عماد مرمل - خاص الأفضل نيوز
مع إتمام مراسم التشييع التاريخي للشهيدين السيدين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين ومع انتهاء تقبل التعازي باستشهادهما في الضاحية الجنوبية، يكون حزب الله قد أنجز استحقاق الحزن المؤجل ويكون جمهوره الذي ظل بعضه حتى ما قبل الأحد في حالة إنكار، قد استوعب الصدمة، وبالتالي فإن الحزب وبيئته أكملا عملية الانتقال الى المرحلة الجديدة التي ستضعهما أمام تحديات مختلفة، فيما سيظل طيف "السيد" يحوم في وجدان محبيه.
وبدا لافتا أن الحزب كان حريصًا على منح الثقة الى حكومة الرئيس نواف سلام خلال مناقشات البيان الوزاري، متفاديًا قطع الجسور السياسية، ومتجاوزًا مآخذه على طريقة تكليف سلام أولا ثم على نمط تشكيل الحكومة والسلوك النافر بعد ولادتها حيال أمور تنطوي على حساسية خاصة بالنسبة إلى الحزب كما حصل في مسألة حظر هبوط الطيران الإيراني في مطار الشهيد رفيق الحريري، مع ما تركه ذلك من آثار سلبية على أبناء بيئة الحزب الذين يزورون إيران لاعتبارات دينية أو تجارية أو سياحية أو شخصية.
وبينما كان البعض يفترض أن الثنائي الشيعي سيتبادل الأدوار بحيث تمنح حركة أمل الثقة ويمتنع حزب الله عن التصويت، أتى القرار بإعطاء الثقة الى الحكومة مشتركًا من قِبل الطرفين، في إشارة إضافية الى إصرارهما على إبقاء موقفيهما موحدًا حيال كل الاستحقاقات والملفات، سواء ما يتصل منها بالوضع الجنوبي أو بالشأن الداخلي، علمًا أن بعض خصوم "الثنائي" راح يروج في الآونة الأخيرة بأن هناك تمايزات بدأت تظهر بين قطبيه على مستوى مقاربة عدد من المسائل المطروحة، وهذا على الأرجح ما دفع الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم خلال خطابه في مناسبة تشييع السيدين الى تأكيد متانة العلاقة مع "أمل"، على قاعدة أن "تحالفنا تعمّد بالدم، فلا تفكروا في اللعب بيننا، نحن واحد في الموقف والخيارات والسياسة.”
كذلك، فإن خيار الحزب بمنح حكومة سلام الثقة يأتي انسجاما مع كونه ممثلاً فيها بوزيرين، وإن تكن موازين القوى في مجلس الوزراء تعطي انطباعا بأن تحديات واختبارات صعبة تنتظر الحزب على طاولة المجلس حيث لا حليف صريحًا له سوى "أمل."
وبمعزل عن دوافع إعطاء الثقة، هناك من يعتبر أن على الدولة وخصوم الحزب ملاقاة يده الممدودة بدل أن يحاول البعض كسرها من خلال رفع حدة الضغوط عليه، بأشكال شتى.
ويشير أصحاب هذا الرأي الى أنه يتوجب على معارضي الحزب أن يبادلوه الإيجابية بمثلها وأن يبنوا على مبادرات حسن النية التي أطلقها تباعًا، بدءًا من إعلان الشيخ نعيم قاسم المتكرر عن التمسك بسقف الطائف والدولة مرورًا بتصويت الحزب لانتخاب العماد جوزاف عون رئيسًا للجمهورية وتعاونه الكامل مع الجيش جنوب الليطاني لتسهيل انتشاره ومهمته، وصولاً الى مرونته حيال حكومة سلام واستعداده للبحث في استراتيجية دفاعية.
ويشدد المرتاحون الى سلوك الحزب في هذه المرحلة على ضرورة أن يتعاطى الحكم الجديد ومعارضو المقاومة بانفتاح ومسؤولية مع رسائل الحزب التي تفتح أبوابًا للحوار والتعاون أمام من يريد، لافتين الى أن محاولة البعض التعامل معه كخاسر وضعيف سقطت بعد مشهدية التشييع الاستثنائي الأحد وبالتالي ينبغي أن يتصرف الجميع بواقعية بعيدًا من التقديرات الخاطئة التي تؤدي تلقائيًا الى أحكام سياسية غير سليمة.
ويؤكد هؤلاء أن لدى الدولة الآن فرصة غبر مسبوقة لإثبات قدرتها على تحمل مسؤولياتها وتأدية واجباتها في حماية لبنان، مشيرين الى أنه وبعدما كانت المقاومة تتموضع في الخط الأمامي للمواجهة، والدولة خلفها، أصبح العكس هو الصحيح بعدما انتشر الجيش جنوب الليطاني وصارت السلطة اللبنانية على تماس مباشر مع تحدي حماية السيادة، سواء بالوسائل الدبلوماسية أو بالقوة العسكرية إذا اقتضى الأمر على رغم من تواضعها.. فهل ستلتقط الدولة هذه الفرصة أم ستفلت منها؟