مارينا عندس- خاصّ الأفضل نيوز
مُذْ ظهرت الصحافة، ظهرت معها الأخبار المُلفّقة، الناتجة إمّا بنيّة الخطأ أو بنيّة التضليل وتترابط جذورها بالكذب الذي لم يستطع جاك دريدا أن يحدّده أو يحدّد تاريخه. ومع تطوّر شبكات الإنترنت ودخول مواقع التواصل الإجتماعي في يوميّاتنا، انتشرت الأخبار المُلفّقة بصورةٍ خياليةٍ، ما دعا إلى العودة إلى الأخلاقيات والنّظر إلى قواعدها من جديد سيّما في الحروب النّفسيّة التي تضخّمت في عصرنا الرّقمي هذا، وما زاد من انتشار الأخبار المُلفّقة إلى هذا الحدّ، هي وسائل التّواصل الإجتماعي التي أتاحت نشر المحتوى بسرعةٍ هائلةٍ، من دون رقابةٍ، وباستهدافها الجمهور المُختار.
إشكاليّة التّسمية
واهمٌ من يعتقد أنّ للأخبار المُلفّقة تعريفًا أو تحديدًا واحدًا، وقد لا نجد تصنيفًا واضحًا لها ولكن كتعريفٍ أوليٍ مستقيمٍ، شرع قاموس كوليزن Collins عام 2017 بتعريف الأخبار المُلفّقة، على أنّها Fake News بالقول إنّها "معلومات كاذبة، مثيرة في كثيرٍ من الأحيان، تُنشر تحت ستارة التقارير الإخباريّة، لكن الأخبار المُلفّقة ليست أخبارًا كاذبة فحسب، فالثانية جزء من الأولى". ما هي إذًا الأخبار المُلفّقة؟
الأخبار المُلفّقة هي قصص مُفبركة ومُضلّلة يتم اختلاقها عمدًا، تُقدّم للجمهور على أنّها أخبار حقيقية لخداعه، وغالبًا ما تكون الغاية منها، تحقيق مكاسب سياسيّة أو ماديّة أو اجتماعية أو جميعها ، وهنا نودّ لفت النّظر إلى أنّ الأخبار المُلفّقة تختلف عن الأخطاء الصّحفيّة أو الانحياز الإعلامي لأنها تنطوي على نيّة التضليل وليس فقط سوء التّقدير أو التّحيّز. وكما عرّفها الباحث الإعلامي بريان ماكنير Brian McNair عام 2018 على أنّها "التّضليل المتعمّد (اختراع أو تزوير حقائق معروفة) لأغراضٍ سياسيّةٍ أو تجاريّةٍ، يتمّ تقديمها كأخبار حقيقية.
في معجم كامبريدغ باللغة الإنكليزية، Cambridge English Dictionary عُرّفت الأخبار المُلفّقة على أنّها "القصص المغلوطة التي تبدو وكأنها أخبار، تكون مُنتشرة على صفحات الإنترنت أو باستخدام وسائط أخرى، وعادةً ما يتمّ إنشاؤها للتأثير على الآراء السّياسية. وفي مُعجم ليكسيكو من أوكسفرد Lexico by Oxford، هي معلومات مغلوطة، يتمّ بثها أو نشرها كأخبارٍ لأغراضٍ احتياليةٍ أو ذات دوافع سياسيّة.
إلى حدٍّ ما، بدت التّعريفات متشابهة، لكنّ الأسماء اختلفت ما بين أخبار كاذبة، مغلوطة، ومُلفّقة لكنّ المخاوف نفسها، كما وأنّ الأطراف ذات الاهتمامات المتنوّعة، تستخدم هذه المصطلحات بحسب مصالحها الخاصّة، فبدا التعريف صعبًا لتحديده بطريقةٍ دقيقةٍ، هي ليست دائمًا كاذبة، بل يمكن أن يكون تاريخ نشرها هو الخطأ، وهذه أخطر وأشنع أنواع الأخبار المُلفقة، غالبًا ما يكون هدفها إثارة النعرات وتجييش الجمهور. إذًا، وإذا صحّ التّعبير، الأخبار المُلفّقة هي نوع من المحتوى الإعلامي الذي يُنشأ ويُنشر بطريقة تحاكي الأخبار الحقيقية، لكنّه يتضمن كمعلومات مختلفة أو مُحرّفة، ويهدف في العادة إلى تحقيق أهداف مُحدّدة، مثل التأثير في الرأي العام، تشويه سمعة جهة أو شخص، أو تحقيق أرباح من خلال جذب التفاعل والمشاهدات.
