نبيه البرجي - خاصّ الأفضل نيوز
لعله التعويض عن الهـ.ـولوكوسـ.ـت اليهودي بالهـ.ـولوكوسـ.ـت اللبناني والفلسطيني (غداً دور من العرب؟)، دون أن يرى بنيامين نتنياهو كيف انتهى مناحيم بيغن (في بطانية الصوف)، وكيف انتهى آرييل شارون (في السكتة الدماغية).
الاثنان كانا أكثر جنوناً منه، ودخلا بالدبابات إلى فناء القصر الجمهوري في لبنان، قبل أن يخرجا تحت جنح الظلام.
لا شك أن أشياء كثيرة تغيرت، على مدى السنوات المنصرمة، مع اختلاف حاد بين الظروف التي تعمل فيها إسرائيل لتطوير قدراتها العسكرية، بما في ذلك التعاون الوثيق مع الولايات المتحدة للوصول بالإمكانات الإلكترونية إلى ذلك الوضع الذي يثير الذهول، والظروف التي تعمل فيها المقاومة، بالتصدعات الدراماتيكية في الداخل، وبالحصار الرهيب الذي يرصد حتى "دبيب الهواء" على طريق طهران ـ بيروت.
وإذا كانت المقاومة قد حققت الكثير في التطوير النوعي للأداء على الأرض، فقد فعلت الكثير لتطوير تقنية الصواريخ والمسيرات، نرى كيف أن الأميركيين زودوا الدولة العبرية بأكثر القاذفات، وبأكثر القنابل، هولاً، لنرى نتائج ذلك في يوميات الحرب، لتتكرس تلك الهوة الشاسعة في موازين القوى.
في هذه الحال، هل للعنصر البشري بالإرادة الحديدية ردم هذه الهوة؟
ما يحدث في الميدان الآن أكثر من أن يكون خارقاً، صدمة في هيئة الأركان، وكمية إضافية من الجنون في رأس نتنياهو الذي يعتقد أن الضربات الكارثية التي وجهها إلى البنى القيادية، والعملانية، لـ"حزب الله" لا بد أن تؤدي، بالضربات اللاحقة إلى إزالته من لبنان، ليفاجأ بأن الحزب قد تجاوز، وفي مدة قياسية، كل الصدمات المعنوية، والعملانية، واللوجيستية، لتبدو الروح القتالية في ذروة احتدامها، لتنتقل الصدمة إلى مواقع التواصل الإسرائيليةِ ما إذا كان كل جندي يذهب إلى لبنان ينبغي أن يعود قتيلاً أو جريحاً...
ولكن هل أن إسرائيل التي تقاتل أم أميركا التي تقاتل؟
مؤشرات كثيرة تؤكد دعم واشنطن لتل أبيب لدفع لبنان لا إلى تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701، وقد تخطته الأحداث، وإنما إلى توقيع اتفاق سلام مع إسرائيل.
هذا ما تشير إليه مصادر ديبلوماسية عربية وأوروبية، لتقول أن هذه الحرب لن تنتهي كما انتهت الحروب السابقة بالحفاظ على الملابس المرقطة، وإنما بخلع هذه الملابس كلياً، ودائماً في إطار الاستراتيجية الأميركية التي تريد التفرغ لصراعاتها في الشرق الأوروبي والشرق الآسيوي.
تالياً، شرق أوسط لا يكون بؤرة قابلة للانفجار في أي لحظة
هذا أيضاً ما تتحدث عنه آراء كبار الباحثين في "معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى"، والتي تعتبر أنه آن الأوان لاستيعاب نظام آيات الله، بعدما أخفق الحصار الذي إذ أفضى إلى الاحتقان الاقتصادي الحاد لم يؤثر على المسار الجيوسياسي للجمهورية الإسلاميةِ على امتداد المشرق العربي، ومن ضفاف الخليج إلى ضفاف المتوسط.
هؤلاء الباحثون يرون أن الإيرانيين استشعروا خطورة الاحتمالات، بوجود قيادة إسرائيليّة جاهزة للذهاب، في خياراتها العسكرية، إلى حدودها القصوى.
من هنا كان التحرك الديبلوماسي الإيراني في أكثر من اتجاه، ولكن لتدور الوساطات في إطار تكتيكي بحت، دون ملامسة الواقع الاستراتيجي، وحيث الخلافات، والاختلافات الكبرى لإصرار الولايات المتحدة على الاضطلاع بدور المايسترو الوحيد في الشرق الأوسط، ما دامت المايسترو الأقوى في العالم.
الرئيس رجب طيب أردوغان بات على علم بما يجول في رؤوس الأميركيين، وفي هذا الحقبة الحساسة، لهذا آثر اللعب داخل الخطوط الأميركية.
والحال هذه ماذا يفترض بالإيرانيين أن يفعلوا، وقد لمسوا الغياب الكلي لروسيا والصين، حتى عن الحلبة الديبلوماسية؟
كلام هام لتوماس فريدمان في "النيويورك تايمز"، وهو الذي يقف على خط التواصل بين واشنطن وعواصم عربية مؤثرة.
قال "أن إيران تحتاج إلى إبلاغها بصرامة أنها معزولة، ومخترقة، ومكشوفة، وكذالك إبلاغها بأن استمرارية نظامها تكمن في التزام حدودها... كما ينبغي، بالصرامة نفسها، إبلاغ إسرائيل تطهير حكومتها من المتطرفين، ولجم الاستيطان، وبأن تعمل مع الفلسطينيين والمحيط لأن أميركا لا تستطيع حمايتها إلى الأبد"!
ماذا يعني ذلك؟ خارطة أميركا لا خارطة إسرائيل في الشرق الأوسط...