نوال أبو حيدر - خاصّ الأفضل نيوز
يُلقي التفلّت الأمني بظلاله على المشهد اللّبناني الداخلي، بعدما ارتفع عدّاد الجرائم بشكلٍ غير مسبوق في الأسابيع الأخيرة، منذرًا بتداعيات خطيرة على الاستقرار الأمني في لبنان.
وبعد سلسلة الجرائم التي وقع ضحيتها كل من جورج روكز صاحب معرض السيارات، أميل حديفة من مزرعة يشوع، الأرشمندريت أنانيا كوزانيان في بصاليم، الشاب خليل خليل في فاريا، جميعها تثير قلقًا واسعًا في الأوساط الاجتماعية والاقتصادية.
وبدوره كان قد شدّد وزير الداخلية اللبنانيّ في حكومة تصريف الأعمال،، بسام مولوي، على أنّ "الأجهزة الأمنية تقوم بدورها، والجرائم التي تحصل لا طابع أمنيٍ لها إنما جرائم جنائية يعود أغلبها لأمور نفسيّة أو عصبيّة".
جميع هذه التطورات أثارت ردود فعل غاضبة من قبل الشعب اللّبناني الذي عانى وما زال يعاني حتّى اليوم، ولا شك في أن المواطنين اللبنانيين الذين فرحوا بانتخاب رئيس للجمهورية بعد شغور طويل، أصيبوا بالذهول نتيجة التفلّت الأمني الواضح، وبدأوا يطرحون علامات استفهام حول ما يحصل.
مصادر مطلعة تقول عبر موقع "الأفضل نيوز" إنّ "التفلت الأمني يمكن أن يعكس عدة عوامل متعلقة بالوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في البلاد، فلبنان يعاني منذ سنوات من أزمات اقتصادية خانقة وصراعات سياسية معقدة ووضع اجتماعي مزري، وبدورها قد تؤدي إلى اضطرابات أمنية نتيجة للتوترات بين مختلف الأطراف السياسية والطائفية، بالإضافة إلى تأثيرات الأزمات الإقليمية".
وتضيف: "انتخاب جوزيف عون رئيسًا للجمهورية قد يساهم في محاولة استعادة الاستقرار، ولكنه قد لا يكون حلاً فوريًا لمشكلة التفلت الأمني ما لم يتم اتخاذ إجراءات شاملة لتأمين دعم جميع الأطراف السياسية وضمان تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والقانونية".
من هنا، تعتبر المصادر أنّ "حلّ هذه المشكلة يتطلب خطوات متكاملة، سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، كإصلاح النظام السياسي والتوافق بين القوى السياسية على رؤية وطنية مشتركة تعطي الأولوية للمصالح العامة بدلاً من المصالح الطائفية، كما ودعم دور المؤسسات القضائية وتفعيل استقلالية القضاء ما يسهم في محاربة الفساد ومحاسبة المسؤولين، أضف إلى استعادة الثقة بالدولة، إلى جانب تعزيز وتفعيل دور الجهات الأمنية المسؤولة وقدراتهم لتعزيز الاستقرار".
ولأنّ دور القضاء في لبنان لا يقتصر فقط على تطبيق القوانين، بل يمتد ليشمل توفير بيئة قانونية تحترم حقوق الإنسان وتضمن العدالة لجميع المواطنين، بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية أو الطائفية وبإعادة بناء الثقة بدولة القانون، لذا تشدّد على أنّه "إذا تم تحقيق استقلال القضاء وتعزيز كفاءته، يمكن للبنان أن يبدأ في استعادة الثقة في مؤسساته وأن يُشَجِّع على الاستقرار الأمني فيه".
ولم تنكر المصادر نفسها أنّ "الأزمات الاقتصادية ساهمت بشكلٍ كبيرٍ في التفلت الأمني، لذلك لا بد من اتخاذ خطوات عملية وفعالة لإنعاش الاقتصاد اللبناني، وتفعيل خطط الإصلاح الاقتصادي".
وتختم: "من الممكن أن تؤثر جميع هذه الإصلاحات بشكلٍ إيجابي على الوضع الأمني، ومما لا شكّ فيه أنّه تحقيق الاستقرار الكامل يتطلب تضافر الجهود على الأصعدة السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية، وبالصبر والإرادة الصلبة تبدأ مرحلة المعالجة الجدية".