بالمُختصر، الأخبار المُلفّقة هي أخبار مُزيّفة، يتمّ نشرها عمدًا بهدف خداع النّاس أو للتأثير على آرائهم. ولتجنّب هذه الأخطاء، يمكن تحديد الأخبار على أنّها معلومات ذات الخصائص التالية: Chong and Choy, 2020, p.119
• شاملة بدون رقابةٍ خبيثةٍ أو تعديلٍ أو تلاعبٍ
• دقيقةٌ وواقعيةٌ بناءً على المعلومات المتاحة أو كما يوفّرها المصدر
• يمكن التّحقّق منها من قبل مصدرٍ أو جهة مُستقلةٍ ضمن حدودٍ معقولةٍ
• مقدمةٌ بطريقةٍ محايدةٍ ومتوازنةٍ وغير تحريضيةٍ
الجهات التي تروّج للأخبار
غالبًا ما تكون الظّروف هي المُساعدة الأولى لانتشار الأخبار المُلفّقة. فمثلًا يزداد تلفيق الاتهامات والإشاعات خلال فترة الأزمات لأنّ معظم النّاس يكونًن مُربَكين وقادرين على تصديق أيّ شيءٍ. فخلال الأزمات الاقتصادية، (سبوتنيك عربي، 2021، 15 حزيران)، تلعب الأخبار المُلفّقة نهجًا في تخويف المواطنين، وجعلهم يشعرون بالقلق المُستمرّ والارتباك ما يؤثّر على نفسياتهم ويصدقون ما يُقال، خصوصًا إذا كانت هذه الأخبار منتشرة عبر مواقع التّواصل الإجتماعي.
اقتصاديًا: في الكثير من الأحيان، تحمل الأخبار المُلفّقة طابع التوقّع المستقبليّ، كتوقّع ما ستؤول إليه الحالة الاقتصادية في البلاد، ما يثير الذّعر والخوف في نفوس النّاس ويبدأون بتصديق أيّ خبرٍ يُكتب. وهُنا، لا تلعب الأخبار المُلفّقة دورًا مهمًا في إقناع الجمهور خلال فترة الأزمات فقط، إنّما تكون في الكثير من الأحيان لاعبةً بنفسها في خلق أزمةٍ جديدةٍ من خلال نشر الخوف والقلق لدى النّاس، تمامًا مثل أزمة الدّولار وهبوط العملة الوطنية أمامها. بدأت يومها بعد التطبيقات الزائفة بإلإدلاء بأرقامٍ خاطئةٍ حول سعر صرف الدّولار الرسمي، رغم أنّه كان خاطئًا. وبات الاعتماد على هذه التطبيقات الزائفة لفترةٍ مهمةٍ إلى أن أصبحت هي نفسها صانعة الأخبار المُلفّقة، فهي التي كانت تقوم بتحديد سعر الصّرف في دولار السّوق السّوداء.
