عبد الله قمح - خاصّ الأفضل نيوز
قبل خطاب رئيس مجلس النواب نبيه بري في الذكرى الـ46 لتغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه والذي جدّد خلاله الدعوة إلى الحوار أو التشاور للاتفاق على رئيس للجمهورية ومن ثم الذهاب نحو جلسة انتخاب في المجلس النيابي، كان السفير السعودي وليد البخاري، يتحرك في بيروت بالتنسيق مع سفراء "المجموعة الخماسية" ونيابةً عنهم، ما أشار إلى وجود رغبة أو تجديد الرغبة في انتخاب الرئيس خلال هذه المدة.
ثمة اعتقاد واسع تتبناه مجموعة أطراف سياسية، حول أن الوقت الراهن هو افضل مناسبة ممكنة للذهاب نحو انتخابات رئاسية حقيقية ينتج عنها رئيس، على اعتبار أن مسألة الحرب في قطاع غزة طويلة نظرياً، وأن المعنيين بها على المستوى اللبناني (والمقصود حزب الله)، يقولون أنهم لا يربطون الانتخابات الرئاسية بالوضع العسكري في قطاع غزة أو الوضع عند جنوب لبنان، رغم أن قوى خارجية تتعاطف معها بعض القوى المحلية، ما تزال تعتبر أن نتائج المعركة في غزة سوف تسهم بشكل كبير في تحديد شكل الرئيس وهويته، ما فهم على أن بعض هذه القوى ما زال يراهن على إحداث تغيير في الآلة العسكرية يمكن له تبديل المعادلات على المستوى اللبناني الداخلي فيسهل معه إنتاج رئيس.
ثمة أمر آخر ينظر إليه باهتمام على صعيد قوى معينة، فانخفاض احتمالات الحرب أو عملياً توسيع الحرب ضمن الحلبة اللبنانية بعد انقضاء رد حزب الله على اغتيال القيادي العسكري الكبير فؤاد شكر، يعتبر على أنه فترة استثنائية ومن ثم سيُعاد إنتاج السخونة وفق مضامين معينة طالما أن بنيامين نتنياهو وبعض أركانه ما زالوا يلهجون بذكر الحرب ويمارسونها عملياً. وبهذا المعنى، يعتقد أن فترة "الهدوء الحذر" والمقصود بذلك انخفاض وتيرة الجبهة، لهو أمر جيد ويمكن الاستفادة منه على الصعيد الداخلي اللبناني لانتخاب رئيس، مواكبة لأي طارئ يمكن أن يحدث مع احتمال عودة "السخونة" إلى سابق عهدها.
عملياً، تتحدث المعلومات عن أن حراكاً دولياً سوف يعاد تجديده في شأن الدفع قدماً في ملف الاستحقاق الرئاسي، فيما الدافع الأبرز بالإضافة إلى تطورات المنطقة، هو دخولنا في مدار الذكرى السنوية الثانية للفراغ، إذ تعتقد بعض الأوساط أن حلول هذه الذكرى قد يرتب تحركاً ما على صعيد إنتاج الحلول.
أضف إلى ذلك أن الخماسية الدولية المعنية في هذا الملف والتي سبق لها أن غابت عن المشهد منذ أشهر نتيجة تطورات عديدة، من بينها تطورات المعركة العسكرية في غزة بالإضافة إلى ذهاب عدد من الممثلين عنها إلى إجازاتهم، تعيد تجديد نشاطها اليوم لكن وفق صيغة مختلفة، إذ يتبنى الجانب السعودي النشاط الأبرز فيها أو عملياً الحراك الأبرز بدافع أميركي واضح وبالتنسيق مع فرنسا التي يبدو أنها ستتحول إلى خلفية المشهد خلال هذه المدة، من دون أن يعني ذلك أنها خرجت كلياً من المشهد بدليل الزيارة التي سوف يجريها المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان إلى الرياض، وقد توجه إليها السفير البخاري قبل أيام، ويقال أنه سوف يجري اجتماعاً مع لودريان للبحث في بعض المسائل اللبنانية، مع الإشارة إلى أن لودريان يشغل حالياً منصب رئيس وكالة "العلا" السعودية الناشطة في مجال التنمية.
ويقال أن حضور السعودية القوي والمتوقع، يأتي كاستفادة من جو عام بحيث أصبحت كلا من الدوحة والقاهرة بصفتهما معنيين أساسيين في اللجنة، منشغلتين أكثر في الملفات الغزاوية ومسائل التفاوض حول التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، وبالتالي يعتقد على نطاق واسع أنهما لم تعودا متفرغتين للمشهد اللبناني، من دون أن يعني ذلك مغادرتهما الاهتمام ببيروت، حيث يظهر أن السفير المصري في بيروت منكب على متابعة أدق التفاصيل ذات العلاقة بالملف الرئاسي، ويتولى أدواراً مهمة على صعيد تحريك المياه سواء لدى الخماسية الدولية على مستوى السفراء في بيروت، أو من خلال الجولات التي يجريها دورياً على عدد من السياسيين اللبنانيين.
ومواكبة لما يجري، لوحظ أن المستوى اللبناني بدأ يتفاعل. ويحكى عن احتمال إنتاج مبادرات جديدة من قبل مجموعات نيابية أو تحريك أخرى سابقة. ويتزامن ذلك ومحاولة مجموعة النواب الـ4 الخارجين عن التيار الوطني الحر لإنتاج حالة نيابية على شكل كتلة وسطية بين الكتلتين الكبرتين، أي التيار والقوات، في محاولة منهم للتموضع ضمن الوسط، ما قد يفتح المجال أمام نقاش أكثر عمقاً حول مسألة رئاسة الجمهورية.