تهتمّ الكويت، تاريخياً، بالمل٠اللبناني. بإمكان شخصيات لبنانية سياسية واقتصادية وثقاÙية وإعلامية ودينية أن تروي الكثير عن العلاقات الوطيدة التي جمعت الإمارة الخليجية الأكثر انÙتاØاً (لم تعد كذلك الآن) بلبنان. ÙˆØكايات اللبنانيين منذ أوائل خمسينيات القرن الماضي كثيرة عن الكويت، كما هي Øكايات الكويتيين عن لبنان، من رجال العائلة الØاكمة الى قياداتها على اختلاÙهم، الى المواطنين الذين ظلّوا على الدوام من أكبر Ùئة من الملاكين والمستثمرين العرب ÙÙŠ أسواق المال والأعمال.
ÙÙŠ Ùترة ما بعد الØرب الأهلية، كان للكويت دور ÙÙŠ التواصل. لم يقتصر الأمر على الجهات اللبنانية Ùقط، بل شمل قيادة منظمة التØرير الÙلسطينية، والأØزاب اليسارية التي كان لديها ØÙ„Ùاء ÙÙŠ الكويت Ù†Ùسها. ولطالما تمثّلت صØاÙØ© الكويت بالصØاÙØ© اللبنانية، وعمل صØاÙيون لبنانيون ÙÙŠ معظم المؤسسات الإعلامية الكويتية. وكان للبنان دور كبير ÙÙŠ المجال الثقاÙÙŠ هناك أيضاً.
ÙÙŠ السنوات الأخيرة من ثمانينيات القرن الماضي، كان للكويت، بشخص أميرها الراØÙ„ ØµØ¨Ø§Ø Ø§Ù„Ø£Øمد الذي ربطته ÙˆÙريقه المساعد (بمن Ùيهم الأمير الØالي نوا٠الأØمد الذي شغل منصب وزير الخارجية) علاقات مع كل القوى والقيادات اللبنانية، من بينهم الرئيس ميشال عون الذي كان الطر٠الأبرز ÙÙŠ المعادلة التي لم تصل الى نتيجة قبل التأسيس لمؤتمر الطائ٠الذي أنهى الØرب ÙÙŠ لبنان. ÙˆØÙظ اللبنانيون للكويت جميلها ليس على هذا الصعيد ÙØسب، بل على صعيد المساعدات الكبيرة التي Ù‚Ùدمت ÙÙŠ مجال الإعمار وإزالة آثار الØروب الإسرائيلية. ولم تكن مصادÙØ© أن يبادر صاØب الصدقية الأكبر ÙÙŠ تاريخ لبنان، الرئيس سليم الØص، ليكون أول مسؤول عربي يعلن إدانته غزو العراق للكويت، كما وق٠لبنان بقياداته وأØزابه وإعلامه الى جانب الكويت ÙÙŠ Ù…Øنتها تلك. وهو أمر ظل Ù…ØÙوراً ÙÙŠ ذاكرة الكويتيين أيضاً. وتمثّل ذلك ÙÙŠ الموق٠السياسي لرجال الØكم ÙÙŠ الكويت من مسائل إشكالية ÙÙŠ لبنان، مثل موضوع المقاومة ضد الاØتلال الإسرائيلي، Ùبقيت الكويت تشهد أصواتاً عالية مندّدة بالاØتلال والعدوان الإسرائيليين وداعمة للمقاومة.
اليوم، لم تعد الكويت كما كانت. لا يعني هذا أنها صارت معادية للبنان. لكن دورها تقلّص ÙÙŠ ظل التغوّل السعودي الذي ضرب كل هوامش دول الخليج العربية، بما ÙÙŠ ذلك سلطنة عمان، ÙˆØاصر النÙوذ الإضاÙÙŠ الذي انتزعته قطر لنÙسها. ÙˆÙÙŠ أيامنا هذه، نشهد انسØاقاً خليجياً كاملاً أمام آل سعود، Øتى صار على من يريد من هذه الدول أن يبادر الى خطوة ما أن ينسق مسبقاً مع Øكام الرياض، وألّا يقوم بأي خطوة تزعجهم. ووصلت الضغوط على الكويت بشكل خاص، إلى Øدّ مطالبتها بخطوات عملانية ضد خصوم السعودية ÙÙŠ لبنان كما ÙÙŠ بلدان أخرى. وهو ما دÙع Øكّام الكويت الى خطوات يعر٠الجميع أنها ليست نابعة من قرارهم الذاتي أو أنهم راضون عنها تماماً، ÙƒØ§Ù„Ø³Ù…Ø§Ø Ø¨Ø®Ø±ÙˆØ¬ أموال كثيرة من الكويت لدعم المجموعات التكÙيرية ÙÙŠ سوريا بØجة الدعم الإنساني، أو القيام بØملة إعلامية وقضائية ضد لبنانيين وكويتيين بØجة دعم Øزب الله ÙÙŠ لبنان.
