في حر الصيف القائظ قليلة هي الأشياء التي قد تكون أكثر إرضاء من بعض الآيس كريم المثلج، لكن هل تساءلت يوما ما الذي يتطلبه صنع هذه الحلوى المثلجة التي تستمتع بها في يوم حار؟
يعود تاريخ هذه الحلوى اللذيذة إلى قرون، ولكن في يومنا هذا تعد أصناف الآيس كريم المتنوعة تتويجا لشهور من البحث والتطوير.
على مشارف مدينة آرنهاوس الدنماركية يوجد ما يمكن اعتباره بمثابة وادي سيليكون لأصناف الآيس كريم.
قصة رجل أنشأ مصنعا للآيس كريم قيمته ملياري دولار في مطبخه
من بين مجموعة من الشركات، بما في ذلك منتجي الألبان والمهندسين ومقدمي الخدمات، مصنع مملوك لشركة تيترا باك Tetra Pak العملاقة لتغليف المواد الغذائية.
هذا المكان هو أيضا موطن لمركز تطوير منتجات الآيس كريم حيث يتم اختبار الوصفات الجديدة والمستقبلية.
تقول إليزابيث بانغورد، مديرة الاستثمار في شركة تيترا باك: "إنها الخطوة الأولى في رحلة طويلة لإطلاق منتج ما..هنا نختبر ما من المفترض أن يطرح في السوق الصيف المقبل أو بعد عامين من الآن".
يوجد داخل المختبر اللامع أحواض فولاذية ومجمدات وآلة تحول الآيس كريم إلى شكل بيضاوي وتنقله عبر سير متحرك.
غالبا ما يقضي عملاء شركة تيترا باك - التي تعد كبرى العلامات التجارية للآيس كريم في العالم - يومين أو ثلاثة أيام في المنشأة في صنع وتذوق العينات.
تشرح إليزابيث بانغورد قائلة: "نختبر أمورا كالمذاق، والقوام، وما إذا كان المنتج متقنا".
هناك أيضا مجموعة متنوعة من الخبراء المتوفرين للمساعدة في العملية في كافة مراحلها، بما في ذلك "الأدوات المتخصصة في وضع الأعواد الخشبية الصغيرة في الآيس كريم".
يسمح المرفق للعملاء بتجربة وصفات جديدة دون تقييد إنتاجهم، ويتم طرح منتجات جديدة في أواخر الربيع، ثم تسرع علميات التصنيع والإنتاج بشكل كبير استعدادا للصيف.
يقول توربن فيلسغارد، مدير أكاديمية الآيس كريم في تيترا باك: "هناك الكثير من الاستثمار في الابتكار خلال فصل الشتاء".
وتعد الولايات المتحدة والصين أكبر مستهلكي الآيس كريم، ووفقا لشركة تيترا باك، استُهلك أكثر من 25 مليار لتر من الآيس كريم في جميع أنحاء العالم في عام 2021.
وفي المملكة المتحدة أدى ارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير في الصيف إلى ارتفاع حاد في مبيعات الآيس كريم، إذ تظهر بيانات شركة خدمات المعلومات العالمية نيلسون آي كيو NielsenIQ أن المشتريات كانت أعلى بنسبة 28 في المئة في الأسابيع الأربعة حتى منتصف أغسطس/ آب، مقارنة بالعام السابق.
لكن كيف يصنع هذا المنتج اللذيذ؟
يبدأ الإنتاج بالمزج، إذ يُمزج الحليب أو الماء مع المكونات الجافة مثل مشتقات الحليب الصلبة والسكريات ومنتجات الألبان أو الدهون النباتية، بعدها يُسخن السائل ليتجانس ثم يُبرد ويُترك لفترة في ما يعرف بعملية "التعتيق".
تصطحبني إليزابيث في جولة للاطلاع على سير علمية التصنيع مرتدية ثوب المختبر الأبيض: "نضيف مكونات وظيفية مثل النكهات والألوان، وكذلك المثبتات والمستحلبات..إنها تعطي المزيج بعض اللزوجة..هذا هو ما يمنحه القوام الخاص، وعندما يستهلك يذوب".
يمكن أن تنتج هذه الوحدة "الصغيرة" 700 لتر في الساعة، ولكن يمكن أن تنتج المجمدات ذات الحجم التجاري ما يصل إلى 4 آلاف لتر.
داخل الأسطوانة الدوارة، يتم تبريد المزيج ويخلط بشكل سريع، ويدمج مع الهواء. وبذلك يظهر الآيس كريم طريا قليلا، لذا يمكن وضعه في عبوة أو قالب، ثم تخزينه في درجة حرارة منخفضة.
وفي حين أن الوصفة تبدو بسيطة، إلا أن الآيس كريم يحتوي على كيمياء معقدة تتكون من بلورات الثلج وفقاعات الهواء وكريات الدهون، يختزنها محلول من الماء والسكر.
الآيس كريم باردا يتطلب كميات كبيرة من الطاقة. تقول إليزابيث بانغورد إنها تعمل مع زملائها على تطوير عملية تبريد مستهدفة تعمل على تبريد مكونات معينة.
وقد طورت شركات أخرى تقنية "مبتكرة وخارجة عن المألوف" بالمعنى الحرفي للكلمة.
على سبيل المثال، تقوم شركة كولد سناب Cold Snap الأمريكية بتصنيع كبسولات الآيس كريم التي يتم تجميدها فقط في الجهاز عندما تريد تناولها، وبالتالي تختزل الطاقة المستهلكة عن طريق تخزينها في قسم التجميد في الثلاجات المنزلية.
وبالعودة إلى المختبر في شركة تيترا باك، حيث يتم اختبار الآيس كريم المعد للمستقبل، أنا حريصة على الحصول على السبق الصحفي حول ما يخفونه من ابتكارات في جعبتهم.

alafdal-news
