كتبت رلى إبراهيم في الأخبار:
في قضاء بعبدا نزوح إلى القضاء ونزوح مضادّ من بعض مناطقه. ففيما تشهد المدارس الرسمية في الوسط والجرد إقبالاً كثيفاً من النازحين القادمين من المناطق المُستهدفة في الجنوب والضاحية والبقاع، فرض الموقع الجغرافي لبلدات الساحل المتاخمة للضاحية ككفرشيما والحدت والشياح وعين الرمانة هجرة إلى مناطق أكثر أماناً. معظم المقيمين في هذه المناطق اضطروا للبحث عن شقق سكنية في القضاء نفسه أو التوجه نحو جبال كسروان، ما انعكس سلباً على أصحاب المتاجر وسائقي الأجرة والحرفيين وأصحاب المصالح الصغيرة. كما وجدت المدارس الخاصة في منطقة بعبدا، كالمعهد الأنطوني ومدرسة الحكمة، صعوبة في فتح أبوابها حضورياً أمام التلامذة الذين نزحوا بغالبيتهم من الضاحية والساحل. ولعلّ «طاقة الضوء» الوحيدة تمثّلت في الاندماج السلس للنازحين الذين سكنوا في مراكز الإيواء والشقق السكنية، فكانت الترجمة صفر مشكلات.
باستثناء ما سبق، لا يختلف وضع بعبدا كثيراً عن بقية الأقضية لناحية تأثير الانقسام السياسي العمودي على الوضع الإنساني، إذ تغيب أحزاب القوات والكتائب والكتلة الوطنية والأحرار والنائب المستقيل من التيار الوطني الحر آلان عون عن المشهد بشكل تام. غير أن اللافت هو غياب حركة أمل أيضاً وعدم تسجيل أي نشاط لها ضمن المدارس لتقديم المساعدات والعمل على تنظيم النازحين، لينحصر النشاط في الساحل والوسط بهيئة التيار الوطني الحر التي عمدت إلى استقبال النازحين والمساعدة في توزيعهم وتوفير المتطلبات ضمن الإمكانات المتوافرة، وبادرت إلى البدء في توزيع أكثر من 300 وجبة ساخنة يومياً عبر المطبخ الميداني الذي فتحته الهيئة في «بيت الشباب» في بعبدا.
يضاف إلى ذلك تنسيق مع الجمعيات وأصحاب المبادرات الفردية لضمان وصول الدعم إلى المكان الصحيح وتفادي صبّ كل المساعدات في منطقة واحدة. ونتيجة توفر الطعام واللوجستيات بشكل دوري، حوّلت جمعية مهرجانات بعبدا الدولية التي ترأسها نادين نعمه نشاطها إلى تركيز كل جهودها على الاهتمام بالأطفال وتأمين المساعدات والحاجات الأساسية لهم. ورغم الاعتمادات التي فتحتها الحكومة للجنة الطوارئ والمساعدات الدولية التي تصل يومياً، لم يصل إلى بعبدا ولو «قشة» باستثناء تسجيل زيارات ميدانية لمندوبي الشؤون الاجتماعية لا تسمن ولا تغني عن جوع.
موازاة ذلك، ثمة نشاط كثيف يقوم به الحزب التقدمي الاشتراكي في أعالي المتن خصوصاً في مناطقه لناحية سدّ حاجات النازحين في المدارس الرسمية الواقعة هناك، وإبداء اهتمام وترحيب بالنازحين إلى تلك القرى. كما تُسجّل حركة لافتة لرئيس بلدية بزبدين بيار بعقليني المنتمي إلى تيار المردة. أما باقي البلديات، فتغيب كما الحكومة عن تحمّل مسؤوليتها رغم تعديل قانون الشراء العام لتتمكّن من الصرف وتأمين المساعدات من دون إجراء مناقصات وبسقف مالي مرتفع، إذ تكتفي غالبية البلديات عند سؤالها عمّا تفعله بالإشارة إلى أنها تعمل على تجميع الداتا والتحقق من أسماء الوافدين لبسط الأمن في القضاء.