كمال ذبيان - خاص الأفضل نيوز
قبل أسبوعين زارت القائمة بأعمال السفارةِ العراقية في لبنان ندى كريم مجول، رئيس الجمهوريَّة جوزاف عون، ونقلت إليه رسالة من رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني، تُشيد بالعلاقة الجيِّدة بين العراق ولبنان، والتَّعاون التَّاريخي بينهما، وتدعو الرَّئيس عون لزيارة العراق، التي وعد بتلبيتها شاكرًا للسُّوداني دعوته، مؤكدًا على العلاقة الأخويَّة الطَّيِّبة بين الشَّعبين.
هكذا كانت الأجواء بين لبنان والعراق، والتي تلبَّدت قبل يومين، مع موقف للرئيس عون، من "الحشد الشَّعبي" في العراق، الذي رفض رئيس الجمهوريَّة، أن يكون "حزبُ اللَّه" شبيهه في لبنان، وجهازًا عسكريًّا موازيًا للجيش اللُّبناني، الذي لا يمكنه أن يستوعب عناصر "حزبِ اللَّه" في صفوفه، فشكَّل هذا التَّوصيف للرَّئيس عون إساءة للحشد الشَّعبيِّ، كما ظنَّ المسؤولون العراقيُّون، فأصدرت وزارةُ الخارجيَّة العراقيَّة بيانًا رفضت فيه ما قاله رئيس الجمهوريَّة واستدعت السَّفير اللُّبنانيَّ لدى العراق، وسلَّمته رسالة الاستنكار للخارجيَّة العراقيَّة، في إقحام الوضع اللُّبناني وأزماته الداخليَّة، في الشَّأن العراقي.
وسارع لبنان إلى تقصّي الموقف العراقي السَّلبي منه، بعد موقف الرَّئيس عون، الَّذي فسَّرت مصادر في القصر الجمهوريّ ما صدر عنه، بأنَّه كان في إطار، ما يصحّ على "الحشد الشَّعبي" في العراق، بأن يكون مؤسَّسة وطنيَّة عسكريَّة، لا يمكن استنساخ هذه الصِّيغة في لبنان، الذي له وضعه الخاص طائفيًّا وسياسيًّا، ولم يقصد رئيس الجمهورية الإساءة إلى "الحشد الشَّعبي" الذي اختارته السلطات العراقية، ليكون من ضمن مؤسَّساتها العسكريَّة والأمنيَّة.
وبدأت الاتِّصالات بين بيروت وبغداد، لإزالة سوء الفهم العراقي لكلام رئيس الجمهوريَّة، الذي كلّف وزير الخارجيَّة جو رجي متابعة الموضوع، وإنهاء ما حصل، والتَّأكيد على أن لبنان حريص على العلاقة الإيجابيَّة والممتازة مع العراق الذي يقف مع لبنان، ولم يبخل في تقديم كلّ المساعدة له، لا سيَّما في موضوع الفيول لمعامل إنتاج الكهرباء، ولولا الدَّعم العراقي، لكان لبنان وقع في الظَّلام والعتمة أكثر.
ولبنان استضاف المواطنينَ العراقيين خلال أزماتهم، وهم ليسوا بعيدين عنهم، ويشكِّلون الجزء الأكبر من سياحته واصطيافه منذ عقود طويلة، كما كان مستشفى ومدرسة وجامعة لهم، منذ سقوط النِّظام العراقي السَّابق برئاسة صدام حسين، فلجأ العراقيُّون إلى لبنان، وما زال عددٌ كبيرٌ منهم في ربوعه، ولا يمكن للبنان الرَّسمي والشَّعبي أن لا تكون العلاقة جيِّدة لا بل ممتازة مع العراق، الَّذي تفهَّم ما صدر عن رئيس الجمهوريَّة وفق ما تقول المصادر الدبلوماسيَّة، التي تشير إلى أنَّ الاتصالات تكثَّفت بين المسؤولين في البلدين، وتحرَّك المدير العام للأمن العام اللبنانيِّ اللواء حسن شقير الذي تربطه علاقات جيِّدة مع المسؤولين العراقيين، لا سيَّما رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، الذي تواصل معه اللِّواء شقير، وفق المعلومات وأوضح له ما قصده الرئيس عون بما يتعلَّق بـ "الحشد الشَّعبيِّ"، ولم يقصد الإساءة له.
فالأزمة التي ظهرت مع العراق، إلى زوال، وغيمة صيف عبرت، وفق ما تكشف مصادر مُطَّلعة، وأنَّ الرَّئيس عون سيلبِّي الدَّعوة الَّتي وُجِّهت إليه لزيارة العراق، وتكون مناسبة للتَّأكيد على عمق العلاقة بين البلدين، ولشكر العراق على ما قدَّمه للبنان بشأن الطَّاقة الكهربائيَّة.