كريستال النوّار - خاصّ الأفضل نيوظ
لم تترك الاعتداءات الإسرائيليّة قطاعاً إلا ودمّرته، فاللبناني "ما تهزو واقف ع شوار"، وسط الأزمات المُتلاحقة منذ انتشار وباء كورونا وصولاً إلى اليوم. أقفلت مؤسّسات عدّة، وأخرى ما زالت تعمل "عَ العقدّ"، بعد صرف عدد لا بأس به من العمّال والموظّفين بسبب العجز عن تأمين رواتبهم، كما عمد البعض إلى الاقتصاص من المعاشات لدرجة أصبح المدخول خجولاً جدًّا و"ما بطعمي عَيلة".
هذه الحال قبل الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان في الفترة الأخيرة بعد دخول الجنوب جبهة إسناد لغزّة، فما إنْ تنفّس اللبناني بضعة أشهر ظنًّا منه أنّ الحياة عادت إلى طبيعتها، إلا وعاد نَفَسُه لينقطع مع التهديدات الأمنيّة المستمرّة والتي تطال مختلف الأراضي اللبنانيّة. فما وضع العامِل اللبناني اليوم؟ وماذا عن الرواتب وخطط الطوارئ؟ يُجيب رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر: "الاعتداءات الإسرائيليّة أثّرت بصورةٍ مباشرة على العمّال في لبنان خصوصاً في الجنوب، فنحن نعرف أنّ ثمّة شريط من البلدات والقرى أصبح شبه مدمّر وبالتالي كلّ المؤسسات الموجودة ضمن هذا الشريط والآخر الموازي له، تُعاني من التدمير والخراب وعدم القدرة على العمل، والموظّفون بحالة مأساويّة، وهذا الأمر ينسحب على الجنوب خصوصاً وعلى لبنان عموماً"، لافتاً في حديثٍ لموقع "الأفضل نيوز" إلى أنّ "القطاعات كلّها تأثّرت بفعل الاعتداءات، خصوصاً السياحة، حركة الفنادق والمطاعم ودور اللهو، والمسابح، وكلّ ما يتعلّق بالنشاطات السياحيّة، وذلك بتراجع 30 في المئة في تموز، يصل إلى حدود الـ 70 في المئة في آب مقارنةً بما كان عليه في تموز وآب من العام الماضي".
ويكشف الأسمر أنّه "قبل توسّع الاعتداءات، كان هناك بحث جدي بمعالجة مسألة الأجور في القطاع الخاص، وكان البحث يدور حول رفع جديد للحد الأدنى للأجر، وعُقدت لقاءات مع الهيئات الاقتصاديّة المتمثلة برئيسها محمد شقير، حيث كنا نلتقي به في الاتحاد العمالي العام وفي مقر الهيئات الاقتصادية، وكان هناك بحث أيضاً مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بزيادة المساعدات والتقديمات التي تُعطى شهريًّا للقطاع العام وللمتقاعدين، إنما أيضاً نرى أنّ الوضع الاقتصادي المتدهور أدّى إلى تراجُع واردات الدولة"، مضيفاً: "قمتُ بزيارة لوزير المال يوسف الخليل، واستنتجتُ أنّ واردات الدولة متراجعة جداً وهذا الأمر يُجمّد كلّ الأمور ويجعلها تراوح مكانها".
ويُتابع الأسمر: "كنا نأمل بزيادات للقطاع العام وما زلنا نأمل بزيادات قبل آخر السنة، تشمل رواتب عدّة كمساعدات"، ويُشير إلى أنّ ما من أسباب أخرى معرقلة لزيادة الأجور، لأنّ الجميع متعاونٌ للوصول إلى إنصاف الطبقة العاملة في القطاعين الخاص والعام، ضمن الحدود المعتمدة لدينا، أي ما نُسمّيه "فنّ الممكن"، و"خذ وطالِب في هذه المرحلة".
