كمال ذبيان - خاصّ الأفضل نيوز
لماذا استدار العدوُّ الإسرائيليُّ نحو الضّفةِ الغربيّةِ، يقتحم مدنها ومخيّماتها، بعد أن دمّر غزّة، ومارس إبادة جماعيّة على الشّعب الفلسطينيِّ ومقاومته؟
لأنّ الضّفةَ الغربيّة، في المزاعم التّوراتيّة لليهود، هي "يهوذا والسّامرة"، الّتي منها سيُعاد بناء "مملكة داوود"، ويستكمل منها قيام "إسرائيل الكبرى" التي تقع حدودها من "الفرات إلى النّيل"، وفق الوعد الإلهي لشعبه المختار، والمعروف عند اليهود بـ "يهوه"، وأنَّ من يتنازل عن هذه الأرض فهو خائن، وهذا ما حصل مع رئيس الوزراء الإسرائيليِّ الأسبق إسحق رابين الذي وقّع مع رئيس منظمة التّحرير الفلسطينيّة ياسر عرفات اتفاق أوسلو في ١٣ أيلول ١٩٩٣، وتخلّى فيه عن الضّفةِ الغربيّةِ وغزّة، فكان حسابه اغتياله من قبل يهوديّ متطرّف، عام ١٩٩٥، ومنذ ذلك التّاريخ سقط اتفاق أوسلو، الذي أجهز عليه رئيس الحكومة الإسرائيليّة بنيامين نتنياهو، الذي في عدوانه على الضّفةِ الغربيّة بعد غزّة، إنّما يطبّق الشّريعة اليهوديّة والخطّة الصهيونيّة، بأنّه لا وجود لفلسطين، ولا يوجد شعب فلسطينيّ، بل هي أرض بلا شعب لشعب بلا أرض، عبر اليهود إلى فلسطين، وطردوا منها في مرحلتين، الأولى في زمن البابليين قبل ثلاثة آلاف سنة قبل المسيح، فتمَّ سبيهم من بابل وهي بلاد ما بين النهرين التي هي العراق، وفي المرّة الثّانية، سُبي اليهود في عهد الرومان بعد ٧٠ سنة من ولادة السيد المسيح، وتمَّ ترحيلهم من فلسطين، حيث يعتبر المؤرّخون، بأنَّ اليهود هم قبيلة، ولم تثبت الاكتشافات الأثريّة، وجود هيكل سليمان في القدس التي هي أورشليم وفق التّعريف اليهودي.
من هنا، فإنَّ إسرائيل التي تعيش الخراب الثالث، وهو عمر الدولة التي أنشأها اليهود، ولم تستمر سوى ٧٠ سنة في فترتين، فإنَّ الصهاينة، وعلى رأسهم نتنياهو وحلفاؤه من الأحزاب الدينية المتطرّفة، يعتبرون أنهم يخوضونَ معركة وجود "دولة إسرائيل"، التي يتوقّعون أن لا تبقى حتى يبلغ عمر الكيان الغاصب الـ٨٠ عامًا، وهم يرجون في أميركا خصوصًا والغرب عمومًا، بأن المقاومة الفلسطينيّة تخوض معركة إزالة إسرائيل، مستندين إلى مواقف لقادة في المقاومة، لا سيّما في حركة "حماس" بأنَّ إسرائيل إلى الزّوال، وأنَّ إيران التي دعمت وجود هذه المقاومةِ من "حزب اللّه" في لبنان إلى "حماس" و"الجهاد الإسلامي" في فلسطين، تدعو إلى اقتلاع إسرائيل التي وصفها مرشد "الثّورة الإسلاميةِ الإيرانيّة" الإمام الخميني بـ "الغدّة السرطانية" في جسد الأمة التي تنتشر فيه، وتحتل أراضي فلسطين، وتقتل شعبها وتشرّده.
فالضّفّةُ الغربيّةُ، ستُلاقي مصير غزّة من التّدمير وجرف المنازل وتهجير السّكان، لتصبح يهوديّة صافية، وأنّ الحكومات الإسرائيليّة المُتعاقبة من اليمين واليسار، سمحت بقضم الأراضي في الضّفةِ الغربيّةِ، والاستيلاء عليها، وإقامة المستوطنات، بما يناقض ميثاق الأمم المتحدة، والشّرعيّة الدّوليّة، بالاستيلاء على أرض الغير بالقوّة، إضافة إلى تجاهل "اتفاق أوسلو"، الذي تنكَّر له العدوُّ الإسرائيليُّ، وفي ظلّه تمّ بناء مئات لا بل عشرات آلاف المستوطنات وسكنها نحو ٨٠٠ ألف مستوطن يهوديّ، تمَّ استدعاؤهم من دول عدّة، إلى "أرض الميعاد".
وهذا ما يدلّ على المجازرِ التي يرتكبها العدوُّ الإسرائيليُّ، منذ ثلاثينات القرن الماضي، وتحت شعار، لا وجود لشعب على أرض فلسطين سوى اليهود.