نبيه البرجي_خاصّ الأفضل نيوز
من عقود قال لنا الفيلسوف الفرنسي روجيه غارودي "رهانكم على انتقال الولايات المتحدة من ضفة إلى ضفة كما الرهان على انتقال جبال البيرينه من مكان الى مكان" . الآن لا داعي لأي فيلسوف آخر ليطلعنا على ما يعنيه وجود بنيامين نتنياهو في الكونغرس , ليستقبل كما الأنبياء لا كما القتلة ...
ولنسأل "متى كان هناك شيء يدعى العرب إن في الأجندة الأميركية , أو في الذاكرة الأميركية ؟ قناعتنا أميركا إسرائيل الكبرى , وإسرائيل أميركا الصغرى . هل كان لتلك الثلة من الذئاب أن تفعل ما فعلته في غزة (هيروشيما القرن) لولا القاذفات الأميركية والقنابل الأميركية ؟
لكن الجانب الكوميدي من التراجيديا أن رهاننا , كعرب , على الموقف الأميركي في وقف المذبحة , وعلى الديبلوماسية الأميركية في العثور على الطريق أو على الطريقة للوصول الى الدولة الفلسطينية . كفى ضحكاً على لحانا , أي دولة فلسطينية , وأي ضفة غربية , وقد تم تقطيعها , لولبياً , بالسكين ؟ ألم يقل لنا صديقنا المستشرق جيل كيبل "منذ أن غادرتم الأندلس لكأنكم غادرتم الزمن" . ماذا يعني , في هذا الزمن التكنولوجي المجنون , أن نبقى على قارعة الزمن ؟ اقرأوا ما وراء السطور الأميركية المحادثات التي أجراها رئيس الحكومة الإسرائيلية مع مختلف مراكز القوى في الولايات المتحدة , وبعدما رفع من رصيده الأميركي , وكذلك من رصيده الإسرائيلي , في ذروة الصراع حول البيت الأبيض , كانت في منتهى الأهمية وقد تختزل بالتالي "حربنا في غزة لم تكن سوى المدخل الى حربنا , وهي حرب وجودية , ضد لبنان , وضد إيران ولن نخرج من خنادقنا إلا بعد تحقيق ذلك , ليسأل "هل تريدون تسليم مفاتيح الشرق الأوسط الى آيات الله ؟" . هنا يخرج علينا إليوت آبرامز بكون الإيرانيين "علقوا في عنق الزجاجة بعدما ظنوا أن تفجير جبهات لبنان والعراق واليمن سيزيد من قدراتهم التكتيكية في التعاطي مع إدارة جو بايدن , ليفاجأوا بأن لعبتهم العبثية قد تفضي الى نتائج خطيرة عليهم بالذات . أشعلوا الحرب , ثم أبلغوا الإدارة بأنهم لا يزمعون توسيعها . غريب أمر هؤلاء الذين غرقوا , وها هم يمدون أيديهم إلينا لانقاذهم" .
رجل نصف أميركي ونصف إسرائيلي، المشكلة أن رأيه هو رأي العديد من القوى الأميركية والأوروبية . الفيلسوف الفرنسي , اليهودي , برنار ـ هنري ليفي يرى أن "ما يفعله الأميركيون , والأوروبيون , وما يقولونه , ليس دفاعاً عن إسرائيل , وإنما دفاعاً عن الغرب" . هل تناهى إليكم أن يحيى السنوار يريد احتلال أميركا أو احتلال أوروبا ؟
بالصوت العالي قال زعيم الليكود إن محاولة استيعاب إيران ديبلوماسياً أقرب ما يكون الى الرقص مع الأشباح . لا طريق الى "استعادة" الشرق الأوسط إلا باستيعاب إيران عسكرياً , وإلا فقد تفاجأ الولايات المتحدة ذات يوم (وشيك) بأنها لن تعثر على موطئ قدم في منطقة يسعى الروس والصينيون الى وضع اليد عليها .
نعلم ما هي قدرات نتنياهو في اللعب على الشاشة أو في اللعب على الأرض (بالرغم من سقوطه المدوي على أرض غزة) . لذلك هو يعتبر أن المائة يوم التي تسبق الانتخابات الرئاسية الأميركية هي أيام الزلزال . جو بايدن ، وعقب تنحيه عن السباق ، بات أقل بكثير من أن يوصف بالبطة العرجاء ، ودون أن تتخلى الولايات المتحدة ، في حال من الأحوال ، عن إسرائيل كوديعة مقدسة ، أو كوديعة توراتية . اذاً ، إنه الوقت الملائم لتحقيق ما تعهد به ، غداة عملية "طوفان الأقصى" : تغيير الشرق الأوسط ...
يتردد ، لدى بعض الأوساط الديبلوماسية أنه كان يرغب في الالتقاء بكل من وزير الدفاع لويد أوستن ، ورئيس هيئة الأركان الجنرال تشارلز بروان جونيور . هذا لم يحدث ، وهذا له معناه ، لنلاحظ مدى خشية معلقي اليمين في إسرائيل من ديناميكية اليسار في أميركا مقابل جمود اليمين ، والى حد التساؤل "ما إذا كنا سنرى ، في كانون الثاني المقبل ، امرأة على كتفيها الكوفية الفلسطينية في البيت الأبيض ؟" .
بالرغم من كل الضجيج الذي أحدثه وجود نتنياهو في الولايات المتحدة عاد قلقاً . هو يعتقد أن بقاءه رهن بالحرب على لبنان . قد يحاول ، وقد ينتحر ...

alafdal-news
