ميرنا صابر - خاصّ الأفضل نيوز
بدا واضحاً أن الأسواق العالميّة استهلت أسبوعها بزخم استثنائي، قادته مكاسب الذهب المفاجئة والتحركات غير المتوقعة في أسواق الطاقة، فيما بقيت الأنظار معلّقة على ما سيصدر عن الفيدرالي الأمريكي وبيانات التضخم المقبلة.
أشار المحلل الاقتصادي لأسواق الشرق الأوسط مهند ياقوت لـ"الأفضل نيوز" إلى أنّ: "الأسبوع الجاري انطلق بنغمة قويّة في الأسواق العالميّة، حيث تصدر الذهب المشهد بتسجيل مكاسب استثنائيّة، فيما واصل النفط صعوده رغم قرارات أوبك+، بينما تترقب الأسواق عن كثب بيانات التضخم الأمريكيّة واجتماع الاحتياطي الفيدرالي".
مضيفًا، أنّ: "أسعار الذهب وصلت إلى 3612 دولارًا للأونصة، في قفزة مدعومة بتوقعات خفض أسعار الفائدة الأمريكيّة. فبالرغم من أن احتمالات خفض الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس لا تتجاوز 10% وفق تسعير الأسواق، إلا أن تبني بنك ستاندرد تشارترد لهذا السيناريو عزز ثقة المستثمرين بالذهب كملاذ آمن، خاصةً وسط تنامي حالة عدم اليقين الاقتصادي عالمياً."
أما على صعيد الطاقة، لفت مهند ياقوت خلال حديثه مع "الأفضل نيوز" إلى أنّ: "أسعار النفط تحركت بعكس المتوقع. فعلى الرغم من إعلان أوبك+ زيادة الإنتاج بدءاً من تشرين المقبل بمقدار 137 ألف برميل يومياً، إلا أن السوق استجاب بارتفاع خام غرب تكساس الوسيط إلى 63.50 دولارًا للبرميل". ويشرح قائلاً: "هذه الزيادة المحدودة اعتبرها المتعاملون إشارة ضمنيّة إلى اعتراف المنظمة بوجود تباطؤ محتمل في الطلب العالمي. لذلك جاءت ردّة فعل السوق أقرب إلى تفاؤل حذر بدلاً من التراجع."
أما الحدث الأبرز هذا الأسبوع، بحسب ياقوت، فهو صدور بيانات التضخم الأمريكيّة لشهر تموز، حيث تشير التقديرات إلى احتمال بلوغ المؤشر العام مستوى 2.9%. ويتابع: "إذا جاءت القراءة أعلى من المتوقع، فإن الفيدرالي سيكون أمام معضلة صعبة: فبينما يحاول دعم الاقتصاد وسوق العمل الذي يظهر علامات ضعف، سيجد نفسه في مواجهة ضغوط تضخمية متزايدة."
يرجّح هذا المشهد أن خيارات الفيدرالي الأمريكي قد تبقى محدودة في الاجتماع المقبل، بحيث يصعب المضي في خفض يتجاوز 25 نقطة أساس في ظل ضغوط التضخم القائمة، ما يترك الباب مفتوحاً أمام قرارات لاحقة تتحدد وفق مسار البيانات الاقتصاديّة. ومن زاوية أوسع، تبدو الأسواق وكأنها تتحرك فوق أرضيّة هشة: الذهب يواصل الصعود مستفيداً من الرهانات على خفض الفائدة، والنفط يثبت قدرته على التماسك رغم قرار أوبك+ بزيادة الإنتاج، فيما السياسة النقديّة الأمريكيّة عالقة بين مطرقة كبح التضخم وسندان دعم النمو.
هذا التوازن الدقيق لا يقتصر أثره على الأسواق العالميّة فقط، بل يترك بصماته مباشرة على المنطقة ولبنان تحديداً. فارتفاع أسعار الذهب يعزز مكانته كملاذ تقليدي للمدخرات في بلد يعاني من انهيار الثقة بالقطاع المصرفي والعملة المحليّة، بينما أي تقلب في أسعار النفط يترجم سريعاً في فاتورة الاستيراد وكلفة الطاقة التي تثقل كاهل الاقتصاد اللبناني الهش.
في ضوء هذه المعطيات، يبدو الربع الأخير من العام حاسماً، ليس فقط للأسواق العالميّة، بل أيضاً لمجتمعات تبحث عن استقرار نسبي في ظل أزمات متعددة. فأي قرار مفاجئ من واشنطن أو فيينا قد يعيد رسم خارطة الأسعار دولياً، لينعكس على كل بيت لبناني بشكل أو بآخر.