هل هناك خطّة طوارئ عمّاليّة؟ يقول الأسمر: "منذ يومين أعلنّا أنّ الاتحاد العمالي العام مفتوح لجميع العمال الذين يتعرّضون لضغوط وصرف ومضايقات حتّى نتمكّن من مساعدتهم وتأمينهم عبر مفاوضات مع أصحاب العمل كي تؤمَّن رواتبهم في حال استمرار الاعتداءات الإسرائيلية، أمّا خطة الطوارئ الكبيرة فهي تُبحث مع الحكومة وسيكون لنا لقاء مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الأسبوع المقبل للبحث في خطة طوارئ في حال استمرّ الوضع على ما هو عليه في الجنوب من استمرار لتوقّف المؤسسات وبعض المعامل عن العمل، وفي حال توسّع هذا الأمر ليشمل مناطق أخرى من لبنان، فهذا بحاجة إلى خطة طوارئ نبحثها كاتحاد مع الحكومة والمعنيين فيها، وميقاتي خصوصاً".
كما يلفت إلى أنّ لبنان في الـ 2023 وفي القسم الأول من الـ 2024 سار بخطوات مهمّة في قطاعات عدّة نحو التحسن الاقتصادي، كالقطاع الصناعي الذي استرجع قوته وديناميته وجزءاً كبيراً منه وأخذ شهادات الجودة وزاد تصدير المنتجات اللبنانية بحدود الـ 15 في المئة تقريباً عن بقية السنوات، أمّا اليوم فعدنا بسبب واقع الحرب، إلى الوراء، إذ توقّف النمو ونأمل ألا تطول الحرب... و"بدنا نشوف وننسّق مع الحكومة والهيئات الاقتصادية للاستمرار بدفع رواتب العمال في القطاعين العام والخاص في حال توسّع الحرب، ومساعدة المؤسسات الاقتصادية والمعامل، هذا أيضاً يدخل في إطار سياسة الطوارئ التي ترتكز على مساعدة العامِل وربّ العمل".
وكان المجلس التنفيذي للاتحاد العمالي العام قد عقد اجتماعاً طارئاً في ١٣ آب ٢٠٢٤ على جدول أعماله مناقشة الأوضاع العمالية في القطاعين العام والخاص الناتجة عن الاعتداءات الإسرائيلية وسياسة الأرض المحروقة التي تنتهجها سلطات الاحتلال في جنوب لبنان. وقد عرض المجتمعون، وفقاً لبيان صادر عن الاتحاد، للأوضاع الكارثية في قطاع غزة والمجازر اليومية التي ترتكب في دور العبادة والمدارس ومراكز الأيواء وكذلك التدمير الممنهج للبنية التحتية الفلسطينية في القطاع والضفة الغربية.
وتمّ التأكيد خلال الاجتماع الذي حضرته الاتحادات والقطاعات العمالية في القطاعين الخاص والعام وكافة القطاعات على إبقاء جلسات هيئة المكتب مفتوحة لمواكبة التطورات، والحثّ على تعاون وأنشطة ومواقف داعمة من الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب والاتحادات العربية الشقيقة والصديقة واتحاد عمال فلسطين وذلك ترسيخاً لمبدأ مساندة الشعبين اللبناني والفلسطيني في نضالهم ومقاومتهم للعدوان. بالإضافة إلى التأكيد على الوحدة الوطنية والدعوة الى التلاحم بين كل مكونات المجتمع اللبناني والالتفات حول الجيش وتأكيد حق المقاومة والدفاع عن النفس ودعم الحكومة في هذه المرحلة الخطيرة من تاريخ لبنان والابتعاد عن المواقف المحبطة والسعي الى وحدة الكلمة بالشأن الوطني وفي عملية المقاومة والدفاع عن لبنان رغم التباينات التي تطرأ حول بعض المواضيع. والطلب من الحكومة إشراك الاتحاد العمالي العام في خطة الطوارئ المقرّة وفي المناقشات الدائرة بهذا الخصوص كونه الهيئة العمالية الأكثر تمثيلاً والجهة الأكثر تضرراً بفعل الاعتداءات والعدوان.

alafdal-news
