عماد مرمل - خاصّ الأفضل نيوز
مع انتهاء الإجازة الصيفية لعدد من سفراء اللجنة الخماسية، يُفترض أن يتحرك "الدم الدبلوماسي" مجددًا في عروق مساعيها الرامية إلى تأمين بيئة ملائمة لانتخاب رئيس الجمهورية، بعدما أصيبت تلك العروق بالجفاف والتيبس خلال الآونة الأخيرة، ليس فقط بحكم "العطلة" وإنما أيضا بفعل إصرار البعض في الداخل على "تعطيل" أي حوار أو تشاور حول الملف الرئاسي.
وإذا كان معارضو الصيغة الحوارية قد راهنوا على عامل الوقت أو على تطورات الميدان لإسقاطها وسحبها من التداول، إلا أن الرئيس نبيه بري أعاد في خطابه لمناسبة ذكرى تغييب الإمام السيد موسى الصدر التمسك بمبادرته الداعية الى إجراء حوار أو تشاور تحت سقف المجلس النيابي لأيام معدودة تليها دورات متتالية بنصاب دستوري من دون إفقاده من أي جانب كان.
ومن الرسائل التي أراد بري توجيهها إلى من يهمه الأمر، أنه لم ييأس بعد ولم يستسلم لمحاولات إجهاض مبادرته بل هو لا يزال مصرًا عليها كممر إلزامي لانتخاب رئيس الجمهورية، خصوصًا أنها تحظى بتفهم معظم سفراء "الخماسية."
أضف الى ذلك، أن بري حاول عبر خطابه، وفي عز حرب غزة والجنوب، "لبننة" الاستحقاق الرئاسي وفصله عن الحريق المشتعل في المحيط، مؤكدًا "باسم الثنائي الوطني ان الاستحقاق الرئاسي هو استحقاق داخلي ولا علاقة له بمجريات العدوان الإسرائيلي"، الأمر الذي يشكل في رأي أوساط قريبة من هذا "الثنائي" دحضا لاتهامات المعارضة الموجهة الى حركة أمل وحزب الله بأنهما يربطان مصير الاستحقاق بمسار الحرب، ويتتظران ما ستؤول إليه المواجهة العسكرية للإفراج عن رئاسة الجمهورية بشروطهما.
وتعتبر الأوساط أن العكس هو الصحيح وأن من يتّهم "الثنائي" بوضع مسألة الرئاسة في مهب عواصف الإقليم هو من يفعل ذلك، مشيرة إلى أن بعض أفرقاء المعارضة هم من يراهنون على أن تنتهي المواجهة الحالية مع العدو الإسرائيلي في غزة والجنوب الى إضعاف المقاومة في لبنان وتعديل موازين القوى الداخلية بالشكل الذي يسمح لهم بفرض إيقاعهم على الملف الرئاسي وتحسين موقعهم التفاوضي، وبالتالي فإن هؤلاء يفترضون أن مصلحتهم ليست في الذهاب الآن إلى حوار أو تشاور بل في تقطيع الوقت الى حين أن ينجلي دخان المعركة عن ظرف داخلي أفضل لهم يمكنٍّهم من إيصال المرشح الرئاسي الذي يريدونه الى قصر بعبدا.
وتلفت الأوساط الى أن هناك قوى تتمنى في قرارة نفسها تكرار سيناريو 1982 ولو معدلا، بمعنى أنها تعوّل على حصول ضربة إسرائيلية عسكرية واسعة لحزب الله، بغية استثمارها في الحسابات السياسية والرئاسية، تماما كما استفادت من مفاعيل الضربة التي تلقتها منظمة التحربر الفلسطينية عام 1982 لفرض مرشحها الرئاسي آنذاك، قبل أن تنقلب المعادلة برمتها لاحقا.
وتنبه الأوساط الى مخاطر الحنين إلى استعادة رهانات مجربة من هذا النوع، مؤكدة أنها خاسرة سلفا وحتما، والبناء عليها هو كمن يبني قصر من رمل على شاطئ الوهم، لا تلبث أن تجرفه أول موجة، وبالتالي لا بد عاجلاً أم آجلاً من العودة إلى شكل من أشكال الحوار والتشاور لتسهيل انتخاب رئيس الجمهورية المقبل، وفق ما حصل قبل انتخاب العماد ميشال سليمان والعماد ميشال عون.
وتتساءل الأوساط: لماذا لا يتم اختصار المسافة والكلفة على البلد المتعب، ويتجاوب الجميع مع طرح رئيس المجلس النيابي الذي يأخذ في الحسبان هواجس المعارضة، بدل أن تتراكم أكثر فأكثر فواتير الانتظار؟