مارينا عندس - خاص الأفضل نيوز
لم تنتشر آفّة القمار الإلكتروني ليلة أمس، وهذه الظاهرة ليست مُشكلة موجودة في لبنان فحسب، بل ظهرت مواقع الميسر والمراهنات الرياضية عبر منصّات التواصل الاجتماعي للمرّة الأولى في العالم في منتصف تسعينيات القرن الماضي. وسمحت لكل من يخوض هذه التجربة بالالتفاف على القوانين المنظّمة للألعاب الأرضية حصرًا، إلى أن أقرّت سلطات بعض الدول تشريعات حديثة قضت على السوق غير الشرعي للقمار.
في لبنان، بدأت الألعاب والمراهنات الإلكترونية بالانتشار قبل نحو 15 عامًا، من دون أن يُحرّك المشرّع اللبناني ساكنًا، أو يقرّ أي نصّ قانوني حول الميسر والمراهنات عبر الإنترنت.
المُشكلة ليست جديدة، بل بدأت تتجدّد وتتطوّر خلال عام 2010.
ولكن، منذ حوالي الـ4 سنواتٍ تقريبًا، وتحديدًا بعد الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالبلاد، بدأت هذه الظاهرة تنتشر بوتيرةٍ أسرع بكثير ممّا كانت عليه في السّابق.
وهُنا خطورة الأمر.
وكانت لجائحة كورونا، الحصّة الأكبر في انتشار هكذا نوع من المقامرة، لاسيّما في لبنان، بعد أن جلس معظم شبابنا في منازلهم، وارتفع يومذاك معدّل البطالة من 11.4% عام 2019، إلى 29.6% في نهاية العام 2022.
ألعاب الميسر مهرب للمواطنين اللبنانيين
تُعتبر ألعاب الميسر الإكترونية، مهربًا للعديد من الشباب، لسبب كسبهم ما يُسمّى "المال السهل".
هكذا شرح بيتر، أحد مدمني ألعاب الميسر ليخبرنا عن واقعه المرير الذي عاشه لفترة العامين، معتبرًا أنّ السبب الرئيسي وراء إدمانه المقامرة هي الأزمة الاقتصادية وفقدانه الشغف في العمل خارجًا.
وفي حديثه لموقع "الأفضل نيوز"، يشير بيتر إلى أنّه ليس الوحيد في المنطقة، ولا حتّى في الحيّ الذي يتّكل على المقامرة الإلكترونية لكسب لقمة عيشه، بل غالبًا ما يجتمع مع أصحابه، افتراضيًّا، ويلعبون لساعاتٍ طويلةٍ علّهم يؤمنون مأكلهم ومشربهم.
ويقول: الوضع للأسف يتطوّر من دون أن نكون مدركين خطورة الأمر.
يكون الوضع سهلًا في البداية، ونعتبرها فقط لعبة نلعبها في يومنا، ليصبح اللعب على الكمبيوتر أو الهاتف، إدمانًا منذ الساعات الباكرة حتّى منتصف الليل.
ويُردف: أحد أصدقائي باع منزله من دون علم أهله، ومن ثم وصل لمرحلةٍ صعبةٍ جعلته يفكّر في الانتحار بعد أن عرف أهله بما حصل.
وهنالك من يسرق غلّة والده، وهناك من ينهب أموال ومجوهرات والدته، وغيرها من العادات السيئة التي يكتسبها المرء.
والمُحزن، أنّنا شكّلنا عصابة تلعب هذه الألعاب لفتراتٍ طويلةٍ، إلّا أنّني شفيتُ منها بعد متابعة مختصّ.
القمار الإكتروني يؤثر على سلوك الإنسان
وفي هذا السياق، يؤكّد الأخصائي النفسي الدكتور أنطوان الشرتوني، أنّ القمار الإكتروني يؤثّر بطريقة مباشرة على سلوكيات الفرد، لأنّه وبالنهاية كل السلوكيات التّبعيّة المتكرّرة مثل المخدّرات والكحول والقمار تسيطر على سلوك الفرد، وبالتالي، يصبح حينها عاجزًا عن ترك لعب الميسر.
ولفت د. الشرتوني في حديثه لموقع "الأفضل نيوز"، إلى أنّ هنالك عددًا لا بأس به من الأشخاص، باتوا يعانون اليوم من اضطرابات نفسية، سيّما أولئك الذين فكّروا يومًا ما بالانتحار، علمًا أنّ البعض الآخر، لا يفكّرون بهذه الأمور ولو خسروا أموالهم.
لذلك، فإنّ الشخصية التّبعية تؤثر بشكلٍ كبيرٍ على كيفية تحديد مصيره.
ولعب الميسر ليس بعيدًا عن إدمان المخدرّات، ومن المُحتمل أن يصل الفرد إلى نهايةٍ سوداويّةٍ بسبب هكذا نوع من الإدمان.
فهنالك بعض الأشخاص، يصلون إلى مرحلة، يبيعون فيها أنفسهم، وذلك ممكن أن يؤدّي إلى مشاكل كبيرة.
وأردف: هنالك بعض السلوكيات الغريبة والعجيبة التي بتنا نشهدها اليوم، بسبب بعض التطبيقات والألعاب التي تُشجّع اللاعب على تحصيله أكبر عدد ممكن من المشاهدات والإعجابات، بشتّى الطرق ولو كانت مؤذية، فقط بهدف كسبه الأموال.
هذه السلوكيات تخفف من قيمته كإنسان ولا تربحُه شيئًا ما دام خسر نفسه.