سياسيًا: لا يمكن اختصار الأزمات بالأزمات الاقتصادية طبعًا، لأنّ معظمها تبدأ خلال المنافسات الرئاسية والانتخابية وغيرها. ففي زمن الانتخابات (مهما يكن نوع الانتخابات الحاصلة: اختياريّة، بلديّة، نيابيّة، رئاسيّة..) فإنّ الأخبار المُلفّقة تظهر بأكثر من مستوى على الصعيد المحلّي والعالمي. وتزداد حينها الأخبار المُلفّقة لتصل إلى ذروتها، محققةً مكاسبها خلال هذه الفترة الحساسة. وتكون الجهات وهميّة، مثل المواقع المؤيّدة لرؤساء أحزاب أو بلديات أو مخاتير أو نوّاب بهدف تطبيق أجنداتها، أو عبر وسائل الإعلام مثل الصحف والمجلات والتلفزيونات والمواقع الإكترونية، أو بعض الجهات الإستخباراتية أو الدّولية، التي توظّف هذه الأخبار ضمن ما يُسمّى "حرب معلومات" لزعزعة استقرار خصومها أو الأثير على قضايا دوليّة. وأكبر دليلٍ على ما حصل خلال الإنتخابات الفرنسية عام 2018، قبل يومين من إجراء الجولة الثانية، وقبل ساعاتٍ قليلةٍ من نهاية الحملة الرسمية للمرشحين (إيمانويل ماكرون ومارين لوبان) تسّرب عددٌ من الوثائق عبر مواقع التّواصل الإجتماعي تحديدًا عبر منصّة X مدعيُة أنها نتيجة اختراق لبيانات ماكرون الشّخصيّة، وبعد تداولها تبيّن أنّها وهمية (Allard- Huver, Feb 4, 2018).
أحيانًا كثيرة، يكون الخبر الملفّق الواحد، كفيلًا لإشعال حربٍ بأكملها. هذا تحديدًا ما حصل في العراق، يوم انتشرت أخبار مدّعيةً بوجودٍ هائلٍ للأسلحة النّووية قيل إنّها بيد النّظام وقتذاك وتابعة للرئيس العراقي صدّام حسين. هذه الكذبة كانت كفيلة، لاشتعال الحرب ما بين أميركا والعراق. وأوّل من بدأالحرب، كانت صحيفة "نيويورك تاميز" التي أججت الأزمة أكثر في مقالاتها وأصبحت معلوماتها كمصادر موثوقة للبعض.
عام 2004، اعترفت نيويورك تايمز في افتتاحيّة مشهورة، أنّها فشلت في التّحرّي الدقيق وقالت:" نعترف بأنّ بعض تقاريرنا قبل الحرب لم تكن قويّة بما فيه الكفاية، واعتمدت على معلومات مشكوك فيها".
من أنواع الأزمات الأخرى، الأزمات الصحية التي تأخذ حيزًا واسعًا من اهتماماتنا اليوم. ولن يكون هناك مثال أوضح من التنبؤات التي انتشرت يوم انتشار فيروس كورونا (كوفيد- 19) لتدّعي أنّه فيروس مميت من خلال الإدلاء بتصريحات لأسماء أطباء وهميّين، يُصرّحون أنّه يسبب الموت المفاجئ وأكثر من دراسة طبية أكدت ذلك. وانتشرت يومها أخبار، الكثير قام بتصديقها لأنّ الفيروس يعدّ جديدًا من نوعه، وبالتالي قابلًا للتصديق أكثر من غيرها. انتشرت خلال تلك الحقبة، كذبة أنّ الاستحمام بالماء السّاخن يقتل الفيروس، بخاخ الأنف يمنع الإصابة، المتوفى بكورونا ينقل العدوى، الغرغرة بالخل يقتل الفيروس، كورونا يُنقل عبر الهواء مباشرةً، وغيرها من الأكاذيب التي فعلًا تم تصديقها ليس ليومٍ او اثنين إنما لأشهرٍ وأكثر.
فلماذا الأخبار المُلفّقة تُصدّق سريعًا خلال الأزمات الصّحّية؟ السبب الرئيسي والمُتّفق عليه هو ذعر النّاس والخوف على صحّتهم لأنّ الموضوع يتعلّق بالحياة والموت فتصبح المعلومات غير المنطقيّة منطقيّة لأنها تثير عاطفتهم. أما الأسباب الأخرى، تعود لدور وسائل الإعلام في تضخيم الأخبار ودور وسائل الإعلام في نقلها تُعطي للجمهور طابع المصداقية أكثر.
