رائد المصري - خاصّ الأفضل نيوز
تستكمل إسرائيل عدوانها على لبنان بعد غزة والضفة الغربية، فهي تريد تنفيذ ثلاثة شروط عسكرية ردعية، تُعيد لها ما فقدته في الحرب على غزة وشعبها، تتمثل في محاولة فصل جبهة لبنان ومقاومته عن جبهة غزة، ليستكمل نتنياهو إبادته للشعب الفلسطيني، وثانياً يريد عودة المستوطنين الصهاينة الذين نزحوا من شمال فلسطين إلى وسطها، والذين باتوا يشكلون عبئا على حكومته اليمينية المتطرفة، وثالثاً إقامة منطقة عازلة أو "بافرزون" بين لبنان وفلسطين المحتلة، خلافاً لمنطوق القرار 1701 الذي انتهكته إسرائيل لآلاف المرات، وكلّ هذه الشروط تريد فرضها تل أبيب بقوة النار والحديد.
ولذلك جاء القصف الهمجي الإسرائيلي ليطال مبانيَ سكنية وقرى ومدنًا آهلة، في محاولة منه للضغط على بيئة حزب الله والمقاومة، لفرض عملية تهجير واسعة على اللبنانيين من الجنوب وليربط عودتهم بعودة المستوطنين الصهاينة إلى شمال فلسطين، وعليه فقد استكملت إسرائيل عدوانها الواسع على لبنان وعلى مراكز حزب لله، وسجل يوماً موصوفاً بالحرب من الجنوب إلى البقاع والضاحية، التي كانت محطته الفاشلة في محلة بئر العبد، حيث شنت غارة بـستة صواريخ لاستهداف قائد عسكري في حزب الله لكنها فشلت، في خضم المواجهة الجوية والصاروخية التي قالت إسرائيل إنها استهدفت 1200 هدف لحزب لله، في حين أن قصف حزب لله تخطى يافا إلى عكا وصفد وتل أبيب الكبرى، وهي أضخم عملية مواجهة منذ اندلاع جبهة المساندة اللبنانية لغزة والشعب الفلسطيني.
منذ ساعات ما بعد العاشرة من صباح يوم الإثنين وحتى كتابة هذه السطور، والوضع من الجنوب إلى البقاع يتحرك بين قصف إسرائيل لم يبقَ واديًا أو قرية أو مستشفى أو مركز إسعاف صحي، إلاَّ واستهدفه الطيران والقصف المدفعي، مما أدى إلى نزوح سكان الجنوب في محافظتي الجنوب والنبطية، الأمر الذي تسبب بسقوط مئات الشهداء والجرحى.
وقدَّرت المصادر الصحية اللبنانية الرسمية بأنَّ عدد الشهداء بلغ 492 والجرحى بـ1645 جريحاً، بينهم 24 طفلاً و42 سيدة وفضلاً عن عشرات المفقودين.
كما ردت المقاومة في لبنان وأحدثت حالاً من الهلع والهستيريا في إسرائيل، فقصفت بوابل من الصواريخ مدينة حيفا ومحيطها أهدافاً عسكرية، ما أدى إلى دخول الملاجئ حوالي 300 ألف مستوطن، كما وردت أنباء أولية عن سقوط عدد من الصواريخ في مدينة حيفا، بعد أن استهدفت المقاومة مراكز قيادية لجيش الاحتلال في الجولان والجليل الأعلى والأسفل وصولاً إلى صفد وطبريا.. وتم إغلاق المجال الجوي للكيان الإسرائيلي من الخضيرة إلى حدود الشمال حتى نهاية أيلول، لإعطاء حرية الحركة الجوية للطيران الحربي، ما يدل على نيته الاستمرار في المجازر.
إذن لبنان أمام مسار عسكري خطير، فإما عليه أن يقبل هو والمقاومة بشروط نتنياهو الأقرب إلى التعجيز، والتسليم برغبته في إقامة منطقة عازلة، وفك المسار عن المقاومة في غزة، وإما الصمود والضغط على الجراح والثبات لمنع سقوط مشروع المقاومة، وبعدها تستبيح تل أبيب كل منطقة الشرق الأوسط أمنيا وسياسياً واقتصادياً، فتصاغ الحركة الجيوسياسية في الشرق الأوسط ضمن الفلك الإسرائيلي لمئة عام مقبلة..
فهذا هو الخيار الأسلم كي لا تنتهي ويتم تصفية القضية الفلسطينية، وبعدها تدخل دولنا في معْمَعة التقسيم والحروب البينية فيما بينها...