كمال ذبيان - خاصّ الأفضل نيوز
التَّدمير الممنهج لكلِّ المناطق التي يتواجد فيها تحديدًا مواطنون شيعة، والإبادة الجماعيّة تحصل لأبناء هذه المناطق، هما من ضمن مخطَّطٍ صهيونيٍّ، يهدف إلى إفراغ الجنوبِ من سكّانه، لا سيما من هم من المقاومةِ وبيئتها الحاضنة، كي لا تظهر من جديد، وهو الأسلوب نفسه الذي يمارسه في غزّة بالتّدمير والإبادة والاقتلاع، وكذلك في الضّفةِ الغربيّةِ، التي تعرَّضت لاعتداءات إسرائيليّةٍ أدَّت إلى استشهاد العشرات من المقاومينَ، وتدمير منازل وأحياء ومؤسَّسات.
فالمشروع الصهيونيُّ والذي كشف عنه رئيس حكومة العدوِّ الإسرائيليِّ بنيامين نتنياهو في الأمم المتحدة، هو إقامة "شرق أوسط" يسود فيه الازدهار والتَّقدّم، وهذا يتطلَّب اجتثات إيران ومشروعها في المنطقةِ عبر حلفاء له، يشكِّلون "محور المقاومة"، وهو نقيض لوجود "إسرائيل الكبرى" التي ستقود "الشَّرق الأوسط" النّعمة، في وقت سيكون مصير كلّ من في المشروع الإيراني هو النَّقمة والفقر والتَّخلف والاستبداد.
من هنا فإنَّ التَّدمير الذي يتبعه العدوُّ الإسرائيليُّ في لبنان، ومستمرّ فيه بغزّة، للإشارة إلى أنَّ هو ما ينتظر كلّ من هو في محور المقاومةِ الذي تقوده إيران وفق مزاعم العدوِّ الإسرائيليِّ، الذي يربط الازدهار بسلام يقوم بين الأخوة "الإسلاميّة - اليهودية"، التي أعلن عن وجودها نتنياهو في خطابه أمام الأمم المتحدة، فتحدَّث عن اتفاق أبراهام الذي وقَّعته دول عربيّة، لا سيَّما في الخليج، وكيف يعيش المسلمون واليهود بمحبة ووئام بين بعضهم، وقد بنت الإمارات العربية المتحدة، كنيسة وكنيس ومسجدًا، للتأكيد على هذه الأخوة بين الدّيانتين الإسلاميّة واليهوديّة، وهما يتجدَّران من الإبراهميّة، التي أسَّسها "أبو الديانات التوحيديّة" ابراهيم الخليل الّذي أنجب ولدين هما اسماعيل واسحق.
وهذا السَّرد، للإشارة إلى أن العدوَّ الإسرائيليَّ، الذي يجهد رئيس حكومته نتنياهو، إلى أن يكون "الشَّرق الأوسط " خالٍ من الحروب، وهذا لا يحصل مع وجود مقاومة على كلِّ خارطة ساحات المقاومة وجبهاتها، التي يقول نتنياهو أنه يقاتلها على جبهاتٍ سبع تمتدُّ من غزّة والضّفةِ الغربيّةِ في فلسطين إلى لبنان فسوريا والعراق واليمن وإيران، وأعطى لهذا المحور صفة "النقمة" التي يجب أن تزول عن شعوبها بإلقاء السَّلاح والتَّوجّه نحو السَّلام كما يزعم نتنياهو.
من هنا فإنَّ تهجير المواطنين الشِّيعة، من مدنهم وبلداتهم وقراهم وتدمير مؤسَّساتهم، وتحويل حياتهم إلى نقمة، من رفع الرَّاية البيضاء والاستسلام وإلقاء السِّلاح الَّذي لم يأتِ عليهم إلَّا بالدَّمار والخراب، في رواية إسرائيليّة، لا تتحدَّث عن ما أصاب الكيان الصّهيونيّ من تدمير وتهجير لآلاف المستوطنات، واستمرار الحرب لأكثر من عام، في وقت كان الجيش الإسرائيليّ يُنهيها بأيّام، إضافةً إلى الوضع الاقتصاديِّ السَّيئ داخل الكيان الغاصب، الذي هجره نحو أكثر من مليون يهودي إلى الخارج، وإبقاء نحو ثلاثة ملايين مستوطن مستنفرين قرب الملاجئ في حالة من الرُّعب والهلع، أثَّرت على الحالة النَّفسيّة للإسرائيليين.
فتغيير الدّيمغرافيا في لبنان، بإبعاد السّكّان الشّيعة عن الحدود مع فلسطين المحتلّةِ إلى خارج محافظتي الجنوب والبقاع - الهرمل، كما الضاحية الجنوبية لبيروت، إنما للتَّخلّي عن المقاومة، التي التفَّ سكّان هذه المناطق، وأعطوها ثقتهم بأنها تقودهم إلى التَّحرير والنَّصر كما حصل في عامي ٢٠٠٠ و٢٠٠٦، وهي في هذه الحرب ستنتصر أيضًا، بعدم تحقيق أهداف العدوّ، الذي أعلن بعض المسؤولين فيه، بأنَّه في أي اتفاق لوقف الحرب سيتضمن بندًا هو عدم عودة النّازحين إلى مناطقهم في لبنان، وهذا شرط لن يحصل لأن "حزب الله" وعد العدوَّ بأنَّ عددَ مستوطنيه من النَّازحين سيزداد وأنَّ في الميدانِ من سيصرخ أوَّلاً.