالي يرتدون ثيابهم القديمة.
أمّا عن الحسومات، فالموضوع لا يخلو من انخفاض نسبة المبيعات حتّى أثناء الـ sale لأنّه وبطبيعة الحال، معظم الملابس حتّى الدّاخليّة، باتت تباع بالدولار الفريش والأسعار إلى ارتفاع وارتفاع مستمرّ. وإذا كانت الكنزة بـ100 دولار، مع حسم 20% ستبقى الأسعار غير مناسبة في هذا الوضع. أما عرض مع كل قطعة قطعة مجانًا فالموضوع يختلف لأنّ الزبون يحبّ الهدايا ولو دفع المبلغ نفسه لو كان الحسم على القطعة الواحدة 20%.
وتحت ضغط الهم المعيشي ورحمة تقسيم الراتب على مشرحة الضروري والمُستغنى عنه عند أول كل شهر، يبحث الناس في ظل الانهيارات المتتالية لليرة اللبنانية وانخفاض القدرة الشرائية عن التوفير وشراء الأرخص في كافة متطلباتهم، ويلجأون إلى محال الألبسة المستعملة "البالة" لرخص أسعارها وقدرتهم على مجاراتها.
نشطت حركة هذه المحلات، وباتت مقصدًا للبقاعيين، والبيروتيين، وكل من يعيش في هذا البلد.
وفي السياق، يوضّح فراس الهاشم، صاحب أحد محال البالة في شتورا، أنّ حركة المبيع لديه كبيرة جدًا وتشهد إقبالاً من المدينة والقرى المجاورة، فهو يستورد البضائع الأوروبية الجيدة، ويقصده الأغنياء والفقراء معًا، رافضًا تحديد البالة بأنها للفقراء فقط.
ويعتبر أنّ وضعه تحسّن مع تدهور الوضع المالي، لأنّ البالة باتت فعلًا تنافس المحلات الأخرى، أكان من الفقير أو من الغنيّ، خصوصًا لأنّ معظم الناس باتت تبحث عن التوفير.
حركة الخياطين تنشط في الفترة الأخيرة
على خط شراء الألبسة من البالة، أكانت مستعملة أم جديدة، نشطت حركة الخياطين في الفترة الأخيرة، بعد أن كان هذا القطاع في مأزقٍ.
وتقول الخيّاطة ماري، صاحبة محل كبير في جونية، إنّها فتحت بابها بعد إغلاقه لأربع سنوات، لتعاود عملها بنشاط أكان من ناحية تقصير وحياكة وتفصيل الملابس القديمة. ورغم أنّ هنالك ثياب قد مرّ عليها الزّمن، إلّا أنّها تقوم بتجديدها وتعديلها لتصبح مواكبةً للعصر.
وتردف: نعتمد على فساتين الأعراس والسهرات بالأخصّ، لنسترزق من النّاس، لأنّ معظم السيدات اللواتي لديهنّ عرس أو خطوبة، أو سهرة تقمن بإعادة لباس القطعة مرّتين وأكثر من خلال العمل عليها، لتكون بأفضل حالٍ.
وبدل استئجار فستانٍ بـ500 دولار، أو شرائه بـ300 دولار مثلًا، نقوم بإعادة ترتيب فستان قديم، وشكّه وتطريزه، ليكلّفها بحدّه الأقصى 60 دولارًا.