الأزمات الطّبيعية تلعب أيضًا دورًا في انتشار الأخبار المُلفّقة خصوصًا في المراحل الاولى من وقوع الأزمة، تمامًا كما حصل عام 2015 "زلزال نيبال". بتاريخ 25 نيسان 2015، ضرب زلزال قوي نيبال، أسفر عن مقتل أكثر من 8000 شخص وتسبب بدمارٍ واسعٍ. لكن يومها، رغم أنّ الزلزال كان ضخمًا، لم يكن بالحجم الذي وُصف فيه عبر مواقع التواصل الإجتماعي. فتداولت أخبار عن أنّ الزلزال حرّك جبل إيفرست 3 سم. وانتشرت صورة على نطاقٍ واسعٍ، لطفلةٍ تبكي وسط الأنقاض، اتّضح لاحقًا أنّها صورة لطفلة في غزّة تعود للعام 2009. كما استعانت بعض المواقع بمصادر من ناسا، لتزعم أنّ خلال أيّام قليلة، ناسا حذّرت من زلزال أعنف، سيضرب نيبال والهند. لكنّ ناسا نفت رسميًا هذه الشائعات وقتذاك وقالت إنها لا يمكنها التنبؤ بالزلزال بهذه الدّقة.
لذلك، فإنّ غياب التحقق من المصادر لدى الجمهور في لحظة خوف، يكون قادرًا على انتشار الأخبار الملفقة، تصديقها، وإعادة نشرها أكثر فأكثر لتصبح ككرة الثلج تنمو شيئًا فشيئًا.
مواجهة الأخبار الملفّقة
1- في المؤسسات الإعلامية:
يعتمد الصحافيون اليوم على تطبيقات للتأكيد من صحّة المعلومات التي تُرسل إليهم يوميًا، مثل موقعي JPEGSnoop وموقع Exif Viewer Jeffery لحجب الأخبار الملفقة ومنع انتشارها في العالم الافتراضي.
ومن المهمّ جدّا معرفة أنّ التفرقة بين الأخبار الملفّقة والواقية، لم يعد الحلّ الأنسب في وجه تدفّق الأخبار الملفّقة في كلّ زمانٍ ومكانٍ، إنّما محو الأميّة الإعلامية وتوفير عناصر النّظرة النّقديّة هو ما يُساهم في حلّ الجزء الأكبر من المشكلة. كما أنّ التعاون مع شركات مثل منصّات التحقق هي أيضًا خطوة فعالة. فتتعاون بعض الوسائل الإعلامية مع "Snopes" أو "AFP Fact Check" أو "PolitiFact"، حيث يتم الإبلاغ عن الأخبار الملفقة وتصحيحها علنًا. وتلعب دورًا توعويًا لتعليم الجمهور كيفية التمييز بين الأخبار الحقيقية والمزيفة، وتشجيعهم على التحقق من المعلومات قبل مشاركتها.
وهناك نوعان من التحقّق من الحقائق:
أولًا: التحقق الوقائي (Pre-publication Fact-Checking) يتم قبل نشر الخبر أو التقرير. وتقوم به فرق داخلية في المؤسسات الصحافية لضمان أنّ كل المعلومات، الأرقام، والتصريحات دقيقة ومبنية على مصادر موثوقة. ويكون الهدف منه هو منع نشر المعلومات المُلفّقة من الأساس.
ثانيًا: التحقق اللاحق (Post-publication Fact-Checking): يتمّ بعد نشر المعلومات، وغالبًا من قبل جهات مستقلة أو منظمات متخصصة. ويكون الهدف منه تصحيح الأخبار المُلفّقة التي تنتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مثل مواقع "FactCheck.org" أو "Snopes" أو "Misbar" في العالم العربي.
2- الجهات الأمنية والرسمية
بعد أن تحوّلت مواقع التّواصل الإجتماعي إلى مصدر أوّل للكثيرين، لا بدّ أن تكون الرقابة والردود حاضرة هناك وليس فقط عبر الإعلام التقليدي. ولأنّ المواطن يحتاج في زمننا هذا، زمن الصراعات والأزمات إلى الحقيقة، والدّقة، فإنّ ترك الساحة للأكاذيب يضعف الثقة بالمؤسسات ويزيد من الفوضى. ونحن نؤمن أنّه أينما يتم نشر الأخبار الملفقة، هناك علينا التوضيح وتصحيح هذه الأخطاء.
