عبدالله قمح - خاص الأفضل نيوز
سيُطلق رئيس التيار الوطني الحر، النائب جبران باسيل، يوم الجمعة المقبل مع حلول ذكرى الرابع عشر من آذار، ماكينته الانتخابية للاستحقاقين البلدي والنيابي لعامي 2025 و2026، وسيتخلل عملية الإطلاق إعلان مواقف انتخابية ستشكل عنواناً للتيار، وسيتحدد على أثرها تموضعه السياسي والانتخابي.
فيما بعد سيجري تقطير المواقف عبر توجه المجلس السياسي في التيار، إلى الالتئام في خلوة طويلة يوم الأحد الذي يلي حفل إطلاق الماكينة.
هناك كلام كبير يشير إلى اتخاذ قيادة التيار قراراً بتغيير الآلية المعتمدة لاختيار المرشحين المؤهلين لخوض الاستحقاق النيابي، والاستعاضة عنها بمباراة يشرف عليها المجلس السياسي وطبعاً رئاسة التيار.
في المسألة البلدية، تركت أولوية التحركات لمنسقيات التيار في المناطق، على أن تنسق مع اللجنة الانتخابية المركزية، فيما تتولى الأخيرة إرسال توصيات معينة، ويبقى القرار الأخير لتبني الترشيحات يعود إلى صلاحية رئاسة التيار بطبيعة الحال.
يعتبر التيار الوطني الحر أن المعركة الانتخابية سواء أكانت بلدية – اختيارية أم نيابية، ستحمل طابعاً وجودياً، ربطاً بأن بعض القوى الأخرى، باتت تعتبر أن التيار أصبح منزوعاً من القدرات بحيث توفرت عوامل الانقضاض عليه.
يقوم مشروع القوى الأخرى على سلب عدد كبير من نواب التيار الوطني الحر وتقليص عدد كتلة "لبنان القوي" بحيث لا تتجاوز الـ8 نواب. ولا يخفي النائب جبران باسيل في مجالسه الداخلية، أنه يمتلك معطيات حول رغبة القوات اللبنانية تحديداً، بمزاحمة الحالة العونية على مجموعة من المقاعد في أكثر من دائرة انتخابية، من دون إغفال أن ثمة قوى أخرى "ناشئة" تطمح للأمر نفسه، أي الأكل من صحن التيار، من دون الإشارة إلى تلك القوى، التي يبدو أنها لا تخرج عن مقاصد رئاسة الجمهورية.
عملياً تتخذ معركة التيار الحالية صبغة انتقامية وأيضاً إثبات وجود، خاصة حين يدخل التيار في نزاع قوي ومؤثر مع مجموعة نواب من الذين خرجوا عنه أو أصدر قرارات بفصلهم، فيما بعض هؤلاء أخذ ينسق جهوده مع قوى أخرى مناوئة للتيار تاريخياً أو يحاول، في أماكن أخرى، التنسيق مع حلفاء مفترضين للتيار، في مسعى منه لإعادة انتخابه، أولاً، ولضرب حضور التيار ثانياً.
وبهذا المعنى، تقوم خطة التيار الحالية على المحافظة على عدد النواب الحاليين، أي 14 نائبًا، وفي محاولة لتدعيمهم.
وإزاء الهجوم الكبير على التيار، يصبح من جهة نظره حصر الخسائر بمقعد مثلاً يغدو خسارة بنكهة النصر.
من جهة أخرى، لا يرى التيار علة في مسألة التعاطي مع حزب الله. صحيح أن تقدير الموقف السياسي الحالي لدى العونيين نابع من أن الحليفين السابقين افترقا، بعدما أضحى الأول في الحكومة فيما الثاني اختار المعارضة، وربطاً أيضاً بسياق طويل من الاعتراضات التي لم تبدأ أصلاً بالتباين حول معركة "الإسناد" وما بعدها، غير أن وجهة نظر جبران باسيل ما زالت تقوم على ارتفاع حظوظ التعاون الانتخابي مع حزب الله في الدوائر المشتركة. وهذا نابع من تقدير موقف لديه من أن الحزب في حاجة ماسة إلى وجود حليف مسيحي له، بينما التيار، من وجهة نظر أخرى، في حاجة ماسة أيضاً إلى أصوات الحزب في الدوائر المشتركة لتثبيت نفسه، ما يعني أن القاعدة بينهما تقوم على المصلحة المتبادلة.
لا تستبعد أوساط التيار إمكانية التحالف انتخابياً مع تيار المستقبل، أو مع قوى وطنية سنّيّة أخرى، على اعتبار أن المستقبل مثلاً، كما تلك القوى، تحتاج إلى التيار حليفاً مسيحياً، في مقابل الأطراف الأخرى التي تتسلل إلى صحن السنة، أو تريد سلب أصواتهم، وبناء حالات سياسية "غريبة"، أثبتتِ التجربة أنها لم تؤدِ إلى أي نتائج مرجوة في مجلس النواب الحالي، حيث ضاع التمثيل وقوة التمثيل السّنِّيّة بين مجموعة نواب مستقلين وتغييريين يزعمون الاستقلالية، ويتضح أنهم وقعوا ضحية الإملاءات في أول تجربة انتخابية لهم زمن الاقتراع لرئاسة الجمهورية وفيما أسهم في تكليف رئيس للحكومة.