ميشال نصر - خاصّ الأفضل نيوز
وأخيرًا وصلت "الورقة" الموعودة إلى عين التينة، لتبدأ رحلتها الجوالة بين المقرات المعنية، التي ستضيف وتطرح وتجمع وتضرب، الكلمات والعبارات، في مشوار لن يكون سهلًا، رغم أن نهايته معروفة، بالعودة من حيث بدأ، على ما تجمع عليه آراء الجميع من سياسيين ومحللين وإعلاميين، وحتى ناس عاديين.
أوساط سياسية مواكبة لحركة الاتصالات الجارية، كشفت أن بيروت وضعت سلسلة من التعديلات على النسخة التي تسلمتها، وهي:
-إصرارها على أن تكون اللجنة المشرفة على مراقبة التطبيق مؤلفة من عضوين، الولايات المتحدة الأميركية ودولة أخرى، تقترح عين التينة أن تكون فرنسا، وهذه نقطة وفقًا للمعلومات مرفوضة أميركيا بشكل قاطع، رغبة إبداء ليونة بإدخال فرنسا في حال ضمت بريطانيا المانيا وإيطاليا، رغم أن ثمة عرض بضم دولة عربية إليها (الأردن أو مصر).
-إصرار عين التينة على تعديل التعابير المستخدمة في صيغة الاتفاق، بشكل يتطابق مع القرار 1701، وهو أمر ترفضه واشنطن بشكل قطعي، على اعتبار أن "الاقتراح المكتوب" الذي قدم للبنان، هو عبارة عن الآلية التطبيقية للقرار 1701، وفقًا لروحيته، خارج إطارِ التسويات التي استمرت منذ عام 2006، وباعتباره بديلًا عن الذهاب إلى مجلس الأمن اإما لتعديل الموجود أو لإصدار قرار جديد، مع ما قد يستلزمه كل ذلك من وقت وجهد، مشيرة إلى أن التعابير المستخدمة واضحة ودقيقة غير قابلة للتأويل أو التفسير.
ورأت الأوساط أن ما يطرحه الأميركيون خطير جدًّا، فهو ينقل صلاحيات مجلس الأمن إلى اللجنة التي ستراقب التطبيق، وبالتالي أي شكوى ستقدم من لبنان في حال الخرق إلى مجلس الأمن ستكون غير ذي قيمة، إذ وفقًا لما تردد فإن الجانب الأميركي سيودع نسخًا من الاتفاق الذي سيعلن في حال نجاح الاتصالات لدى الأمانة العامة للأمم المتحدة باعتباره من "متممات" القرار الدولي.
وختمت الأوساط بالتأكيد أن لبنان سيبقي الأمر "لا معلق ولا مطلق" آملًا في ربح المزيد من الوقت، وتحقيق المزيد من الإنجازات على الصعيد الميداني، بما قد يساعد عين التينة في تحسين شروط الاتفاق، وهو ما حذر منه الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين معتبرًا أن الرهان على لعبة الميدان أمر خطير، فتطورات المعارك لن تغير من واقع الاتفاق السياسي، بدليل أن الورقة المقدمة تتضمن النقاط نفسها المطروحة منذ البداية.
مصادر دبلوماسية أميركية، كشفت أن "الاقتراح المكتوب" الذي قدم للبنان، هو الصيغة الأوليّةُ التي تتضمن خطوطًا عريضة، على أن تبقى الآليات التفصيلية التقنية، مناطة باتفاق يرعى العلاقة بين الثلاثي: لجنة المراقبة والإشراف الدولية، الحكومة اللبنانية، وقوات الطوارئ الدولية، غامزة من قناة اتفاق "غير معلن" مكتوب، بين تل أبيب وواشنطن يقدم الضمانات التي طالبت بها إسرائيل، والتي تسمح لها بحرية الحركة والتصرف بدعم من حلفائها دون أي حاجة للعودة إلى مجلس الأمن وتقديم شكاوى.
وختمت المصادر بأنه قد يكون من الصعب جدًّا على حزب الله قبول ما هو معروض، ذلك أن المشكلة الأساسية باتت اليوم مع الدولة اللبنانية وأجهزتها التي ستتحمل تبعات الاتفاق الذي سيبرم، فالقصة لم تعد محصورة بجنوب الليطاني وإخراج السلاح من تلك الرقعة، بل أصبحت بتطبيق الاتفاق شمال الليطاني تحديدًا، وبالتالي نقطة "عدم السماح لحزب الله بإعادة بناء قدراته" ، أي تسليحه"سواء من خلال استيراد السلاح، أي إغلاق كامل الحدود مع سوريا، أو تصنيعه، ما سيعطي اللجنة الدولية الحق بالرقابة على كامل الأراضي اللبنانية، داعية الطرف اللبناني "إلى عدم التشاطر والتذاكي" فهذه المرة الأمور مختلفة بالكامل، والمطلوب هو تقاطع مصالح أميركية- اسرائيلية، لذلك وعليه فإن الحرب مستمرة وإن لم يات الرفض اللبناني واضحًا وصريحًا.