وحفاظًا على السلم الأهلي والأمن القومي ومنعًا للفوضى ونشر الذعر لدى النّاس، تواجه الجهات الأمنية والرسمية الأخبار المُلفّقة بعدّة طرق، خصوصًا عبر انتشارها عبر مواقع التواصل الإجتماعي. وأبرزها:
- الرّد عبر الحسابات الرسمية لقوى الأمن الداخلي والجيش التي تنشط تحديدًا عبر منصّة X من خلال نشرها توضيحات فوريّة ضمن سلسلة "الخبر الكاذب"، مثل أي خبر ملفق حول انفجار أو حادث أمني، يصدر نفي رسمي خلال دقائق أحيانًا.
- البيانات الرسمية من الوزارات مثل وزارة الداخلية أو الإعلام تصدر بيانات تنفي أو تؤكد ما يتم تداوله.
- منصة اللجنة الوطنية لمكافحة الأخبار الكاذبة، بحيث أُطلقت مبادرات حكومية بالتعاون مع المجتمع المدني لمكافحة التضليل الإعلامي، خاصة بعد الأزمات (مثل انفجار المرفأ وجائحة كورونا).
- الملاحقات القانونية: يتم استدعاء عدد من الأشخاص للتحقيق بعد نشرهم شائعات تمس الأمن أو السلم الأهلي، بموجب قانون العقوبات أو قانون الجرائم الإلكترونية
- التنسيق مع الإعلام: تطلب الجهات الرسمية أحيانًا من المحطات عدم بث أخبار غير مؤكدة، أو تسريب معلومات من دون التحقق بها، خصوصًا فيما يتعلّق بالأحداث الأمنية الحساسة.
- استخدام وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية: وهذه الوحدة ضمن قوى الأمن ترصد وتحقّق في الشائعات المنتشرة عبر مواقع التواصل الإجتماعي، وتتابع أصحابها.
ولكن هل الجهات الأمنية وحدها قادرة على مواجهة الأخبار المُلفّقة؟ الجواب طبعًا هو لا. لماذا؟ لأنّ هذه المعركة تحتاج تضافر عدة أطراف، كلٌّ له دور مختلف ومتكامل. فالجهات الأمنية دورها الأساسي هو التحقيق والملاحقة عند الضرورة، خصوصًا إذا كانت الشائعة تمسّ بالأمن أو السلم الأهلي. لكنّنا نعلم أنّها لا تستطيع وحدها أن تردّ على كل خبر كاذب أو تتحقق من كل منشور. أمّا الإعلام فهو المسؤول عن نشر المعلومات الدقيقة وتفنيد الأخبار الملفّقة. والمؤسسات الإعلامية المحترفة تملك أدوات التحقق والتأثير على الرأي العام. والمجتمع المدني أيضًا ومنصات التحقق: مثل جمعية "مهارات" و"سمكس" في لبنان تساهمان في مراقبة الخطاب الرقمي والتوعية بالإعلام الرقمي.
3- وعي الجمهور:
لا بدّ من الإشارة هنا إلى أنّ الجمهور بشكلٍ عامٍ، تغيّر في طريقة تفكيره وسلوكياته. ففي نهاية القرن التاسع عشر، خلال ما كانت أوروبا كانت تشهد تغيّرات اجتماعية وسياسية، قال Gustave le Bon وهو أحد المفكّرين الذين تناولوا سيكولوجية الجماهير، أنّ الـfoule لا تفكرّ بطريقة عقلانية، وتكون سهلة التأثير والإقناع عبر الخطابات والدعاية ولو كانت إشاعات. كما أنّها تفقد المسؤولية الفردية، لأنّ على حدّ قوله، عندما يكون الفرد داخل الجماعة، فإنه يتخلّى عن وعيه النقدي ويذوب في سلوك القطيع. وأشار إلى أنّ الجمهور يتأثر كثيرًا بالأساطير والأفكار البسيطة والخرافات (في كتابه La Psychologie des Foules) ولا يحتاج إلى أفكارٍ معقّدة. اشتهر Le Bon بمقولة La foule est toujours intellectuellement inférieure a l’homme isolé. ومن هنا ضرورة إصلاح النسيج الإعلامي وتوعية الجمهور حول خطورة تصديقهم أي خبر يُنقل.

alafdal-news