أخيراً، بدا للجميع أن هناك مشكلة جدية مع لبنان، وأن معظم العواصم العربية والدولية لم تعد تمثل وسيطاً يقبل به كل اللبنانيين. السعودية، كما الإمارات والبØرين وقطر، صارت أطراÙاً ولو أن بينها تنازعاً، كما هي Øال سوريا ومصر ومؤسسة الجامعة العربية، Ùضلاً عن الغربيين من أوروبا وأميركا وصولاً الى الشرق. لكن السعودية، على وجه التØديد، تعي أنه لا يمكنها إقÙال الأبواب جميعاً. وهي، بخلا٠كل Ø§Ù„ØªØ¨Ø¬Ù‘Ø Ø§Ù„ØµØ§Ø¯Ø± عن مسؤولين Ùيها أو عن مرتزقتها ÙÙŠ لبنان، تØتاج الى من يقوم بخطوة ما. Øتى الغربيّون الذين لا يرغبون ÙÙŠ تخÙي٠الضغط عن لبنان، يدركون أن الØماقات السعودية قد تؤدي الى التدمير لا الى تØقيق التوازن المطلوب من هذه الدول مع الÙريق الذي يقوده Øزب الله. وعليه، لا يجد الجميع الآن سوى الكويت والجزائر كوسيطين Ù…Øتملين، سواء ÙÙŠ ما خص معالجة الأزمة مع لبنان أو Øتى مع سوريا. ولذلك كان من الطبيعي للجانب الكويتي أن يستجيب لطلبات سعودية معلنة وغير معلنة، مع تشجيع من الغرب للقيام بما يمكن أن ÙŠØدّ من التدهور الØاصل على أكثر من صعيد.
Øتى الغربيّون الذين لا يرغبون ÙÙŠ تخÙي٠الضغط عن لبنان يدركون أن الØماقات السعودية قد تؤدّي إلى التدمير لا إلى تØقيق التوازن مع Øزب الله
ÙÙŠ الجانب اللبناني، لا يمكن اليوم الØديث عن مشكلة قائمة بين الكويت وأي Ùريق ÙÙŠ بيروت. ÙˆØتى Øزب الله الذي يتعرّض Ù„Øملة زائÙØ© يعر٠Øقيقة الأمر، وهو لطالما ميّز الكويت عن بقية دول الجزيرة العربية. كما هي Øال بقية القوى اللبنانية. وبالتالي، لا يبدو أن بين اللبنانيين من يمانع أن تقوم الكويت بدور Ù…Øوري ÙÙŠ معالجة جوانب كثيرة من الأزمة، سواء ما يتعلق منها بالأزمة المÙتعلة من قبل الجانب السعودي والتي تؤثر على علاقات لبنان بعدد غير قليل من الدول العربية (دول مجلس التعاون، إضاÙØ© الى المغرب والأردن ومصر)ØŒ أو Øتى أن تؤدّي الكويت دوراً توÙيقياً بين القوى اللبنانية Ù†Ùسها، والتي تجد Ù†Ùسها جميعاً اليوم من دون مرجعية خارجية مقبولة بالØد الأدنى لإدارة Øوار Ù…Ùقود، ÙÙŠ ظل الانقسام الØادّ الداخلي الذي يعطّل Øتى مبادرات رئيس الجمهورية لتنظيم Øوار وطني Øول المسائل الخلاÙية.
وسط هذه المناخات، كلّÙت السعودية، بالتشاور مع دول مجلس التعاون، دولة الكويت القيام بمبادرة خاصة تجاه لبنان. لكن المشكلة ÙÙŠ أن «Ø§Ù„مبادرة» تتضمّن مطالب غير واقعية ÙÙŠ معظمها، بل هي تمثّل جوهر البنود الخلاÙية بين اللبنانيين أنÙسهم، وبين لبنان ودول عربية وغربية تريد تصÙية المقاومة ونزع سلاØها، وضمّ لبنان الى الجبهة التي تقودها السعودية. وهي مطالب لا يمكن لأيّ طر٠ÙÙŠ لبنان ادّعاء أنها تمثّل إجماعاً، إضاÙØ© الى أن تنÙيذها لا ÙŠØتاج الى Øروب أهلية بل الى Øرب إقليمية، وربما كونية، ضد لبنان، وليس Ù…Øسوماً أن تصل الى نتيجة غير دمار البلد.
إبراهيم الأمين
جريدة الأخبار